فى السهرة التى أحياها ولدنا عمرو أديب وزميلنا أحمد موسى حول أيمن نور وحدوتة الخروج وما يقال فى الشارع المصرى، تطرق الحديث إلى انتخابات الرئاسة، وهل يرشح نفسه للمرة الثانية، وهل هذا يهدد ترشيح جمال مبارك! أحسست بأن الحديث لا يليق بذكاء عمرو أديب وأحمد موسى، فإن جمال مبارك لو ترشح ولن يكون هناك توريث بالطبع فهو مرتب الأوراق بل ومحسوب الأصوات من الآن حيث الحزب يكفى لنجاحه وربما اكتسابه لحنكة سياسية وتجواله فى المحافظات وانحيازه المتعمد للفقراء بداية من جمعية المستقبل التى تملك أكبر قدر من المعونات الخارجية كرهان لاستمرارها ووصوله إلى القرى شديدة الفقر، هذا كله يوصله بسهولة ويسر إلى كرسى الرئاسة بلا تزوير فى الانتخابات، حيث الأصوات أصبحت سابقة التجهيز وبخطة محكمة لن تجعل لأيمن نور أو غيره طريقاً للتواجد فى «انتخابات الرياسة». أما مناقشة مسألة خروج أيمن نور المفاجئ، الذى لم يترك له حتى فرصة توديع زملائه ومحبيه فى السجن أو لملمة حاجياته فهى ليست فى حاجة للمناقشة، ويمكن أن يعود إلى السجن بالطريقة نفسها بعد أن يكون الغرض من الخروج قد انتفى تماماً، ولو أن الغرض محتاج إلى أعوام لتثبيت الأقدام فى حقل الديمقراطية وحديقة حقوق الإنسان. ولعل الربط بين خروج الدكتور أيمن نور، الآن، والتشدد فى عدم خروجه، رغم تعرضه لأكثر من مأزق مرضى شديد، وبين انتهاء رئاسة بوش واعتلاء أوباما عرش الإدارة الأمريكية يوحى بوضوح بانفراج الباب بيننا وبين إدارة أوباما، خصوصاً أن الإفراج حدث بعد زيارة أبوالغيط لواشنطن بشكل مباشر. والعجيب أنه كان من الممكن، ذراً للرماد فى العيون، أن يتأجل الإفراج لأسبوع مثلاً ولكن إيقاع الحياة السياسية وفرحة الانفراج عجلت بخروج الدكتور أيمن نور إلى بيته، ولكن هل ستكون كل إجراءات اللحاق بركب حقوق الإنسان فى مصر سريعة مثل خروج أيمن نور؟ هل سوف تهدأ وتنحنى إلى الخلف مداهمات الدكتور سعد الدين إبراهيم كشخصية ارتبطت بسجن أيمن نور؟ وأرى أنه ذكاء من الدولة ما بعده ذكاء لهذا الخروج المفاجئ، والذى لم يترك للرجل فرصة حتى جمع حاجياته وأدويته، رغم أن الإفراج صحى! ذلك لأنه يمكن أن يعود إلى السجن بعد فترة بالذكاء نفسه والأسلوب نفسه، لأن الإفراج الصحى لم يخرجه من مأزق السجن الجنائى وظل الحبل ملضوماً ومعلقاً فى يد الدولة.. هذا الحبل الذى سوف يحاول أيمن نور أن يرخيه إذا شدته الدولة، ويشده إذا أرخته الدول، كما يحدث الآن. والغريب أن كل مقالات أيمن نور التى كانت تخرج من السجن بعد قراءتها وتصويرها وإرسالها إلى أولى الأمر لم تكن خافية على أحد، بل كانت أحد الدفوعات عن الدولة فى مسألة حقوق الإنسان وجزءاً من ديمقراطية السجن وحرية السجين فى التعبير عن رأيه. وقال السيد شوقى السيد، المحامى، من واقع القوانين إن أيمن نور لا يمكن سقوط الشق الجنائى عنه إلا بعد أحد عشر عاماً، فلو كان الإفراج سياسياً وليس صحياً فحتماً على علماء القانون أن يجدوا مخرجاً لأيمن نور حتى تضمن مصر تحقيقها لحقوق الإنسان من خلال الإفراج عن أيمن نور بكل حقوقه وليس كأنه السجين الحر الذى لم تبرأ ساحته ويبقى ثوبه ملطخاً بتهمة التزوير!! مما يقف حائلاً دون ممارسته حقوقه السياسية كاملة حتى حق الانتخاب وليس الترشيح فقط. عموماً تبقى مكرمة للدكتور أيمن نور لن ننساها له أبداً وربما كانت هذه المكرمة هى الخطوة الأولى على طريق الديمقراطية فى مصر حينما فاز بأكثر من مليونى صوت فى انتخابات الرئاسة، بينما فاز السيد الرئيس بأكثر من سبعة ملايين صوت مما مسح عن وجه مصر شبهة التزييف فى الانتخابات التى ظلت تحتفظ بها ويعلنها وزراء الداخلية بكل فخر 99.9٪ عبر سنوات الثورة.. لعل الدكتور أيمن نور استطاع بهذين المليونين أن يدخل مصر التاريخ بأصوات كانت صادقة بلا جدال، رغم التكاليف الباهظة التى دفعها السيد أحمد عز فى السبعة ملايين التى حصل عليها الرئيس. ولعلى أصدقكم القول، إن خروج الدكتور أيمن نور بهذه الطريقة يمكن أن يعيده ثانية بالطريقة نفسها بعد أن تثبت الدولة شفاءه!! أما مسألة انتخابات الرئاسة فهى ليست من شروط الإفراج!!