المرحوم الدكتور فؤاد محيى الدين، له عندى حق عرب، ولم أكن أعرف ذلك حتى تلقيت صباح أمس اتصالاً من وزير شهير عمل مع محيى الدين، ومع خمسة رؤساء وزارة آخرين، فأحب اثنين، واحترم اثنين أحدهما الدكتور فؤاد، واحتقر على حد تعبيره اثنين آخرين!! وكنت قد قلت، أمس الأول، إن فؤاد محيى الدين، قد انقلب سياسياً من النقيض إلى النقيض، خلال 34 عاماً من حياته.. ففى عام 1952 بكى فى رسالة إلى أحد أصدقائه فى ألمانيا، على صدور قرار إلغاء الأحزاب، عقب قيام الثورة وكان يرى فى القرار عن حق بداية المأساة فى مصر.. وحين أصبح رئيساً للوزارة، عام 1984 لم يتقبل ما أعلنه وزير الداخلية وقتها اللواء حسن أبوباشا، بأن الحزب الوطنى سوف يحصل فى انتخابات البرلمان على 75٪ وأن سائر أحزاب المعارضة سوف تحصل على الباقى، وقال لوزير داخليته ما معناه، إن الحزب الوطنى يجب أن يحصل على 99٪ على الأقل!.. وهذا ما رواه اللواء أبوباشا، تفصيلاً فى مذكراته. الوزير الشهير يقول فى اتصاله إن فؤاد محيى الدين كان وطنياً من الطراز الأول، وكان شريفاً، وكان ابن ناس، وكان رجلاً، وكان يتحلى بكل معانى الشهامة والجدعنة، ولكنه كان «بورمجى سياسة» على حد قول الوزير.. وبهذا المنطق لم يكن يرفض فى انتخابات 1984، أن يحصل الوفد على «شوية أصوات» وعدة مقاعد، ولم يكن لديه مانع أن يحصد حزب التجمع العديد من المقاعد، ربما بحكم انتمائه أى محيى الدين إلى حركة «حدتو» اليسارية قبل الثورة.. وكان اعتراضه الوحيد، على أن يدخل أحد من الإخوان، أو غير الإخوان، ممن يخلطون الدين بالسياسة فيفسدون الاثنين! وقد جاء يوم، على «فؤاد محيى الدين» حجز فيه شقة لابنه إبراهيم، فى مدينة نصر، ثم ألغاه فى اللحظة الأخيرة، حتى لا يأتى يوم آخر، يقال عنه فيه، إنه حصل على شقة لابنه، عن طريق الحكومة... فالحمد لله الذى أمات الرجل قبل أن يجىء عليه زمن يرى البلد، وقد جرى تقسيم ثرواته وتوزيعها، دون أن يتبقى فيه للمواطن البسيط شىء اللهم إلا ما يُبْقِيه على قيد الحياة!.. وقد استراح كثيرون بموت فؤاد محيى الدين، أول رئيس وزراء مع الرئيس مبارك، لأنه كان رجلاً يملأ مكانه، ومثل هؤلاء الرجال لا يكونون فى العادة موضع ترحيب فى العمل العام!.. فتدهور الحال، من بعد، حتى جاء رئيس وزراء آخر، فقال علناً إنه مع وزرائه، بمثابة سكرتارية الرئيس، فقال له أحد الوزراء وقتها: تكلم عن نفسك!