كان يا ما كان.. كان فيه زمان.. صحافة «بيخاف» فيها الصحفيون من الكتابة بأسمائهم.. يعنى كان الصحفى يكتب فى جريدة باسمه، وفى جريدة «تانية» باسم مستعار.. وكنت أقرأ تلك الأسماء المستعارة فأبحث عن أصحابها الأصليين.. كنا نضحك على هذه الشجاعة «الخايبة».. وكنا فى أحيان أخرى نسخر من أولئك البلهاء الذين يخجلون من أسمائهم فيكتبون بأسماء وهمية.. أذكر هذا «الشاكوش» الذى كان يكتب فى جريدة «الكورة والملاعب» كلاما فارغا ورسائل تفوح منها رائحة الابتزاز.. طاردت الأستاذ المرحوم «حمدى النحاس» لأعرف مَنْ هذا «الشاكوش»، وأعترف بأنى فشلت لفترة طويلة.. حتى كان يوم صارحنى وكاشفنى باسمه.. بل سلمنى واحدة من مخطوطاته «الخايبة» بخط يده – أحتفظ بها – ومضى الزمان.. وتغير المكان.. لكن يا مصر إنتى.. أصيلة زى ما انتى.. واستمر «الشاكوش» يحاول دق المسامير الصحفية.. نجح فى الظلام.. حاول الاستعراض فى وضح النهار.. فإذا بمسمار يقلب نفسه ليدخل فى قدمه ويصيبه بالذعر!! دعونا من «الشاكوش» وحكاياته.. وتعالوا نسأل أنفسنا لماذا لمع «أنور وجدى» ككاتب فى زمن ديمقراطى؟.. ولماذا خطف ما يسمى «بجدول الضرب» الأنظار رغم الحصانة التى يملكها؟.. ثم اختفى خجلا وفشلا.. وكيف تألق المدعو «المصرى» فى كتابة رسائل تلغرافية بلهاء وعبيطة تضحكنا على كاتبها بأكثر من قدرتها على تفجير السخرية من الشخصيات التى يتناولها.. فهذا سلوك الصحافة فى القرن التاسع عشر، ولم تلفظ أنفاسها فى القرن العشرين بفارق التطور والتحضر بيننا وبين الذين يعرفون الصحافة الحقيقية والجادة والمحترمة. «قصار القامة» الذين نصَّبوهم رؤساء لمجالس إدارات ورؤساء لتحرير الصحف القومية.. لا يخجلون من التلسين والهمز واللمز وكتابة حكمة اليوم على أنها افتتاحية الصحيفة.. يرعبهم أن أمواج الديمقراطية والحرية حملت السباحين والقادرين على مواجهة الأمواج، فاختاروا التصدى لهم بأسلوب ومنهج «صائدى الفريسة» فى الليل دون خجل من جريمتهم الإنسانية.. فالصغار ينعشهم قتل المواهب بالقرار الإدارى.. والبلهاء إذا شاهدوا «الأهرام» يعتبرونها مجرد حجارة شامخة.. فهم لا يدركون معنى التاريخ والحضارة والتطور والموهبة والقيمة والقامة.. لإيمانهم بأن قيمتهم فى قرار إدارى يوقعونه، وقرار إدارى ينقلهم من العدم إلى الوجود.. وبالفكر والنهج ذاته يفرغون ما فى جوفهم من كلمات على الورق.. وإذا أصابتنا حالة القرف.. حقت علينا اللعنة.. نحن الموهوبين ربما لأننا نرفض أن نكون «الشاكوش» أو «جدول الضرب» أو«المصرى» ولهم كلمات الفاجومى «أحمد فؤاد نجم» هدية يستحقونها: «جتكوا فضيحة.. يا طبقة سطيحة».. ولا عزاء لكم فى الحرب على غزة!! ذكاء قارىء «المصرى اليوم» يؤهله لهجرة الأصنام.. أملا فى «الشروق» لشمس يوم جديد.. فهذا زمن «الدستور».. عندما تلوح فى الأفق صحافة «اليوم السابع».. وإذا كان هناك «الفجر» بعد أن طال انتظاره.. بالعربى كدة راحت على «الشاكوش» ورفاقه من جيل المستقبل الجديد، بعد أن نجحوا فى تحقيق أحلامهم بقتل المريض بعد جراحة ناجحة!! الكلام يحمل معنى فى بطنى، باعتبارى صحفيًا مارقًا يحترم اسمه ومهنته وبلده.. ويرفض تسول آلاف الجنيهات من الذى ينهب الملايين!! واعتزازى بذاتى يرعبهم.. وتضاؤلهم مع رعبهم أمام الموهبة يفرحنى.. فبكل غرور أقول: «أنا القادم فوق القضبان أجلجل».. فالقطار لا يمكن أن يدق رأسه «الشاكوش».. ورحمة الله على أستاذى «حمدى النحاس» لأنه لو كان بيننا لأصاب الرعب السذج والبلهاء.. وقد يصيبهم الجنون ليدخلوا «السرايا الصفراء»!! [email protected]