فى البداية ظننتها نُكتة سخيفة، يتندر بها بعض أبناء الدقهلية لكن تبين لى أنها حقيقة واقعة. فيروى أن نواب شعب الدقهلية قد انسحبوا من المنصة، التى كان يتصدر الجالسين فيها الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، أثناء أحد العروض التى قدمها طلاب جامعة المنصورة ضمن فعاليات أسبوع شباب الجامعات التاسع، لأن رئيس الجامعة د. أحمد بيومى شهاب الدين، لم يهتف بأسمائهم، ولم يُصفق لحضورهم، بل لعله لم يُعلن على الملأ سعادته بوجوههم الجميلة، وأجسامهم الرشيقة، ومناكبهم العريضة، أقول فات رئيس الجامعة أن يحجز لهم المقاعد الأمامية لكى يتراص فيها «البودى جارد» وأتباع النواب النبلاء «وهم كُثر».. ثم إذا كان الدكتور نظيف - محظوظاً - فقد يعثر على مقعد خال يقع فى الخلفية وراء السادة النواب! المؤلم أنها ليست نكتة كما ظننت، فنواب الدقهلية الأعزاء - ما عدا شخصًا أو شخصين من بينهم النائب الجوجرى - لم يؤثر عنهم أى عمل أو تصرف أو سلوك، عاد بنفع من أى نوع على شعب الدقهلية الذى يمثلونه، ولو نظرياً، وكل همهم هو أن تُعلن أسماؤهم فى سرادقات الأفراح أو العزاء.. ولا شىء بعد ذلك! فمثلاً غاب عن بالهم أنهم ليسوا «ضيوفاً»، ومنذ متى يُصبح المرء - أيا كانت صفته - ضيفاً فى بيته «الدقهلية»، فالأجدر أن يكون السادة النواب فى استقبال رئيس الوزراء والمرافقين له، وأن يقفوا على راحتهم والترحيب بهم، بل أكثر من هذا، ما كان ينبغى أن تكون لهم مقاعد - بالأساس - لا فى مقصورة رئيس الوزراء ولا فى مقصورة رؤساء الجامعات والأساتذة العلماء، فقديماً تذكر الحكمة أن سيد «أو نائب» القوم هو خادمهم والساهر على راحتهم، والمُعبر بلسانهم، والمرحب بضيوفهم! والسادة النواب «الأعزاء»، لم يكونوا ضيوفاً، فالضيوف هم: رئيس الوزراء ومرافقوه فقط، والمؤسف أيضاً أنهم لم يلتفتوا لهذا الأمر الذى أوقعهم فى حرج، وليتهم هنا يتخذون من الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، المثل والقدوة، فهو المتواضع رغم علمه وقامته، وهو المُرحب بالصغير قبل الكبير، رغم أنه الأجدر بالترحاب، ثم هو القريب من القلوب وليس المُتعالى تيهًا، وغرورًا على الناس! ولست أدرى هل يعلم النبلاء «نواب الدقهلية» أن هذا الموقف كان مناسبة طيبة ليطرح شعب المنصورة والمدن والقرى المجاورة لها، السؤال التالى: ماذا فعل نواب الدقهلية لها.. ما هى مآثرهم، وفى أى ميدان أو شارع أو زقاق يمكن أن نلمسها أو نراها أو نسمع عنها؟ وجاءت الإجابة على ألسنة الكثيرين «مُقبضة للنفس» فلا شىء سوى أمور ورقية «هامشية» لا معنى لها.. مثل أن يضع أحدهم لافتات كبرى فى بعض الميادين وأمام الكبارى يقرأ عليها الناس عبارات من نوع: رمضان كريم، كل عام وأنتم بخير.. أو أن تُطل علينا صور النواب، وفى الخلف تظهر صورة الدكتور فتحى سرور، رئيس المجلس، وقد يذهب نائب آخر «مثل نائب مدينة شربين»، إلى رفع لافتة فى مدخل المدينة يُطل على يمينها مُحياه الجميل، وعلى يسارها يضع صورة القائد والرئيس حسنى مبارك، وكأنه يريد أن يبعث برسالة طمأنينة إلى شعب مدينة شربين والقرى المجاورة لها، مفادها أن العلاقة بين «نائبهم» والرئيس سمن وعسل مُصفى، وربما أيضاً لكى يخاف الناس من شوكته وبأسه ولا يتحدث أحد عن مساحات الأراضى السكنية التى سيطر عليها ضمن حزام مدينة شربين بأسعار زهيدة، أو تلك الأراضى التى يُرهب أصحابها بالحديد والنار، لكى يتركوها له لتكون حلالاً زلالاً لأقاربه ولمريديه، هل يُعقل أن تكون سلوكيات كهذه هى كل ما يفعله بعض نواب الدقهلية، وهى فى جملتها لا تخرج عن حدود الاستفادات الشخصية. ويهمس آخر ليقول: إن أحد نواب هذه المحافظة العريقة صدر حكم المحكمة رقم 645 لسنة 75 ق، والمقدم من الدكتور حسين خضير، ليؤكد بطلان الانتخابات، وأن إعلان فوز النائب السيد البدوى شامة، يخالف الواقع والقانون، ورغم هذا الحكم الواضح والمخالفة القانونية الصريحة، فمازال هذا النائب يغتصب مقعده فى مجلس الشعب وهو يلهو غير عابئ بشىء! بل إن كل مآثر نائب آخر «هو نائب مدينة طلخا»، أنه بترتيب مع المحافظ السابق وقع عقداً طويل الأمد لمساحة من الأراضى الزراعية «التابعة له» لتكون موقفاً لسيارات الأقاليم.. رغم أنها ليست المكان الأمثل لذلك، والحوادث والدم البرىء الذى ينزف على الطريق أسبوعياً هو خير دليل على شبهة التواطؤ من أجل مصالح شخصية، ولقد جار شعب الدقهلية بالشكوى لكن لا حياة لمن تنادى، وهل يسمعك من فى القبور. باختصار: لقد فتح نواب الدقهلية على أنفسهم سهام النقد عندما تمسكوا بالقشور وتنكروا لدورهم الجماعى، «وليس الفردى»، فمآثرهم هى الأنانية فيما يتعلق بالاستثناءات التى يطلبون لأنفسهم وذويهم فى جامعة المنصورة وغيرها من مؤسسات الدولة، أما الإهمال فهو من نصيب أبناء دوائرهم الذين يعضون شفاههم ندماً على أنهم صوتوا ذات يوم لمن لا يستحق أن يمثلهم تحت قبة برلمان عريق يعود تاريخه إلى ما يقرب من مائتى عام وتترأسه شخصية قانونية كبرى يُشار إليها بالبنان «عالمياً» هى شخصية الدكتور فتحى سرور.