يعرف الدكتور هانى هلال، وزير التعليم العالى، أن الجامعات الخاصة تعيش حالة من التوتر الشديد، هذه الأيام، ويعرف أنه إذا كان لدينا 16 جامعة خاصة، حتى هذه اللحظة، فإنها جميعاً، أو غالبيتها على الأقل، لها ملاحظات جوهرية، على مشروع قانون الجامعات الخاصة والأهلية، الذى بدأ البرلمان مناقشته، قبل سفر د. سرور، إلى الخارج، الأسبوع الماضى، وسوف يستأنف المناقشة، لإقراره، بعد عودة رئيس المجلس! ويعرف الدكتور هلال أن لجنة التعليم، فى مجلس الشورى، كانت قد أعلنت، على الملأ، اعتراضها الكامل على تمرير مشروع القانون، بصورته الحالية، وقد كان أمراً مستغرباً من اللجنة، بل ومحيراً، فى حينه، وكان المتوقع، وقتها، إما أن تكون هذه اللجنة فى مجلس الشورى قد بادرت مسبقاً إلى الاعتراض على مشروع القانون، وقت مناقشته، وليس الاعتراض بعد ذلك، بأثر رجعى كما حدث، وإما أن يبادر الدكتور هلال، من ناحيته، إلى الاجتماع باللجنة، ليسمع اعتراضاتها، وملاحظاتها، ويأخذها فى الاعتبار، حين ينتقل مشروع القانون، من الشورى، إلى الشعب، حتى لا يصدر فى النهاية، وهو موضع تحفظ كامل، من أصحاب الشأن أنفسهم، وإلا.. فكيف يمكن تطبيقه، إذن، إذا كان هذا هو حاله، مع لجنة مختصة قبل صدوره؟! وليس من المتصور - والدكتور هلال يعرف ذلك قطعاً - أن يصدر قانون بهذه الأهمية، دون أن يكون محل توافق، ولا نقول محل اتفاق بين الحكومة، ممثلة فى الوزارة، من ناحية، وبين أصحاب الجامعات الخاصة، من ناحية أخرى، حتى لا يصبح الوزير، فى النهاية، متهماً بعد صدور مشروع القانون الحالى بأنه بدد مسيرة للتعليم الخاص فى الجامعات، دامت حتى الآن 16 عاماً، منذ صدور القانون الخاص به، لأول مرة فى عام 92. لا أشك بالطبع فى نوايا هانى هلال، ولا أستطيع أو حتى أتخيل، أنه ضد أن يكون فى البلد تعليم جيد، وهو الرجل الذى قضى سنوات من حياته فى باريس، مستشاراً ثقافياً، ويعرف تماماً معنى وعائد أن يكون فى البلد.. أى بلد.. تعليم حقيقى.. ولكنى فى الوقت ذاته، لا أتصوره ديكتاتوراً، يريد أن يخرج مشروع القانون الجديد، إلى النور، غداً أو بعد غد، كما يريده هو وحده، وليس كما يريده معه، أطراف آخرون، هم بالضرورة شركاء إلى جانبه، فى التفكير، وفى النقاش الحر، وفى التوافق على تصور نهائى، يصدر به مشروع القانون، حتى لا يوافق عليه مجلس الشعب، اليوم، ثم نفاجأ فى اليوم التالى، باحتجاجات، واعتصامات، وإدانات، ترفض ما وافق عليه البرلمان! وما أعرفه، أن القانون الأول، الصادر عام 92، للجامعات الخاصة، كان محل رضا من الحكومة، ومن الجامعات فى وقت واحد.. ولذلك فليس مفهوماً أن يجرى تعديله، فى هذه اللحظة، لفرض قيود جديدة، على عمل هذه الجامعات، دون أن تكون هى موجودة فى الصورة، ودون أن توضع فى الحسبان، ودون أن يجلس الوزير معهم، ويسمع، ويأخذ، ويعطى، ويجيب، ويرد، ثم يعدّل فيما بين يديه، إذا اقتنع! يا دكتور هلال المفروض أن الجامعات، سواء كانت حكومية، أو خاصة، أو أهلية، هى أدواتك فى تحقيق هدف واحد، ولابد بالتالى أن يراعى القانون الجديد هذا المبدأ ويحققه، حتى لا يأتى يوم تترك فيه الوزارة، ويبقى القانون، ويتضرر التعليم.. وكان المتصور أن يكون للتعليم الأهلى، الذى نراه طوق النجاة الأساسى، قانونه الخاص، وأن يكون للتعليم الخاص، قانونه أيضاً، لا أن يجرى دمج الاثنين فى مشروع قانون واحد، مع ما بينهما من فارق هائل، أنت تعرفه، فى الطبيعة. وفى العائد على المدى الطويل، وفى الهدف... ولايزال هناك أمل، فى أن تطلب أنت إرجاء المناقشة، فى البرلمان، أسبوعاً أو أسبوعين، ثم تجلس مع لجنة التعليم فى الشورى، وبعدها اللجنة المماثلة فى الشعب، وبعدهما مع أصحاب الشأن فى الجامعات الخاصة، فيتكون تصور متكامل، يصدر به قانون نرضاه، وترضاه، ويحقق طموح 80 مليوناً، فى مستقبل نريده.. ولا نراه!!