من المصريين رجال يجمعون بين نانسى وهيفاء، بين الكولا والبيبسى وساندوتش هامبورجر ساخن بالبيض، ويقودون سيارات أمريكية رباعية الدفع تنبعث منها أغان زنجية بسرعة لامتناهية فى طريق السلام، ويدعون الله ركوعًا وسجودًا مخلصين بنهاية قريبة للصراع العربى الإسرائيلى، وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس حتى يشرب الكولا فى غزة، ويشاهد هيفاء تغنى فى رام الله. الطعطعة بالطاء لا أثر لها فى «المعجم الوجيز».. وبالتاء تعنى التشدد، وتَعتَعت الدابة فى الرمل أى ساخت فيه وارتطمت، وتَعتَع فلان فى كلامه أى تردد فى عىّ (والعى العجز عن التعبير)، وتعتع الشىء بمعنى قلقله وحركه بعنف. تعتع الشيخ يوسف القرضاوى، رئيس اتحاد علماء المسلمين، حملة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية، وأفتى على موقعه الإلكترونى بحرمة شراء المسلمين البضائع الإسرائيلية، وقال إن المسلم الذى لا يقاطع هذه البضائع قد أتى «كبيرة» فى الإسلام. وطالب بمقاطعة كل ما له بديل، وتساءل: ما الذى يجعلنى أركب سيارة أمريكية فى حين أستطيع أن اشترى أخرى يابانية أو ألمانية؟ لن أخسر شيئا. وتابع: فى أول الانتفاضة رأينا العجب، الصغار يقولون لآبائهم: لا يا أمى هذه بضاعة أمريكية.. حرام، ورأينا الإخوة فى الهند فى «كيرالا» يجتمعون يوم الجمعة، وكل منهم يحمل زجاجة «كوكاكولا» ويكسرها، فى إشارة إلى المقاطعة. من جانبه وصف المفتى العام للسعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ المروجين للمقاطعات التجارية لبعض المنتجات العالمية فى السعودية بالمطعطعين «بالطاء» أى المتشددين «بالتاء» فى أمورهم الدنيوية والدينية، مؤكدًا أن التبادل التجارى بين الدول جائز. وفى محاضرة فى جامع الإمام تركى بن عبدالله فى الرياض قال: «من الواجب علينا الابتعاد عن (الطعطعة).. فأنت تضر بنفسك وتضر الناس، والعالم الآن كالحلقة الواحدة لا يستغنى بعضه عن بعض، فالعالم كله كما يحتاجون لنفطك، تحتاج أنت لسلعتهم، والتهديد بالمقاطعات التجارية لبعض المنتجات لا يخدم شيئا». الفقهاء على دين ملوكهم، صاروا بعد مجزرة غزة بين متعتع ومعتدل، متعتع يحرم شرب الكوكاكولا، ومعتدل يجيزها، الكولا حرام فى الدوحة، حلال فى الرياض، لا أعرف موقف الكولا فى القاهرة، حتى ليل أمس كانوا يريقونها أنهارا على مقهى حلاوة فى المنيرة. لو اتخذت القرضاوى مفتيا وحرمت دخول الكولا البيت صرت ممانعا، من معسكر الرفض، تبع الدوحة، وأنا من الرافضين أصلاً للوجود الأمريكى على أرض قطر الشقيقة، عجيب.. القرضاوى يحرم شرب الكولا الأمريكية جوار قاعدة السيلية الأمريكية؟ وإذا اتبعت المفتى السعودى «آل الشيخ» صرت معتدلا، وهى هنا درجة سياسية وليست دينية، رخصة تشرب بها الكولا وتشاهد بها نانسى، لا أعرف موقف هيفاء فى فقه المقاطعة العربية، هيفاء لم ترد فى فتوى إلكترونية أو محاضرة فقهية، هيفاء صاروخ، نانسى كانز، البعض يفضلها كانز. بين جبلين، بين عَالمين، بين فقيهين، بين فسطاطين، بين عاصمتين (الدوحةوالرياض) يجلس المسلم القاهرى القرفصاء فى انتظار رحمة من السماء، أو فتوى اقتصادية من الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية، ولا أظنه يفعلها رفقا بالقوارير. الحلال بيّن والحرام بيّن، الكولا أمريكية ونانسى لبنانية تروج للكولا بالغمازات الضاحكات فى الوجنات اللاتى تشبهن التفاح الأمريكانى، يعنى نانسى حرام من وجناتها.