وطنى حبيبى الوطن الأكبر، يوم ورا يوم أمجاده بتكبر، وانتصاراته ماليه حياته، وطنى. . من منا من المحيط للخليج لم يسمع ذلك الأوبريت الفريد؟ إنه الوطن العربى، الحلم الذى راود الكثيرين، ولكن شهدت كلمات الأوبريت تغيرات كبيرة فى مضمونها، فكلماته فقدت معناها بمرور الزمن، فلا الانتصارات تحققت أصلاً لتملأ حياتنا، ولا الأمجاد كبرت وترعرعت، فعلى العكس، انكمش الوطن وتقلصت وحداته باحتلال العراق ومن بعده الصومال! ما تبقى من الأوبريت هو عنوانه وكلماته الأولى فقط، (وطنى حبيبى، الوطن الأكبر»، هل مازال الوطن العربى وطناً حقاً؟ هل مازال هناك عروبة تجمعنا؟ هل تبقى لنا أمن قومى لذلك الوطن أم أنه وطن بلا أمن ولا أمان؟.. يملك العرب بامتياز كل مقومات تكوين وطن قومى قوى بفضل اشتراكهم فى اللغة، الثقافة، التراث، الدين، إلا أنهم يختلفون فى تعريف مصالحهم ويخطئون حساباتهم، فأخرجوا أنفسهم من معادلة الوطن العربى الأكبر من أجل مصالحهم المحلية الضيقة.. فلا أحد اليوم على استعداد للدفاع عن شعب يذبح بدم بارد مهما كان اختلافنا مع قيادته السياسية، لا أقصد الدفاع حرباً، فالحرب أكبر من أن يتحملها العرب، كما أن حساباتها ليست بأيديهم، أقصد الدفاع ولو بالاعتراض القاسى، بالتلويح بموقف قوى.. اثنتان وعشرون دولة غير قادرة على ردع دولة باطشة! أما العروبة، فهى ذلك الشعور بالولاء للوطن، وللأسف فقد تعرضت لأشد ضربات النعرات الطائفية، فأصبح الاختلاف كبيراً فى تعريف كل دولة «عربية» لهويتها، هل مصر مصرية أم إسلامية أم عربية، وفى الخليج، هم خلايجة أولاً ثم عرب، ذلك هو السائد الآن! وفى الصومال وجيبوتى يسألون الآن لماذا لم يسأل العرب علينا حتى الآن؟ أما عن الأمن القومى فحدث ولا حرج، وطن عربى مستباح أمنه من المحيط للخليج، بساط متسع من الرمل المثقل بالبترول تنهشه أنياب القوى العالمية، وطن عربى تسقط دوله وتهدد أنظمته، وتخضع حكوماته، وتقصف مدنه، أمام أعين الجميع! هو وطن بلا أمن ولا أمان، رعاياه مستباحة دماؤهم فى غزة وكربلاء، وفى مقديشيو والسودان. أكتب ذلك وأنا أتابع مصريين وعربا، يمتنعون عن مساندة غزة ولو عاطفياً، فهم يرون أن غزة لا تستحق منا حتى التضامن! وهذا لا ينفى أن هناك ملايين ممن يساندون غزة قلباً وقالباً.. أما الأخوة المصريين والعرب الذين أختلف معهم فى الرأى، فيرون أن بأوطانهم ما يستحق الدعم والتعاطف أكثر من غزة، وبكل تأكيد أن غزة لا تنتظر من يتضامن معها أو يتخلى عنها، فللحق رب يحميه.. ويبقى علقم السؤال مراً.. أنسميه الوطن العربى أم أصبح مجرد الوطن العربى سابقاً؟ أترك لكم الإجابة!! هيثم التابعى - باحث سياسى