استبعد مستشار رفيع لرئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت إعادة فتح المعابر الحدودية مع قطاع غزة بشكل كامل، مادامت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تحكم القطاع وتستفيد من تخفيف الحصار.. جاء ذلك فى وقت تتصاعد فيه الحملات الدولية المطالبة بمحاكمة إسرائيل جنائيا بتهمة ارتكاب جرائم حرب، بينما يتكشف يوميا المزيد من الجرائم التى ارتكبها الجيش فى غزة أثناء الحملة العسكرية الأخيرة. وصرح المستشار - الذى لم يذكر اسمه - للصحفيين بأن إسرائيل ستسمح «بأقصى» تدفق ممكن من إمدادات الغذاء والدواء والنفط والغاز الأساسية إلى قطاع غزة لمساعدة سكانه، «لكنها ستعيد النظر فى مجموعات أوسع من السلع من بينها الصلب والأسمنت»، الأساسية أيضا لإعادة الإعمار، وقال إن الهدف من ذلك هو حرمان «حماس» من السيطرة على المعابر، مؤكدا أنه «إذا كان فتح المعابر سيعزز حماس فلن نفعله». وبينما أشاد المستشار بقوات الأمن الوطنى التابعة للرئيس الفلسطينى محمود عباس (أبومازن) فى الضفة الغربية، أعرب عن قناعته بأن «حماس» لن تقبل الاقتراح المصرى - الإسرائيلى بنشر عناصر من هذه القوات بمساندة مراقبين غربيين عند المعابر الحدودية، مضيفا أن هذه القوات «قدمت عملا رائعا.. (فى الضفة الغربية).. باحتوائها أعمال الشغب والمظاهرات» خلال الحرب على غزة. على صعيد آخر، أكد وزير الدفاع إيهود باراك، أن الإفراج عن الجندى الأسير جلعاد شاليط يتطلب اتخاذ قرارات صعبة، لكنه رفض الإفصاح عن ماهية هذه القرارات، ونقلت عنه الإذاعة الإسرائيلية قوله إن نتائج عملية الجيش الإسرائيلى فى غزة من شأنها المساعدة فى تحقيق تقدم سريع فى تلك القضية، معتبرا أن «حماس» تلقت ضربة مؤلمة، وجاء ذلك فى وقت تظاهر فيه العشرات أمام منزل أولمرت لمطالبته بالإفراج عن شاليط قبل انتهاء ولايته. من جانبها، أعربت وزيرة الخارجية تسيبى ليفنى عن رغبتها فى استئناف مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية «فى أقرب وقت ممكن»، وجاء ذلك خلال اتصال هاتفى أجرته مع نظيرتها الأمريكية هيلارى كلينتون، التى نقلت لها تعهد الرئيس الأمريكى باراك أوباما بالعمل على إقرار السلام، وتثبيت وقف إطلاق النار، فضلا عن تأكيده على «حق» إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، الأمر الذى اعتبره أسامة حمدان، ممثل حركة «حماس» فى لبنان «غير موفق»، وفى حين أعرب نبيل أبوردينة، مستشار أبومازن، عن تفاؤله فى أن يكون تعيين مبعوث أمريكى جديد فى الشرق الأوسط «إيذانا بالتحول فى النهج الأمريكى إزاء الصراع العربى - الإسرائيلى». وفى غزة وبينما عادت الأوضاع نسبيا إلى الهدوء، أفاد تقرير لوكالة «رويترز» بأن مئات الفلسطينيين تدفقوا على الحدود بين غزة ومصر، فى محاولة لإصلاح أنفاق التهريب التى قصفتها إسرائيل، وقال شهود على طول الحدود، حيث يمتلك بعض الفلسطينيين أنفاقا يديرونها كمشروعات تجارية، إن شحنات من الوقود ومواقد الكيروسين نقلت بالفعل عبر عشرات الأنفاق التى مازالت تعمل. وحول المساعدات، أعلن المتحدث باسم حكومة «حماس» المقالة أنها ستبدأ فورا فى توزيع نحو 4000 يورو نقدا على العائلات المتضررة من الهجوم الإسرائيلى، وذلك فى حين ترفض إسرائيل تحويل الأموال الفلسطينية إلى القطاع لدفع الرواتب. من ناحية أخرى، أكدت مصادر فلسطينية أن قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 1000 مواطن خلال حربها على غزة، وقتلت بعضهم عمدا واستخدمت البعض الآخر كدروع بشرية فى مواجهاتها مع المقاومة الفلسطينية، بل إنها مازالت تحتجز المئات فى ظروف غامضة، وطالبت النائبة البرلمانية سميرة حلايقة، المؤسسات الحقوقية المعنية، بتقصى مصير هؤلاء الأسرى الجدد، الذين قدرتهم بأكثر من 250 أسيرا.. ورداً على الحملة الدولية لمحاكمة إسرائيل عن جرائم الحرب التى ارتكبتها فى غزة، كلف أولمرت، وزير العدل دانيال فريدمان، بمهمة الدفاع عن إسرائيل فى مواجهة تلك التهم، فى وقت كان فيه ريتشارد فالك، المقرر الخاص للأمم المتحدة للأراضى الفلسطينية فى جنيف، يؤكد أن العمليات الإسرائيلية اتخذت طابعاً «لا إنسانياً»، مؤكدا أن هناك «نوايا إجرامية»، كما أكد خبراء قانونيون إسرائيليون أن هناك إمكانية لرفع قضايا دولية ضد حكومتهم على خلفية الحرب، وحذر الخبراء فى تصريحات لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية من أن أى إسرائيلى سيكون معرضا للمحاكمة الدولية فى أى دولة بالعالم، وكان المدعى العام مناحم مازوز أشار مؤخرا إلى استعداد إسرائيل لمواجهة سيل من الدعاوى الجنائية بعد عملية «الرصاص المصبوب».