لم أكن يوما من دراويش «عادل إمام»، ولا من المهللين لمواقفه «السياسية». لم أصنفه «زعيماً» فى مواجهة الإرهاب والتطرف!!. قيمة «عادل» الفنية –فى نظرى- هى الذكاء الحاد، الذى يحدد بوصلة اختياراته الفنية، لينفذ إلى قلب الجمهور مباشرة. إنه النجم «الأغلى» سعرا، والأكثر «جماهيرية»، مهما غازل «السلطة» أو دار فى فلكها!. ملامحه منحوتة فى قلب كل عربى،تستطيع أن تجد «نفسك» بطلا لإحدى رواياته.. فتصرخ فى مواجهة قوى الفساد : (هاتكللللللللم!!). ولعل تلك المرحلة تحديدا (المتزامنة مع فيلم «اللعب مع الكبار»)، هى الأكثر نضجا وتوهجا فى مسيرة «إمام» الطويلة. تلك مقدمة لا غنى عنها، لأتساءل: هل يحتاج «عادل إمام» للسلطة (بمختلف أشكالها وأطيافها)، أم أن السلطة (توظفه) حينما تلتقى «المصالح»؟. «النجم» مصالحه لا تتجاوز «منحة حرية» لتحقيق السبق فى ماراثون النجوم. لكن مصالح «السلطة» عبء كبير على نجم له تلك الشعبية. لم يكتف «عادل» بجمهوره فى مختلف عواصم العالم، ولم ترض غروره معلقات الحب التى تملأ الصحافة العربية.. عيناه تتطلعان إلى مراكز الحكم أينما حلت قافلته الفنية!. لا أعرف إن كان هذا عيبا أم ميزة. لكنه يصر على الرقص حول النار كفراشة ضالة؟.. ويصطحب «صحفى ملاكى»، ومصوراً «خاصاً» لتسجيل لحظات التكريم!!. إنه تناقض غريب مع أفلامه التى تناهض الفقر، والقهر، والفساد، والإرهاب.. تناقض مع جلسته المفضلة فى مقهى المهندسين. وحتى نفس الجلسة تتناقض مع «الحراسة الأمنية» التى ترافقه منذ رحلته للصعيد!. صحيح أن «عادل» لم يقدم «فنا مجانيا» لإسعاد الناس، لقد حصد ثروة لا حدود لها ونجومية لن تتكرر، وتوجته القلوب الحزينة ملكا عليها. تردد على قاعات المحاكم، نعم.. لكنه لم يكن الوحيد الذى لدغته عقارب «دعاوى الحسبة». فلماذا يصر على بطولة «المعارك الكلامية»؟. حين قرر «عادل» اقتحام حقول الألغام، لم يكن «انتحاريا» يفجر نفسه لوجه الله والوطن، كان واعيا بكل خطواته، ف «الزعيم» لا يقبل الهزيمة!. قد يغضب من تدخل الصحافة «الحشرية»، فى مصاهرته لأحد أقطاب جماعة «الإخوان المسلمين المحظورة»(!!).. لكنه لن يقبل أن تقيم «الجماعة» دولتها الدينية، فساعتها ستتغير الخريطة الفنية، وتنفرد (اللحى والطرح) ببطولة المرحلة، فنيا وسياسيا. «إمام» خانه ذكاؤه هذه المرة، فالجماهير المشحونة بمجازر أهالى غزة (المسلمين)، جماهير «يائسة» من مبادرات «السلام» وصراعات «الحكام». الشارع العربى لا يراهن إلا على «المقاومة الإسلامية»!!. اختار عادل «المشهد الخطأ» ولعب دورا «خارج النص» فوق مسرح مفخخ بخطب «حسن نصرالله»، وصور «كتائب القسام».. مسرح ينفرد «خالد مشعل» بإدارته وبطولته!!. لم أنزعج كثيرا لفتوى تكفير «عادل إمام»، الصادرة عن «تنظيم القاعدة فى بلاد المغرب»، فكلنا على لائحة التكفير «كتاباً ومبدعين ومفكرين». ولم أنتفض ذعرا من أوصاف «الزندقة والردة والخيانة» التى تلاحقه على مواقع النضال الإلكترونى، فهى «أتفه» من أن تنال من عروبتنا ووطنيتنا.. ما أزعجنى حقا هو الانسياق الأعمى خلف الجهلاء والمغرضين!!. حزنت لأن شباب مصر انضم لكتيبة الفن السورى، التى لم تحرر شبرا فى «الجولان»، وقررت ضرب رموزنا الفنية فى مقتل!. غضبت من حملات مقاطعة يقودها أبناء «العروبة» ضد «نجم استثنائى»، بينما تصدت جريدة «لوريون» الفرانكفونية لدعاة التكفير!. آن الأوان لفصل الدين عن السياسة، وفك الاشتباك بين الدراما والمقاومة.. آن الأوان لنقول «مصر أولا».. وندرك أن «الخيانة» تسكن بعض الضلوع العربية. [email protected]