بين خطة «خريطة الطريق» للسلام، مروراً بمؤتمر أنابوليس، وصولاً إلى امتناع الولاياتالمتحدة أوائل هذا الشهر عن التصويت على قرار مجلس الأمن رقم 1860 الداعى لوقف إطلاق النار فى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، 8 سنوات من المواقف التى تراوحت ما بين منحازة، وعائمة، وقلما كان يمكن وصفها بالمعتدلة أو النزيهة. خلافاً لسلفه الديمقراطى بيل كلينتون، لم تحتل القضية الفلسطينية الأولوية فى أجندة السياسات الخارجية للرئيس جورج بوش، لاسيما خلال السنوات الأولى لرئاسته التى بدأت فى 20 يناير 2001، وكان ذلك يعود خلال ال8 أشهر الأولى إلى التوجهات التقليدية للحزب الجمهورى الذى عادة ما يولى أهمية أكبر فى برنامجه الانتخابى للقضايا الداخلية، حتى وقعت أحداث 11 سبتمبر من العام نفسه، لتنقلب أولويات الإدارة رأساً على عقب وينتقل الدعم الأمريكى لإسرائيل فى منطقة الشرق الأوسط إلى حرب عالمية ضد الإرهاب، لم تكن فصائل المقاومة الإسلامية الفلسطينية فيها سوى رقم على قائمة التنظيمات الإرهابية. ومع ذلك، يصف البعض خطة السلام المعروفة ب«خريطة الطريق» بأنها ولدت من رحم أحداث سبتمبر، وهى الخطة التى أعدها أعضاء اللجنة الرباعية الدولية، وعلى رأسهم الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفقاً لرؤية الرئيس بوش المتعلقة ب«حل الدولتين»، والتى تحدث عنها للمرة الأولى فى خطاب شهير ألقاه فى 24 يونيو 2002، وذكر فيه لأول مرة عبارة «الدولة الفلسطينية المستقبلية». وتدعو «خريطة الطريق» إلى البدء فى محادثات للتوصل إلى تسوية سلمية نهائية على 3 مراحل وصولاً إلى إقامة دولة فلسطينية بحلول 2005، وهو ما لم يتحقق حتى الآن لعدة أسباب أحدها انشغال إدارة بوش بغزو العراق فى مارس 2003، ليتراجع الاهتمام الأمريكى من جديد بالملف الفلسطينى، وهو التجاهل الذى استمر طوال 7 سنوات، تزايدت خلالها الجرائم الإسرائيلية على الأرض تحت ذريعة محاربة «الإرهاب» الفلسطينى، مسايرة بذلك الموجة العالمية، فتجمدت المفاوضات بين الجانبين. وطوال هذه المدة اقتصر الدور الأمريكى على مطالبة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس بين الحين والحين لسلطة الاحتلال الإسرائيلى بضرورة وقف المستوطنات، والالتزام ببنود «خريطة الطريق»، دون ممارسة أى ضغوط فعالة. وبعدما تراكمت الانتقادات الدولية الواحدة تلو الأخرى الموجهة للرئيس بوش لفشل إدارته فى تحقيق هدف إعلان الدولة الفلسطينية بحلول 2005، وبعدما كادت القضية اسلفلسطينية تطوى آخر صفحاتها مع اقتراب نهاية ولايته، استيقظت الإدارة الأمريكية فجأة لتعلن عن عقد مؤتمر دولى للسلام بين عشية وضحاها فى 27 نوفمبر 2007، احتضنته مدينة أنابوليس الأمريكية، ودعت إليه ما لا يقل عن قادة وممثلى 40 دولة، ونظر الكثير من المراقبين إلى المؤتمر آنذاك إلى أنه لا يخرج عن كونه مجرد دعاية حزبية للإدارة الجمهورية، تمهيداً للانتخابات التى كانت ترتيبات مرحلتها التمهيدية تجرى على قدم وساق، بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى، ولم يحرز المؤتمر بالنهاية أى نجاح باستثناء «إعلان» استئناف المفاوضات، وعقد عدد من الاجتماعات الدورية نصف الشهرية بين أولمرت والرئيس الفلسطينى محمود عباس (أبومازن) لم تسفر بدورها فى مجملها عن تقدم يذكر.