«أم ربيع» امرأة بدوية لا تملك شيئًا فى الحياة سوى بيت صغير من «الشعر» وبعض من غنم.. وحبة شاى وشوية بُن.. تعيش وحدها فى الصحراء فقد اختارت العزلة منذ زمن بعيد عندما طلبت الطلاق من زوجها الذى تزوج عليها فلم تطق، ورزقها اللّه بطفلين لم تهدأ إلا بعد أن كبّرتهما وزوجتهما ولم توافق أبدًا على فكرة العيش فى أحد منازليهما.. واختارت بيت الشعر فكانت الصحراء بيتًا لها. فى «منطقة المارة» التى تعيش فيها ذهبت إليها لأشرب شايًا.. فمن دخل جنوبسيناء ولم يذهب لأم ربيع فهو لم يدخل. استقبلتنى العجوز بفرحة وأعدت كوبًا من الشاى لم أشرب مثيلاً له فى حياتى.. وبدأت حديثها قائلة: عندى 7 مِعزات وجمل، السياح أصحابى واللى بييجى لى مرة لازم يرجع لى تانى، ساعات بأجر الجمل وأهى بتُرزق، لكن بعد ما منعوا التصاريح اللى بتخلى السياح يباتوا بالجمل فى الصحراء والرزق قل كتير، واللّه بافكر أبيعه ماعدش له لزوم عندى. وأضافت: إحنا زهقنا ومُتنا وإحنا بنقول عاوزين مياه حلوة وكهرباء تنور، لكن خلاص الظاهر أن إحنا هنموت كده، واللّه إحنا ما عايشين، المواطن اللى جابته أمه هنا مالوش «دقعة» - تقصد أرض - إحنا مالنا شىء، مالنا أرض، طيب إحنا مين؟ إحنا عايشين «غُرب» فى بلادنا. مرضت فى يوم ماكانش فيه غير مستشفى «دهب» ودى بعيدة أوى، وكنت هاموت بس ربنا ستر لأنه ما كانش فيه دكاترة، بس واحد ممرض اللّه يستره إدانى حباية دواء، وقال حتريحك. واللّه الموت أريح فى الزمن ده.. تعرفى أيام اليهود كانت الدنيا أحلى بكتير كانت الست فينا لما تمرض ولما يجيها ميعاد الطلق ياخدوها بطيارة للى اسمها «تل أبيب» يولدوها ويجيبوها تانى بالطيارة ومعاها لبس المولود واللبن بتاعه كمان.. دلوقت ما بنلاقى حتى جمل ياخدنا المستشفى مش طيارة. عندما سألتها عما إذا كانت تحب اليهود وتريد عودة زمن الاحتلال يرجع قالت: واللّه ما بنحب اليهود، وصحيح هم اهتموا بينا وبصحتنا لكن برضه دول ولاد «...» محتلين وكانوا بيقتلوا الجنود بتوعنا بس غصب عننا من كتر ما مر علينا بنقول الحق، وبنقول إن اليهود كنا بنصعب عليهم رغم أن قلوبهم جامدة.. بس ياريت نصعب على مصر اللى قلبها كبير بس مش حاسس بينا.