الفلوس ..بطل عام 2009 .. مصر فى قلب الأزمة..و«الأيام العجاف» بعيون أسرة «عسل»

مصر فى قلب الأزمة.. أم الأزمة فى قلب مصر.. لا فرق.. فالخطر قادم لا محالة.. بدأ عام 2009، وفى القلب المصرى خوف من تداعيات الأزمة المالية العالمية المتصاعدة.. الاقتصاد المصرى أضعف من الصمود العالمى.. وبيتى وبيتك لا يتحملان المزيد من الضغوط.. نحن فى أزمة «معايش» دائمة.. فما بالنا والعالم يصرخ، ومجتمعات الرفاهية تتحول إلى التقشف و«ربط الأحزمة».
«الحزام» المصرى مربوط وخانق منذ نصف قرن أو يزيد.. لم يعد فى البطن «نفس» وقدرة على «التقريط».. اقتصاد يرفع شعار «السوق الحرة»، بينما لم يفلت بعد من قيود الاشتراكية.. أسواق غير واقعية.. ترتفع الأسعار فى العالم فتصاب أسعارنا بالجنون.. تنخفض الأسعار فى العالم فترتفع أسعارنا أو تثبت حين «يصعب حالنا» على التجار..
الرواتب متدنية.. البطالة تتحدى «برنامج الرئيس».. الاستثمار مخنوق بحبل البيروقراطية والفساد.. الصناعة تسير بنصف قدم فى مواجهة «المارد الصينى».. السياحة «بضاعة أتلفها الهوى».. قناة السويس تواجه أمواج الانكماش التجارى العالمى.. المصريون فى الخارج يحزمون حقائبهم، ويستعدون للرحيل إلى «وطن» لا يحتملهم!
لا شىء فى ذلك يجنح إلى القتامة.. وإنما هى الحقيقة التى ينبغى مواجهتها، قبل أن نقول لأنفسنا «وما العمل»؟!.. كيف نتعامل مع «السنوات العجاف» المقبلة.. فى تاريخنا الكثير منها.. ولكن هل مازلنا نحمل خبرة السنين القاحلة.. وهل يسمح لنا الظرف الراهن ب«التحايل على المعايش» مثلما كنا نفعل فى الماضى.. أم أن «المواطن» فقد القدرة والطاقة على التدبير والتقطير.
هل سننام من غير عشا فى 2009 وما بعدها؟!.. وهل هذا هو الحل.. أم أن بالمقدور فعل شىء ما بإيجابية؟! هذا العدد الخاص، الذى نستهل به العام الجديد، يحاول استشراف واقعنا الاقتصادى والاجتماعى فى «الأيام العجاف».. عدد يرسم صورة متكاملة ل«بطل 2009»..
الفلوس والحياة والبشر فى مصر.. الفلوس هى البطل شئنا أم أبينا.. هى الهم والمعاناة القادمة على جناح «الركود العالمى».. هى «زينة الحياة الدنيا»، وفى افتقادها يصبح «الفقر» رجلاً نسعى لقتله جميعاً.. «الفلوس» فى حياتى وحياتك تحمل نفس المعنى والمغزى.. لا فرق بين ملياردير يستثمر فى «أرض الله»، وفقير معدم يبحث عن «رغيف وحتة جبنة».. كلاهما يحمل خوفاً بين الضلوع من «الأيام العجاف»
لم يكن ثمة بديل.. لم يكن باستطاعتنا استهلال العام الجديد دون طرح القضية الأهم فى مصر.. ولم يكن مناسباً أن نفرط فى التنظير وكلام الخبراء والمسؤولين، لأن «الناس» يعكسون الهم العام بصدق وصراحة أكثر.. المواطن يرسم الواقع ويحلم بالأفضل دون «تزييف»..
لذا كانت هذه الفكرة: لماذا لا نرسم هذه الصورة ل«80 مليون مصرى» من خلال «أسرة مصرية» بسيطة تنتمى للطبقة المتوسطة.. أسرة فيها الأجيال الثلاثة «الجدة.. الأب والأم.. والأبناء».. أسرة تجسد الكفاح الشريف فى «التحايل على المعايش».. فيها الأم التى تدبر وتعمل.. وفيها الأب الموظف، الذى لم يستسلم للظروف الصعبة.. وفيها الابن، الذى تخرَّج بتفوق ودخل سوق العمل بكل تناقضاتها، والابنة التى فتحت بيتاً جديداً بكل همومه.. وآخر العنقود التى تتعلم فى مدرسة تشبه مدرسة ابنى وابنك!
هذا العدد الخاص حاول أن يبتعد عن النظرة القاتمة.. وأن يقترب منك أنت.. فأسرة المواطن «محمد عسل» هى أسرتى وأسرتك.. وهذا العدد هو محاولة صادقة للإجابة عن السؤال الذى يشغلنى ويشغلك: ماذا ستفعل بنا الأزمة المالية.. وما العمل؟!