للحقد أنياب صفراء تنفث سمومها فى جسد الحقيقة لتترنح فى فضاءات الزيف.. وللذل أكّف تحجب نور الكرامة وتجثم كابوس عار على صدر الحرية.. هكذا تتلاعب أهواء الشر ورياحه بأشرعة الأمة المحمولة على سفائن الخيبة.. هكذا يتربص الحاقدون بنشوة الأمل التى تعترينا، كلما دق ناقوس للفرح والبشائر.. ليبدأ العزف على أوتار التشكيك وبث الشائعات.. ففى الوقت الذى تنطلق فيه تظاهرات التأييد فى أنحاء العالم مبتهجة (بصفعة الحذاء) والدفاع عن (منتظر) وتوقد شموع الفرح لمن أطلق صرخة رفض مزقت أستار الخوف.. وفى الوقت الذى يتضامن فيه كل المحامين العرب للدفاع عنه.. ويتبرع طبيب تركى بدفع أى مبلغ لكفالة الإفراج.. تخرج علينا بعض الصحف العربية الإلكترونية وبعض مدعى الوطنية بنشر سيرة ذاتية ضمن سيناريو - مهلهل - لا علاقة له بما حدث لعلهم يخففون بذلك من بطولة القابع فى زنزانة رطبة، يئن من آلام عين تكاد تفقد البصر، وجسد كان فريسة لوسائل التعذيب المفصلة على مقاس الديمقراطية (المودرن) حين تناهبته الصفعات واللكمات والركلات بكل ما أوتى الجبن من عهر وبشاعة. سيناريو رخيص يتحدث عن عشق (منتظر) للشهرة والأضواء وانتمائه الشيوعى وحبه لجيفارا.. وعن خطة مسبقة منظمة حاكها البعض منذ فترة لينفذها (منتظر) حتى قيل على سبيل الطرفة إن المتآمرين اختاروا حذاء (تركى الصنع) لكسب تعاطف الجماهير المشجعة لكل إنتاج تركى!.. هكذا كانت ظنونهم ونسوا أن زيارات (بوش) للعراق لا يُعلن عنها إلا فى حينها.. وتناسوا ربما أن التعبير عن الغضب ورفض الاحتلال والاضطهاد لا جنسية له ولا حزب ولا عقيدة. وأن (جيفارا وغاندى) رغم اختلافهما فى العقيدة ووسائل التعبير فإنهما كانا ولا يزالان رمزاً من رموز الحرية والتحرر.. وجهلوا ربما أن قهرنا المكتوم كان يتمنى لو أن أحذية الصحفيين كلهم انطلقت فى لحظة واحدة مع حذاء (منتظر) لينطفئ ولو جزء من مساحات الغيظ المستعرة بين أضلاع الغيرة. أما المهزلة الكبرى فهى التصريحات الراقصة على حبال الشهامة العربية فى معاملة الضيف.. وأعجب عن أى ضيف يتكلمون؟.. وهل يعتبر المحتل ضيفاً؟ (بوش) ليس ضيفاً إنما رب منزل ينطبق عليه قول الشاعر: (يا ضيفنا لو زرتنا لرأيتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل). أما الضيوف الحقيقيون فهم أبناء البلد الذين تستضيفهم السجون والمقابر.. وسجلات التهجير والاغتراب لأكثر من خمسة ملايين، ينتشرون فى بقاع الأرض على موانئ الغربة وأرصفة المنافى البعيدة. أما حكاية اللعب على أوتار الضيافة والأصول فهى (واسعة شوية).فماذا لو استيقظت العدالة من غفوتها ولو لمرة واحدة.. واستبدلت الأدوار بين من جاء مستلاً سيفه الصدئ لاجتثاث الكرامة واغتيال الرجولة واغتصاب الإنسانية والحق.. وبين من انتفض فى عروقه الدم غضباً وهو يستحضر صوراً لمصحف مصوب إليه رصاص العنجهية والتعالى.. وصورة فتاة المحمودية العذراء المغتصبة على أيدى (ملائكة الديمقراطية المزعومة)؟ وماذا لو سيق (بوش) لمحاكمة دولية عادلة قبل أن يحاكمه التاريخ على الجرائم الكبرى التى يحفل بها سجله الموشوم بالدم؟ شكراً (منتظر).. أثلجت صدورنا وأطفأت شيئاً من جذوة الغضب المعتمل فينا كلما لاحت لنا مشاهد (أبوغريب).. وطهّرت بعضاً من تلوث العار المصبوغة به ذاكرتنا. وعذراً ضيفنا المبجل (بوش) أننا لم نستطع أن نقوم بأصول الضيافة كما يجب!