أثارت قواعد إقراض الشركات ذات الحسابات المرتبطة وسياسة أسعار الفائدة، خلافات مكتومة خلال الأيام الماضية بين مسؤولين حكوميين وقيادة البنك المركزى. وقالت مصادر إن الخلاف نشب على خلفية رغبة المسؤولين فى تخفيف تلك القواعد لتمكين الشركات المصرية الكبيرة والمؤثرة فى السوق، من الحصول على الائتمان بيسر، خصوصاً مع تزايد صعوبة الحصول على قروض من بنوك عالمية، فضلاً عن ارتفاع سعر الفائدة على الائتمان الخارجى لارتفاع المخاطر. وأضافت أن شركات العقارات الكبيرة مارست ضغوطاً خلال الأيام الماضية لتمكين الشركات ذات الحسابات المرتبطة من الاقتراض بأكثر من 25% من القاعدة الرأسمالية للبنك «رأسماله واحتياطياته» حسبما نصت قواعد المركزى فى هذا الشأن الذى رفض، حسب مصادر مصرفية، تغيير القاعدة خوفاً من أن تؤدى ضغوط رجال الأعمال للعودة مجدداً إلى الانفلات الائتمانى. وتزامن الخلاف السابق مع خلاف آخر بين الحكومة والبنك المركزى حول أسعار الفائدة، حيث حافظت لجنة السياسة النقدية بالمركزى فى اجتماعها الأخير على الأسعار عند نفس المعدلات، فى الوقت الذى توقعت فيه المصادر الحكومية تخفيضها بعد تراجع التضخم والاحتياج المتزايد لتنمية الاستثمارات الوطنية لتعويض ما قد ينقص من استثمار أجنبى. وقالت مصادر إن الحكومة تؤمن تماماً باستقلالية المركزى غير أن التنسيق مهم، لكنه لا يعنى التدخل، مشيرة إلى أن المركزى قد يكون حافظ على سعر الفائدة للحفاظ على الأصول الأجنبية الموجودة وحتى لا يتم تحويل بعضها للخارج، وقد يكون قد ارتأى أنه من غير المناسب تغيير السعر هذا الشهر بعد أن كان رفع السعر فى الشهر السابق عليه مع أن ظروف الشهرين متشابهة، فى الوقت ذاته اعتبر مطلعون أن عدم الزيادة رسالة واضحة من المركزى معناها «ممنوع الضغط». من جانبه، قال محمود منتصر، عضو مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى: لا توجد عوائق أمام منح الائتمان للشركات الكبيرة ذات الجدارة الائتمانية حسب الدراسات التى تجريها البنوك، مؤكداً أن هذه القواعد تحد من حصول مجموعة شركات يسيطر عليها شخص واحد، يؤثر فى قراراتها وإداراتها، على تسهيلات ائتمانية لكل واحدة على حدة. وأشار إلى أهمية هذه القواعد فى الحد من مخاطر الائتمان واستبعد فى الوقت نفسه تغييرها فى ظل حرص البنك المركزى على الجهاز المصرفى والتمهل فى اتخاذ القرارات المؤثرة بالسوق، مؤكداً ضرورة الحفاظ على التوازن بين المنح والمنع فى ظل توقع موجة ركود وكساد تجيز التحفظ على السياسة الائتمانية مع توقعات عدم السداد. واستبعد على الحصرى، المستشار التنفيذى للمصرف المتحد، تغيير قواعد إقراض الشركات المرتبطة، داعياً الحكومة والوزراء إلى عدم التدخل فى شؤون البنك المركزى والرقابة على البنوك. أما الدكتور طاهر حلمى، الرئيس السابق للغرفة الأمريكية للتجارة فرأى ضرورة تخفيف هذه القواعد لتوفير السيولة فى الأسواق وتعويض النقص الحادث فى السيولة القادمة من الخارج، مؤكداً عدم التعارض بين تخفيف هذه القواعد والالتزام بقواعد الإقراض السليم. وأضاف أننا لا يجب أن نتباهى بوفرة السيولة لدينا، وعلينا زيادة نسبة القروض إلى الودائع لتتماشى مع المعدلات العالمية حتى نحافظ على قوة الدفع الاقتصادى، وعلى القطاع الخاص أن يصحح قصوره فى الإدارة والتنظيم والالتزام بالحوكمة لتثق فيه البنوك ويستطيع المنافسة. وتساءل إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزى الأسبق، عن أسباب طلب تغيير القواعد فى ظل حصول جميع الشركات على الائتمان المطلوب مباشرة من أى بنك أو عبر تحالفات مشتركة، مشيراً إلى ارتفاع القاعدة الرأسمالية للبنوك خلال الفترة الماضية، بما يعنى أن الائتمان الممنوح للحسابات المرتبطة من البنك الواحد زاد هو الآخر.