عقدت العزم أن أكتب هذا العمود حول انتخاب أوباما واستعادة الحلم الأمريكى، وما إن أوشكت على الانتهاء من كتابته، إذا بى أتلقى تليفونا من إحدى صديقاتى، حول موضوع قريب مما كنت سأكتبه، حكت ما دار بينها وبين ابنتها، التى لم تتجاوز العاشرة من عمرها، والتى تدرس فى إحدى المدارس الأمريكية بالقاهرة، وقد طلبت المدرسة منهم إعداد تقرير حول الانتخابات الأمريكية، وبالطبع اضطرت الصغيرة لمتابعة الانتخابات على التليفزيون، وعلى قدر فهمها واستيعابها، كتبت الموضوع وكانت متحمسة لأوباما، ليس مثلنا لأنه ينتمى لقارتنا أو لأنه أسمر البشرة، لكن ببساطة لأنه ألطف ولديه طفلتان صغيرتان، فيما يبدو يهتم بهما، المهم أن الصغيرة التى لا تعرف شيئا ولا تتابع أبدًا الانتخابات المصرية، صدمت الأم حين قالت لها: أريد أن أصبح رئيسة لمصر عندما أكبر، فماذا أفعل لأحقق هذا الحلم؟ وأسقط فى يد الأم ولم تعرف بماذا تجيب على ابنتها الوحيدة، التى تابعت على مدى أسابيع، تجربة حية لبلد ديمقراطى، الأحلام فيه ممكنة وحق مشروع لكل مواطن، فمن حق أى مواطن يتمتع بالجنسية الأمريكية أن يحلم بحكم أعظم دولة فى العالم، وعليه فقط أن يسعى لتحقيق ذلك بوسائل متاحة للجميع. طلبت صديقتى من ابنتها أن تمهلها وقتًا لتسأل لها عن التكييف القانونى للوضع الذى سألت عنه، ولم تفهم البنت ماذا يعنى هذا التكييف القانونى، لكن الأم أقنعتها بأن الموضوع فى مصر غير أمريكا، وأسرعت الأم بالاتصال بصديقة مشتركة ترأس مركزًا حقوقيًا للدفاع عن حقوق المرأة، ولقد أحبطتها قائلة: «رئيسة جمهورية حتة واحدة! إنت عارفة تمثيل المصرية فى المجالس النيابية كام فى المائة؟ من عشرين سنة تقريبًا كان تمثيل النساء 8.9٪ بسبب تخصيص مقاعد للنساء وبعد عشر سنوات انخفضت النسبة إلى 3.9٪ فى ظل نظام القائمة النسبية عام 1989، ثم تراجع عام 90 ليصل إلى 1.6٪ ثم 2.2٪ عام 95 وفى الانتخابات الأخيرة وصلت إلى 2.4، ونسبة تمثيل المرأة سياسيًا ونيابيًا فى الوطن العربى لا تزيد على 5.6٪، فى حين وصلت إلى 31٪ فى البرلمان الأوروبى، قولى لبنتك تنتظر وماتستعجلش على الرئاسة فأمامنا مشوار طويل». لم ترتاح صديقتى للإجابة، فقررت أن تتصل بي، لعلها تجد عندى إجابة أكثر تفاولاً، ضحكت وقلت: «الأروبة وضعتنا جميعًا فى مأزق، فطبقًا للدستور المصرى، رئاسة الدولة متاحة لجميع المواطنين بالاقتراع الحر المباشر، لكن ما فى الدستور والقوانين شىء والواقع شىء آخر، والطريقة المثلى لتتعرف ابنتك على الواقع فى بلدها أن نقتدى بالأخوة الأمريكان ونطلب منها موضوعا حول: لماذا لا نختار فى مصر رئيسا إلا بعد وفاة الرئيس السابق؟ وستجد ابنتك الإجابة».