قبل حوالى 40 يوماً صدر قرار بإقالة الدكتور نبيل حلمى، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية التعاونية للتأمين، من منصبه، بالإضافة إلى إقالة كل أعضاء مجلس الإدارة، وبعد أسبوع تقريباً من هذه القرارات الحاسمة التى لم تحظ بتغطية إعلامية مناسبة. أصدرت النيابة العامة قراراً ثالثاً بمنع مدير عام الجمعية ذاتها من السفر لحين الانتهاء من التحقيقات، التى تجريها جهات مختصة فى المخالفات الإدارية والفنية والمالية الخطيرة التى تسببت فى إهدار الحقوق التأمينية للمستفيدين. قبل شهور عديدة من اتخاذ هذه القرارات، وإلى الآن، ومقر الجمعية المصرية التعاونية للتأمين بالعباسية يشهد يومياً توافد مئات المواطنين المضارين من التسيب الإدارى الذى يسود العمل فى هذه الجمعية، وقد لجأ العشرات من المواطنين أكثر من مرة خلال الأسابيع الماضية إلى التظاهر أمام مقر الجمعية، ورددوا شعارات تتهم بعض كبار موظفيها بالتآمر والكذب والاحتيال لإضاعة حقوق المواطنين. ولم يحدث حتى الآن أن تدخل مسؤول واحد ليشرح للناس أسباب هذه الفوضى التى طالت أكثر من اللازم، وتكاد الآن أن تؤسس لانهيار سوق التأمين فى مصر. ومنذ أسابيع اتصلت بالدكتور عادل منير، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للرقابة على التأمين، وطلبت منه التدخل لحل مشكلة «زميل» تعرضت سيارته لحادث أدى إلى خسائر تكلف إصلاحها حوالى 22 ألف جنيه فى ورشة صيانة معتمدة ومسجلة لدى الجمعية المصرية للتأمين، وبعد حوالى شهرين من تقديم كل الأوراق الخاصة بالحادث بما فيها فاتورة الإصلاح، فوجئ بأن الشيك الذى اعتمدته الجمعية لا يزيد على 10 آلاف جنيه فقط.. ويومها وعدنى الدكتور بفحص شكوى الزميل ومراجعة أوراقه وتمكينه بأقصى سرعة من الحصول على قيمة الفاتورة. ومنذ أيام اتصلت مرة أخرى بالدكتور عادل منير لأخطره بأن شكوى الزميل لم تخضع حتى الآن للفحص ولم يتلق رداً عليها، مثل آلاف المواطنين الذين يدفعون سنوياً قيمة التأمين الشامل على سياراتهم، ولا يحدث أبداً أن يحصل أحدهم على القيمة الحقيقية لإصلاح سيارته بعد الحوادث إلا إذا كان من أصحاب الحظوة أو «الواسطة». وخلال الاتصال دار بيننا حديث طويل، كنت واعياً خلاله أننى أتحدث مع واحد من أهم الساعين فى دأب وسرية لخصخصة التأمين بكل أنواعه، ورغم ذلك اندهشت وهو ينتقد بشدة سلوك المواطنين الذين تدافعوا للتأمين على سياراتهم لدى الجمعية المصرية التعاونية للتأمين تحديداً، التى لجأت إلى تخفيض قيمة التأمين الشامل على السيارة لتستحوذ على حوالى 75٪ من سوق التأمين على السيارات.. ومع زيادة معدلات حوادث السيارات اضطرت الجمعية إلى مواجهة هذا المأزق بالنصب على المستفيدين، والتحايل للتهرب من تحمل التكاليف الفعلية لصيانة سياراتهم بعد الحوادث. والحقيقة أننى ممتن جداً للدكتور عادل منير لأنه تدخل شخصياً لتمكين «زميلى» من الحصول على حقه.. ولكننى أشعر أننا على مشارف كارثة يتم طبخها فى سرية تامة لصالح بارونات شركات التأمين الخاصة الذين دفعوا وكلاءهم منذ سنوات إلى قمة منظومة التأمين فى مصر، لإنجاز مهمة إعاقة وإفساد وتخريب شركات التأمين العامة من الداخل، حتى تصبح خصخصة كعكة التأمين هى البديل الوحيد لإنقاذنا من هذا الانهيار التأمينى! [email protected]