الدكتور زاهى حواس، أهلاوى عريق، وهو لاعب كرة قديم، وكان رفاق الشباب فى الملعب، يرون أنه يشبه صالح سليم، ورغم شهرته بين مشجعى الأهلى، فإنه ليس متعصباً، ويتحلى بروح رياضية من النادر أن تجدها عند أحد، من معجبى هذا النادى العتيد! وإذا حدث وجلس الدكتور حواس ليشاهد مباراة يكون الأهلى طرفاً فيها، فإنه يتخلى عن وقاره مؤقتاً، ويتفاعل مع أحداث المباراة بتلقائية كما يفعل أى شاب تجرى دماء الأهلى فى شرايينه، ويبدو أمين عام المجلس الأعلى للآثار، طوال المباراة عاجزاً عن السيطرة على أحاسيسه ومشاعره، فيفرح ويحزن، ويصفق وينفعل، وقد يطير فى الهواء بكل جسده منتشياً، إذا أحرز الأهلى هدفاً فى شبكة الخصم! وفى حوار ممتع له، أمس الأول، مع الأستاذ محمود فوزى، على قناة المحور، قال إنه رغم أهلاويته المفرطة، لا يحب أن يكون الزمالك ضعيفاً، وإنما يتمنى أن يراه قوياً، وقادراً على منافسة الأهلى، رأساً برأس، كما ينبغى أن تكون عليه المنافسة الحقيقية، لأن ضعف الزمالك لا يعنى قوة الأهلى وانتصاره المضمون فى أى مباراة، بقدر ما يعنى ضعف اللعبة نفسها.. وبصراحة أكثر، إذا كان الزمالك ضعيفاً، فالكرة ذاتها باعتبارها لعبة، تصبح ضعيفة وتفقد حلاوتها! وقد لخص الدكتور زاهى، الوضع السياسى فى البلد، بدقة دون أن يقصد وهو يقول هذه العبارة، ويردد ذلك المعنى... فالحزب الوطنى، فى الحياة السياسية، هو بمثابة الأهلى فى الملاعب، ليس لأنه أقوى الأحزاب فى السياسة، بما يشبه قوة الأهلى فى الملعب، وإنما لأن هناك أسباباً غير موضوعية تعطيه هذه القوة، وهى كثيرة وربما يكون أهمها أن الرئيس يجلس على قمته! والمشكلة أن الحزب الوطنى يقضى على كل زمالك منافس يظهر فى الأفق، دون أن يدرى أن وجوده وحده فى الساحة يجعل انتصاره فى أى مباراة سياسية، بلا طعم، لأنه ينتصر، والحال كذلك، على نفسه، ولا ينتصر على خصم يحتاج منه إلى وقت، وجهد، وطاقة، وبراعة! إن الحزب الجمهورى فى الولاياتالمتحدة، لا يبدو قوياً أمام الناخبين الأمريكان، إلا إذا حقق نصراً على حزب فى قوة الحزب الديمقراطى، الذى لولاه، ولولا قوته، ما كان الجمهورى قد أحس بوجوده... وهكذا الحال بالضبط، بين العمال والمحافظين فى لندن، وبين الديجوليين والاشتراكيين فى باريس، وبين حزب العمل وكتلة الليكود فى إسرائيل، مضافاً إليهما حزب «كاديما» مؤخراً! ولا يريد الحزب الوطنى أن يعى هذه القاعدة، ولا أن يتوافق حول هذا المبدأ، ويصمم على تحطيم أى زمالك قبل أن يخطو معه خطوة واحدة فى الملعب، متناسياً عن قصد، أنه يضرب اللعبة السياسية نفسها فى مقتل! ولأن الحزب الوطنى لا يستجيب لأى نصيحة فى هذا الاتجاه، فإن أعضاء فريقه يقطعون الملعب ذهاباً وإياباً، وحدهم ويتابع الجمهور مباراة فريدة من نوعها... فالملعب ممتد على آخره، وأعضاء الفريق ينتشرون بكامل لياقتهم فى أرجائه والكرة عند أقدامهم، والحكم على مقعده فى المنصة، يتأهب ويصف ما يراه ولكن الفريق المنافس غائب، بل مغيَّب تماماً. وكلما أحرز أعضاء فريق الوطنى هدفاً، لا يصفق الجمهور، ولا حتى يهتم لا لشىء إلا لأنه يسدد الكرة فى شبكته هو!! إذ لا توجد شبكة فى الاتجاه المقابل، لأنه ليس هناك فريق مواجه أصلاً.. وحين تكون اللعبة من طرف واحد، فإنها تظل سخيفة!