معاناة العمال الفلسطينيين فى إسرائيل: شتائم ونباح وإطفاء سجائر فى أجسادهم

«تعال هنا يا حمار».. صرخ الجندى الإسرائيلى أليكس باللغة العربية فى وجه العامل الفلسطينى، الذى يحاول ضبط وضعه فى الطابور عند معبر حاجز بيت لحم بالضفة. تقدم سامر، 45 عاما، بحذر..
حرص على الوقوف بعيدا عن يدى أليكس الطويلتين، صرخ الجندى بالعبرية هذه المرة: «ارجع، وقف فى نهاية الطابور يا حيوان»، ثم استدار، وتشاغل عن دمعة ساخنة قفزت من عينى العامل الفلسطينى، وهو يسرع الخطى نحو نهاية الطابور الطويل. أليكس جندى روسى الأصل فى ال21 من عمره، هو الآمر الناهى فى المعبر، يسمح للعمال بدخول إسرائيل بحثا عن فرصة عمل، أو يعيدهم إلى قراهم بخيبة أمل.
فى إحدى المرات أجبر عاملا فلسطينيا على الوقوف على أربع، والنباح مثل الكلاب. ومرة أخرى، تجاوز شاب فلسطينى دوره، فأمر أليكس الجنود بتقييده، وإطفاء السجائر المشتعلة فى جسده وفى مشاهد قريبة لتلك التى عاشها العراقيون فى أبوغريب وسجون الاحتلال الأمريكى فى العراق!
سامر مثل آلاف العمال الفلسطينيين داخل إسرائيل (الخط الأخضر) يخرج من بيته عند الثانية والنصف بعد منتصف الليل، ليحجز مكاناً متقدماً عند المعبر الذى يفتح أبوابه عند الخامسة فجرا، ويقضى فى العراء حوالى 6 ساعات قبل أن يصل إلى عمله فى الثامنة صباحا.
الأوضاع المهينة للعمالة الفلسطينية عند معبر بيت لحم، دفعت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية لنشر تحقيق مثير عن مأساة الحواجز الأمنية فى إسرائيل.
خالد من سكان مدينة بيت لحم، لذلك يغادر بيته يوميا عند الثالثة والنصف فجرا، ليصل إلى حاجز بيت لحم، فيقف وسط طابور طويل من العمال الحالمين بدخول إسرائيل. وعلى بعد 100 متر من السور الأسمنتى المرتفع، من السهل أن تسمع، أمس، صوت أنين جماعى وآهات وتوسلات.
لحن جنائزى يرتفع صداه، ويتلاشى كل بضعة ثوان، مئات الفلسطينيين يتكدسون، بشكل غير آدمى، داخل زنزانة من قضبان حديدية يصل طولها إلى 200 متر تقريبا، ولا يزيد عرضها على متر ونصف المتر.
معظمهم شباب فى العشرينيات من الأعمار، لكن نظرة سريعة فى وجوههم تشعرك، وكأنهم تجاوزا الستين عاما. جاءوا، جميعا، للعمل فى المقاولات والبناء، والمهن التى لا يقبل عليها الإسرائيليون مقابل 150 شيكل لليوم الواحد.
كانت علامات التعب بادية على وجه خالد، وهو يتحدث عما يمر به للوصول إلى عمله، يقول: «نخرج بعد منتصف الليل رغم ساعات النوم القليلة التى حظينا بها، لنصل إلى الحاجز ونجد أمامنا طوابير من العمال بالانتظار، وحسب مزاج الجنود ندخل، ناهيك عن التأخير والازدحام وساعات الانتظار بالعراء، والتعب الذى يصيبنا ونحن ننتظر دورنا، ولا يقف الأمر عند ذلك، بل نمر بساعات أخرى من التفتيش والإهانة،
ونبقى كذلك حتى ساعات الصباح الأولى، ونصل إلى عملنا متأخرين وتبدأ معاناة أخرى مع أصحاب العمل الإسرائيليين، الذين يخصمون 50 شيكلاً عن 10 دقائق تأخير، ونصف يوم عن كل ساعة تأخير، ونتعرض للفصل فى حالة الغياب يوماً واحداً».
جمعية حقوق الإنسان الإسرائيلية تشير إلى وقوع حوالى 33 حالة وفاة خلال العامين الماضيين على المعبر بسبب الازدحام والاختناق والتدافع، والمشاجرات التى تنشب بين العمال نتيجة التكدس.