«كباية شاى القهوة غير كباية شاى البيت خالص» بهذه الجملة الدالة للشاعر عبدالرحمن الأبنودى صدر الكاتب مجاهد الطيب روايته «قهوة على مالك» الصادرة حديثا عن دار شرقيات، التى فضل أن يصنفها متوالية سردية لما تتضمنه من أسلوب خاص فى التعامل مع الشخصيات والأحداث بشكل مكثف أحيانا ومسهب أحيانا أخرى، ينطلق الطيب من قهوة أسوان فى ميدان الكوربة، ليرصد أبعاد حى مصر الجديدة بما فيه من عمارات وأبنية وطبقات اجتماعية متفاوتة، وصراع طبقى على من يسكن هذا الحى وصولا إلى حى آخر مجاور هو حى عين شمس الشرقية، ولأن المقهى هو مركز الرواية من مقهى أسوان إلى مقهى على مالك إلى غيرهما من المقاهى، التى يزخر بها الحى الهادئ، يتنقل الراوى راصدا الشخصيات، التى تحط على المقهى فى وقت معين، وتطلب مشروبا محددا بشكل روتينى، وكأنه جزء من عملهم اليومى، وكل فرد يمثل طائفة أو فئة بعينها لها قصة وحكاية داخل الرواية، فما بين صغار الموظفين إلى عمال البناء إلى السائقين وحتى «العواطلية» ولاعبى القمار قديما ينسج الكاتب حكاياته فى أجواء مليئة بالألفة والمودة. هذه الرواية هى العمل الأول لمجاهد الطيب، وسبق أن نشرت بعض أعماله فى مجلة «أمكنة»، التى يصدرها الشاعر السكندرى علاء خالد، وعن هذه الرواية يقول الطيب: لا أكتب عن مكان، بل عن حياة المكان الذى عشت فيه، ورأيت فيه الكثير من النماذج الثرية، ويضيف: أنا مرتبط بالمقهى إلى أقصى درجة، فهو بالنسبة لى ليس مكانا عابرا أقضى فيه بعض الوقت وإنما هو حياة كاملة عشتها وعايشتها، والأشخاص الموجودون فى الرواية هم زبائن المقهى وجيراننا وأهل الحى الذى أسكن فيه. وكما تزخر الرواية بالأحداث الكبرى وروائح الزمن القديم، التى تطل من الراديو، تتضمن أيضا شخصيات مهمشة ومنسية سواء من زبائن المقهى أو عماله ومنهم شخصية «صنايعى النصبة»، التى يقول عنها الراوى «فى القهاوى الكبيرة صنايعى النصبة جندى مجهول لا يعرفه إلا المستديم من الزبائن، الذى يتلقى الحمد أو الاستهجان هو صنايعى الأرضية، أما فى القهاوى الصغيرة كقهوتنا، صنايعى النصبة دائما فى وش المدفع. نفسية صديقى الوحيد على الطيب تكون فى أحسن حالاتها حين يكون متورطا فى العمل. حين يكون معلما على نفسه».