سعر جرام الذهب بالصاغة مساء اليوم الجمعة، عيار 21 يسجل هذا الرقم    الكرملين: روسيا تريد سلاما دائما وليس هدنة مؤقتة في أوكرانيا    د. آمال عثمان تكتب: المرتزقة.. وتجارة الدم    تشكيل إنبي الرسمي لمواجهة الأهلي في كأس عاصمة مصر    ذا أثلتيك: صلاح يعود لقائمة ليفربول أمام برايتون بعد اجتماع مثمر مع سلوت    مؤتمر فليك: ريال مدريد لم يفقد المنافسة.. ولن أتحدث عن ألونسو    عمومية اتحاد التجديف تشيد بنتائج المنتخب المصري في البطولات الدولية والقارية    اعترافات مدرس بتهمة التعدي بالضرب على طالبة داخل مدرسة بالقاهرة    شاهد، ابنة محمد هنيدي تتألق في جلسة تصوير زفافها    عروض تراثية وفنون شعبية..«الشارقة للمسرح الصحراوي» يستعد لافتتاح الدورة التاسعة    رشح أم إنفلونزا.. كيف تميز بينهما وتحمي نفسك؟    علي ناصر محمد: حكم جنوب اليمن شهد نهضة تعليمية وتنموية    وزير الثقافة ينعى الناشر محمد هاشم.. صاحب اسهامات راسخة في دعم الإبداع    علي ناصر محمد تحدث عن تشكيل المجلس اليمني المشترك بين الشمال والجنوب    الجبهة الوطنية أكبرهم، 12 مقعدا خسائر الأحزاب في انتخابات ال 30 دائرة الملغاة    تعاون مصري - ياباني لتعزيز تنافسية المشروعات الصناعية| فيديو    إشادات دولية بالإنجاز الحضاري.. المتحف الكبير يصنع طفرة سياحية غير مسبوقة    اتحاد الصناعات: 1822 مشروعًا تديرها سيدات في مجالات غذائية مختلفة    «الإفتاء» تواصل قوافلها إلى شمال سيناء لتعزيز الوعي ومواجهة التطرف    ضبط 42102 لتر سولار داخل محطة وقود لبيعها في السوق السوداء    تجارة عين شمس تتوج أبطال كأس عباقرة أصحاب الهمم    نقيب العلاج الطبيعى: إلغاء عمل 31 دخيلا بمستشفيات جامعة عين شمس    سويلم: العنصر البشري هو محور الاهتمام في تطوير المنظومة المائية    اكتشاف معماري ضخم.. العثور على بقايا معبد الوادي في أبوصير| صور    مفاجأة سارة.. هشام طلعت مصطفى يرصد 10 ملايين جنيه دعمًا لبرنامج دولة التلاوة    ما حكم زيارة المرأة الحائض للمقابر والمشاركة في الغسل؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز شراء سلعة لشخص ثم بيعها له بسعر أعلى؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس المجلس الأوروبي: يجب تحويل التعهدات بتلبية الاحتياجات المالية لأوكرانيا إلى واقع    رئيس مجلس الوزراء يستعرض أبرز أنشطته الأسبوعية: استثمارات جديدة ودعم البحث العلمي وتعزيز الأمن الغذائي    دوري المحترفين.. الصدارة للقناة والداخلية يهزم مالية كفر الزيات    مجلة تايم الأمريكية تختار مهندسى ال AI شخصية عام 2025    الليلة.. كنوز التلاوة وسر 100 أسطوانة للشيخ محمد رفعت في فيلم الوصية الوثائقي    الصحة: «فاكسيرا» تبحث مع شركة e-Finance إنشاء منظومة إلكترونية متكاملة لخدماتها    طبيب عروس المنوفية: كانت متوفية من ساعتين ورفضت منحهم تصريحا بالدفن    الأوراق المطلوبة للتعيين بوظيفة مندوب مساعد بقضايا الدولة دفعة 2024    أمن سوهاج ينجح في تحرير طفل مختطف خلال ساعات.. وضبط المتهمين    مدرب برايتون: أتمنى مشاركة محمد صلاح غداً.. وأزمته مع ليفربول لا تهمنا    "بحوث الصحراء" ينظم ورشة عمل حول الخبرات المصرية في تطبيقات المؤشرات الجغرافية وتحدياتها    226 طن مواد غذائية، قافلة صندوق تحيا مصر تصل بشاير الخير بالإسكندرية    الغارات الإسرائيلية على لبنان لم تُسجل خسائر بشرية    رئيس شعبة الكيماويات: صناعة البلاستيك تواجه تحديات عالمية    مصر تعزز التحول الأخضر بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للعمران والبناء المستدام    كأس إنتركونتيننتال.. يورتشيتش يعاين ملعب "أحمد بن علي المونديالي" قبل مواجهة فلامنجو    ضبط طرفي مشاجرة بالإسكندرية بسبب خلاف مالي    نجوم العالم في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025    أمطار خفيفة في مناطق متفرقة بالجيزة والقاهرة على فترات متقطعة    فصل سورة الكهف....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم ب 3بركات    نانت «مصطفى محمد» ضيفًا على أنجيه في الدوري الفرنسي    خبير ضخ الفيدرالي الأميركي 40 مليار دولار شهريًا خطوة استباقية لضمان السيولة وتجنب اضطرابات السوق    رامي عياش: أحلم بدويتو مع محمد منير وفؤش.. وانتظروا تعاونى مع أحمد سعد    وزارة التضامن تشارك بورشة عمل حول تعزيز إدماج ذوي الإعاقة في مصر    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    مصر تتوج بفضيتين في الوثب العالي والقرص بدورة الألعاب الأفريقية    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



روائح المحبّة

زمن طويل مر منذ أن عرفت أن للأزمنة رائحة، وللأماكن رائحة، حتى الأرواح لها رائحة!. تقترب من روح فتشعر بكل عذوبة الكون. وتقترب منك أخرى فتصاب بالاختناق!. للخريف رائحة الحزن وبدايات قصص الحب، وللشتاء رائحة الخلق و الماء الرطب، والربيع رائحة الخصوبة والهرمونات القلقة، والصيف رائحة البحر والعلاقات العابرة. الليل له رائحة، وكذلك النهار!. من جملة أسرارى أن الليل يتسلل أحيانا لأنفى رغم سطوع الشمس، أعرف رائحته فيربكنى حضوره فى وضح النهار!.
ولكل حقبة من حياتى رائحتها المنفردة: طفولتى برائحة الياسمين تهاجمنى من الفلل المجاورة، وأنا أسير مع أمى فى سكون الليل. وحينما كنت ألعب مع أصدقائى فى الشارع ويزيح بائع الفراولة الصعيدى العجوز غطاء السلّة الخوص تفوح رائحة الفراولة فى الشارع كله.
مراهقتى برائحة الربيع الغامض والمشاعر المتشابكة، رائحة الحب حين ينادى القطة فى الليالى المقمرة. يفسرها العلماء بفيرمونات الحب: الجزيئات الدقيقة التى لا رائحة لها نفرزها عند حدوث الانجذاب، فيلتقطها الجزء العلوى من تجويف الأنف والمتصل رأسا بمركز الإحساس فى المخ فيحدث الاستنفار ويشتعل الحب. شبابى برائحة القلق والأمانى غير الممكنة والخوف من الغد، كهولتى برائحة الذكريات، تثير أشجانى تهيّج لواعجى.
وحينما أتهيأ للاستنشاق فعندى طقوس معينة: أغمض عيني، أغلق أذنى، وللقلب الخافق فى صدرى أصدر أمرى بالتوقف. أتحول إلى حال سكون تام، بعدها أبدأ الاستنشاق. أبدؤه بلطف، بنعومة، وكأننى لا أنوى الاقتحام. هبة هواء تتسلل إلى صدرى، تجتذب معها عطورا واهنة، وآهات مكبوتة، وأحلاما صغيرة لمن تصادف وجودهم حولى.
بعدها أبدأ الاقتحام: من أعماق أعماقى أجتذب الهواء، كزوبعة صغيرة عاتية، ومع الهواء أستلب الأحلام، بمغناطيس الحب أستولى على القلوب، وأطياف غريبة من عوالم أخرى تتسلل إلى رئتى، لا أعرف أسماءها، لا أرى ملامحها، لكنى أشعر بها وأميز رائحتها، لبعضها رائحة الود، ومذاق المجرات البعيدة.
 وأمعن فى الاستنشاق، أمزق قميصي، يتحول جلد صدرى العارى إلى مركز إحساس هائل، يتحول الهواء إلى دوامة، تتطاير الكراسى، تقتلع البيوت، ترتفع الأجساد بقوة العشق، كلها تتطاير إلى صدري!، وفى الدوامة مظلات نسائية، وطائرات ورقية، وعلب كبريت ولعب أطفال، وكراسى مراجيح، وبالونات ملونة، ودكك المدارس القديمة، وخطابات غرامية بحبر أحمر، وصنبور قديم متآكل تتسرب منه نقاط المياه، يشرب منه الطفل القديم بعطش لا يرتوى.
وللأماكن روائح: للريف المصرى رائحة الحقول المحروثة، العشب المبتل بندى الصباح، وهواء تنفسته بقرة واسعة العينين تمضغ العشب فى تأن، وللمدن رائحة: للإسكندرية رائحة العشب واليود والود، ورذاذ أمواج اصطدمت بصخور الأنفوشى فبللت ذيل فستان غادة سكندرية، سددت من عينين كحيلتين نظرة دلال إلى (جدع) اسكندرانى (فطب) ساكتا.
وللقاهرة الفاطمية رائحة بخور، وقلل رطبة تشبعت مسامها بماء الورد، ورائحة شمس تضرب صخور المقطم، وعبير مسك دهن به عشاق آل البيت ضريح الحسين.ولمكة رائحة البأس، والقوى الروحية المهيمنة، رائحة الأسفلت الممهد حديثا، وفوران الشمس تضرب جبال مكة، ثم ينفك الحصار عن ثغرة رقة ينفذ منها الحمام الأبيض، وقبلات الرخام البارد لقدميك الحافيتين، قبل أن تدخل مدار الكعبة فيجذبك عشق لا فكاك منه، سابحا إلى الأبد مع الطائفين والإلكترونات والأقمار والنجوم.وفى المدينة المنورة نعناع مريح، وياسمين وفل، وريحان مسامح، وورد ذو حمرة صافية. أبيض.. أبيض.. ثياب بيضاء، بيوت بيضاء، قلوب بيضاء.. حتى الروائح بيضاء!.
وفى الطرقات بعض من عطر النبوّة. رائحة عنبر الحوت الذى ابتلع النبى يونس عليه السلام، ولم يزل يتنقل عبر أرواح الأنبياء حتى وصل إلى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. وفى الساحة الرخامية، أمام القبة الخضراء، هناك حيث يبزغ القمر كل ليلة، حفيف أرواح تتزاور بين أُحد والبقيع حاملة معها روائح الجنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.