تلقيت تعليقات عديدة على مقال الثلاثاء «صدمة الأستاذ لبيب» سأعرض بعضها لما تحويه من رؤية لواقعنا التعليمى، وأعتذر للذين لم تسمح ظروف المساحة بنشر كلماتهم الثمينة، وأبدأ بصاحب الحق، الكاتب الصحفى المحترم الأستاذ لبيب السباعى: أبدأ من حيث انتهت كلماتك حيث رأيت - ولك كل الحق - أن مصر، حسب تعبيرك، محتاجة «نفضة» كاملة تزيل أطنان التبلد والفساد والتخلف، لنبدأ بعدها من الصفر الذى أصبحنا مع كل الأسف دونه بكثير. وقد تدهش إذا قلت لك إننى - رغم ما تظنه تفاؤلا - أتفق معك تماما فيما وصلت إليه فى ختام مقالك، ولكن.. وأرجو أن تأذن لى.. أود أن أضيف إلى ختام كلمتك سؤالا واحدا وهو: من الذى سيقوم بهذه «النفضة»؟ ومن الذى سيبدأ بعدها؟ والإجابة التى عندى هى أن الضمان الوحيد لأن تكون هذه «النفضة» إزاحة لأطنان التبلد والتخلف وبداية لمستقبل الوطن كما نحلم به هو وجود كوادر بشرية من أبناء هذا الوطن مؤهلة علميا وبشكل حقيقى للقيام بهذه «النفضة» ولما بعدها، وإلا تحولت إلى فوضى، وإضافة لأطنان جديدة من التبلد والتخلف والفساد. والكارثة الحقيقية - يا عزيزى خيرى - هى أنه مع استمرار تردى وتراجع التعليم، لن نجد من يقوم بهذه «النفضة»!! صديقى العزيز.. صدقنى، إن شعاع الأمل فى تحقيق ما نتمناه جميعا لمصر لن يتحقق إلا بإصلاح التعليم إصلاحا جذريا وشاملا، وهو الأمر الذى أقاتل من أجله، متحملا تبلد المسؤولين وردود أفعالهم التى تتراوح بين تبرير وضع خاطئ، والوعود بإصلاح لا يجىء، وصمت وتجاهل فى معظم الأحيان، وعندما تشير مشكورا إلى ما تحقق بشأن أرض جامعة القاهرة، التى كانت معروضة للبيع، فدعنى أذكرك بأن ما جرى فيها هو استثناء لنظرية يؤمن بها العديد من المسؤولين، وهى نظرية «دعه يكتب.. دعه يمل». عزيزى خيرى.. مرة أخرى، إن الأمر يتجاوز القدرة على التفاؤل إلى اليقين بأن هذا الوطن لن ينجو إلا بالتعليم، ولن يستعيد مكانته فى الفن والرياضة والثقافة والسياسة وغيرها إلا بالتعليم، ولن يكون حاضرا وفاعلا ومؤثرا وفى الترتيب العالمى فى كل جوانب الحياة إلا بالتعليم الحقيقى. ومن الأستاذ لبيب إلى الكاتب والقارئ الأستاذ سعيد سالم: الحل ينحصر فى توافر التمويل اللازم للنهضة، أولاً: لمضاعفة رواتب المدرسين إلى 4 أو 5 أضعاف الآن، وثانيا: لتوفير المعامل العلمية والتكنولوجية كوسائل للنهضة، وثالثا: لبناء مدارس جديدة ذات ملاعب وأحواش، وتطوير القديم منها بشكل يعيد إقبال الطلاب عليها ويزيد ارتباطهم بها.. إلخ. وقد قامت الفكرة على أساس أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين المجتمع والتعليم من حيث المدخلات والمخرجات، التى تجعل تأثير التعليم بالمجتمع وتأثير المجتمع بالتعليم وجهين لعملة واحدة، ومادام الأمر كذلك ومع محدودية موازنة الدولة المخصصة للتعليم، فإن جميع وزارات الدولة - وهى التى (يتشكل منها المجتمع وتتشكل هى منه، تؤثر فيه ويؤثر فيها) - مدعوة للمشاركة فى الحل، بأن تعلن تنازلها طواعية عما بين 500 و750 مليون جنيه من موازنتها كمشاركة اجتماعية لتحسين مخرجات التعليم، ومن ثم تحسين أدائها وأداء مصالحها الإنتاجية والخدمية المختلفة وجميع المنشآت الأخرى التى يتشكل منها المجتمع، والتى ستعتمد اعتماداً كلياً على هذه المخرجات عند تعيينها طرفها بعد التخرج. وحسنا فعلت الدولة حين قررت زيادة المخصص لموازنة التعليم للعام المالى 2009/2010، بمقدار 12 ملياراً ليصبح 48 مليار جنيه بعد 36، فما بالك إذا زيدت الموازنة بمقدار 18 مليار أخرى حصيلة التنازل الطوعى لعدد 20 وزارة عن حصة متوسطها 600 مليون جنيه؟ وما بالك إذا تم ضخ 90 مليار جنيه خلال خمس سنوات قادمة لتحسين مخرجات التعليم، وكذلك تحسين مدخلات المجتمع لنهضة الأجيال القادمة، ويا حبذا لو شارك مجتمع رجال الأعمال بعشرة مليارات أخرى خلال الخمس سنوات المقبلة نفسها؟! [email protected]