تصريحات تُثير الغثيان أطلقتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون والرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، وتصيب المواطن العربى، أو تكاد، ب«الجنون».. تنصح كلينتون رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بأن يستمر فى لعبة المفاوضات التى مارسها أسلافه بمهارة تستمد ندرتها من حالة العرب و«تحذره» من أن إسرائيل ستخسر «الدعم العربى؟!» فى مواجهة إيران بينما يخترع بيريز «خندقاً» واحداً يضمه مع مصر!!.. هل تريد هيلارى كلينتون دعماً عربياً للدولة اليهودية التى تعتبر جنس العرب تدنيساً لطهارتها العرقية؟!.. مع العلم بأن يهود إسرائيل يتوزعون بين أصول وأعراق مختلفة مثلهم فى ذلك مثل بقية البشر. هل تتوقع الوزيرة الأمريكية أن يدعم العرب الاستعمار الاستيطانى الذى تواصل بوتيرة محمومة منذ بدء «العملية».. التى سموها ظلماً وافتراءً «عملية السلام»؟! أم أنها تعتبرنا «صنفاً» من البشر لا شعور له ولا إحساس بحيث يدعم «قاتله؟!»، وهل نحن فى نفس خندق بيريز صاحب نظرية الشرق الأوسط الكبير، الذى تكون فيه إسرائيل القوة الإقليمية الكبرى الوحيدة بعناصرها الثلاثة: العقل اليهودى، أو العبقرية اليهودية كما قال، والمال الخليجى والأيدى العاملة المصرية؟ وهل المطلوب دعم عربى للمشروع الصهيونى الذى تأسس على أنقاض الفلسطينيين وأشلائهم ومحو قراهم من الخريطة لإقامة المستعمرات بدلاً منها بمهاجرين يهود، بينما أصحاب الوطن لاجئون فى وطنهم أو مهجرون خارجه بالقوة المسلحة والإبادة المنظمة (وليس ببيع أراضيهم كما يحلو لبعض «كبار كتابنا» القول الممجوج).. أى دعم يا سادة وحتى المؤرخون الجدد فى إسرائيل فضحوا الجريمة التى خطط لها الغرب ونفذها والتى اعتبروها تطهيراً عرقياً عنصرياً بغيضاً، وذلك دون حساب أو عقاب كما حدث مثلاً لنظام جنوب أفريقيا العنصرى فى ستينيات وسبعينيات القرن الماضى؟ وحسب إيلان بابى - وهو أحد أبرز المؤرخين الجدد - فقد أضفى الغرب المنافق حصانة على أبشع الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين والعرب وساموهم أحقر أنواع العنصرية تحت لافتة أيديولوجية كريهة هى «الصهيونية»، التى ترى فى كل عربى هدفاً تجب إزالته والقضاء عليه.. لقد تأسست إسرائيل على قاعدة أبشع جريمة ضد الإنسانية وسط صمت متآمر ومتواطئ بل إن القوى التى خططت للجريمة وساعدت على تنفيذها تخرس أى انتقاد لهذا المشروع وتشاهد ارتكاب المذابح واحدة تلو الأخرى بعين الرضا أو التواطؤ، الذى يتجسد فى أسوأ صورة بمنع أى إدانة لإسرائيل فى مجلس الأمن، وهى نفس القوى التى أدخلتنا سراديب المفاوضات الثنائية ثم أوسلو والرباعية والمجتمع الدولى وكلها لتمكين إسرائيل من مواصلة مشروعها العنصرى.. أليس بوسع الولاياتالمتحدة والغرب، إذا كانوا يريدون سلاماً، أن يتوقفوا هم عن «دعم» إسرائيل بالأسلحة الفتاكة وبالغطاء الواقى من أى عقاب أو حتى لوم؟.. هل الذين ينشرون البوارج والأجهزة الحديثة والطائرات لمنع وصول بنادق أو حتى صواريخ بدائية للفلسطينيين عاجزون عن إرغام إسرائيل على وقف الاستعمار الاستيطانى وتهويد القدس ومصادرة الأراضى الفلسطينية يومياً وقتل الفلسطينيين هل مثل هذه الدولة فى حاجة إلى دعم إضافى؟ وممن.. من العرب بدعوى التهديدات الإيرانية؟ ندعم جدار الفصل العنصرى ونقاء الدولة اليهودية ونساعد على «تتويجها» إمبراطورة الشرق؟ أقول للغرب المنافق المتآمر على ماضينا وحاضرنا: ألا يكفيك ما فعلت بنا بزرع إسرائيل فى وطننا، فتريد أن تسرق مستقبلنا.والكارثة.. أن يكون ذلك «بدعم عربى»؟!