أكدت حرب أكتوبر مدى التماسك والترابط الوطنى بمساهمة كل المصريين فى تلك الحرب التى جمعت بين عنصرى الأمة، والتى استشهد فيها القادة الكبار الذين كانوا يتقدمون الصفوف مثل «أحمد حمدى»، ونشيد بدور المهندس الضابط باقى زكى يوسف الذى ساهم بفكره العلمى فى تفتيت الساتر الرملى بخط بارليف المنيع.. وباللواء فؤاد عزيز غالى محرر القنطرة شرق.. هى شهادة للأجيال القادمة، تؤكد الوحدة الوطنية، وتبدد الغيوم ولغط الكلام اللامسؤول حول اللامساواة بين المواطنين، بينما كانت جموع الشعب فى الجبهة الداخلية تتكاتف لمواجهة موقف توحدت فيه الأمة خلف قواتها المسلحة حتى تحقق لمصر «يوم الكرامة» فى 6 أكتوبر 1973.. وفى الرابع والعشرين من نفس شهر الانتصارات تصدى رجال المقاومة الشعبية فى مدينة السويس لمئات الدبابات الإسرائيلية ومدرعاتها التى حاولت اقتحام المدينة وتمكنوا من دحرها قبل أن تدنس أرضها الطاهرة، ليضاف يوم جديد من أيام الكرامة المصرية، باعتباره أحد أعياد مصر القومية، إلى أن تم فيما بعد قصر الاحتفال به داخل المحافظة.. كنا نتمنى أن يستوعب جيل المستقبل قراءة تاريخ وطنهم وانتصارات آبائهم دون تحريف أو نكران للجميل لمن صنعوا البطولة، ليعرفوا أن يوم الكرامة المصرية كان يعنى عودة الروح لمصر، وأن 6 أكتوبر ليس مجرد اسم لإحدى المحافظات المصرية أو كوبرى يحمل نفس الاسم! وإذا كان عذرهم فى ذلك يرجع إلى اختفاء روح أكتوبر فكان ينبغى الحرص على التمسك بعدم فقدانها، بعد أن توقفت عجلة دورانها على علامة الزيرو دون إمكانية إعادة تشغيلها، وبعد إنهماك الجميع بأمورهم الخاصة، حتى تمكن الاسترخاء من قدراتنا على تحقيق الأهداف القومية بعد انشغال الجميع بتحقيق أهدافهم الشخصية! ومن المضحكات المبكيات فى مصرنا المحروسة أن نخطط ونشن حرباً أذهلت العالم منذ أكثر من 36 عاماً، ومازالت آثارها الجانبية تدرس فى معاهد العالم العسكرية، بينما فقدنا- للأسف - القدرة بعد كل هذه السنوات على وضع استراتيجية نخترق بها ثغرات تلال القمامة التى باتت تحاصرنا وتلوث حياتنا ويسىء وجودها إلى سمعة مصر! لن تتحقق آمالنا فى القضاء على سلبيات حياتنا المتعددة سوى بالإسراع نحو استدعاء روح أكتوبر للعبور بها من جديد إلى الداخل.. علينا أن نحاسب أنفسنا عما فعلته أيادينا نحو مصر قبل أن يحاسبنا الخالق عز وجل عما فعلناه بها. فاروق على متولى- السويس [email protected]