مؤكد أنك سألت نفسك أو غيرك: ماذا لو كان باراك أوباما مصريا؟ ومؤكد أيضا أن الحيرة لم تصبك فى الإجابة، فأنت تعرف أن الرجل صاحب البشرة السمراء والجذور الإسلامية والأفريقية ما كان له «لو كان مصريا» أن يصل لموقع مدير جمعية زراعية، هذا إذا تعلم أصلا ولم تجرفه النظرة الدونية إلى أن يصبح مجرد عامل فى محطة بنزين أو خادم فى مزرعة خيول، فابن الأم والأب الأجنبى كان حتى وقت قريب أقل من لقيط. يكفى أن ننظر إلى الوزارة المصرية لنعرف أن معظم من فيها من سلالة عائلات كبيرة، بل إن كثيراً منهم حصلوا على مقاعدهم بالوراثة، بغض النظر عن مؤهلاتهم. وإذا كنت من الذين يسألون إن كان باراك أوباما يستحق جائزة نوبل للسلام أم لا؟ فأنت تعرف أن الرجل الذى وصل من العدم والعنصرية إلى رئاسة أمريكا، لديه أفكار جريئة، تمثل انقلابا فى التوجهات الأمريكية المحكومة باللوبى الصهيونى، ومجموعة من المتطرفين والرافضين تماما لسياسة وأفكار أوباما. أوباما يستحق الجائزة حتى لو كان كلامه مجرد أفكار تدعو للحوار والتعايش والتسامح ونبذ العنف، وما يدعو إليه ليس أقل مما تدعو إليه الإيرانية، شرين عبادى، التى سبق أن حصلت على نوبل. أوباما يستحق هذه الجائزة لتكون عصاه التى يتوكأ عليها حين تتحول أفكاره إلى واقع، ويضرب بها اللوبيهات الكثيرة التى تعارضه وتتربص به وتعتبره مسلما منحازا لقضايا العالم الإسلامى. خطاب أوباما الساحر والبديع فى القاهرة يستحق جائزة نوبل حتى لو كان مجرد خطاب، ونظرته العظيمة للإسلام والمسلمين تستحق جائزة نوبل. اعتبروها جائزة تشجيعية على إعلانه الانسحاب من العراق، ونظرته لمعتقل جوانتانامو كنقطة سوداء فى جبين أمريكا، ومن ثم قراره بغلقه، رغم غضب واعتراض «المحافظين الجدد». اعتبروها جائزة على كلمته التى ألقاها فى الأممالمتحدة وأدان فيها عمليات الاستيطان الصهيونى فى الضفة الغربية، باعتباره غير شرعى، وهو بذلك أول رئيس أمريكى يقف فى هذا المكان ويقول هذا الكلام. الرجل من فرط تواضعه وتخلصه من العنجهية الأمريكية اعتبر أنه لا يستحق هذه الجائزة مقارنة بالفائزين السابقين بها، ورآها دعوة للعمل ضد الاحتباس الحرارى والانتشار النووى وحل النزاعات، ومبررات لجنة الجائزة تكفى لأن يكون أوباما جديرا، لأنه منح العالم «أملا فى مستقبل أفضل»، من خلال عمله من أجل السلام ودعوته لخفض المخزون العالمى للأسلحة النووية، و«لجهوده غير العادية فى تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب». أما ما أثاره قرار منح أوباما الجائزة من انتقادات، باعتبار أن الجائزة الرفيعة منحت لرئيس لم تمض تسعة أشهر على توليه الحكم وليست له إنجازات كبيرة، ردت عليه حيثيات الجائزة بأنه: «من النادر جدا أن تجد شخصا تمكن من أن يجذب انتباه العالم ويمنح شعوبه الأمل فى مستقبل أفضل كما فعل أوباما». وإذا كان هناك نقد لهذه الجائزة، فعلى الأقل يجب ألا يكون من عندنا، ويجب ألا يشارك العالم الإسلامى فى زفة يستغلها أعداء الرجل من الذين صفقوا طويلا ل«بوش» على غزواته «الصليبية» واختصاره للعالم الإسلامى فى «التطرف» و«التخلف»، بينما نظر أوباما نظرة تحضر واحترام للعالم الإسلامى يستحق عليها نوبل إسلامية.