غريب وعجيب أمر التعامل مع الحوادث والنكبات فى بلادنا، فالمسؤولون لا يعترفون أن هناك شعباً يتكون من مجموعة من البشر - بالشين وليس بالقاف - من حقه أن يعرف ما يدور حوله، ففور أن تقع حادثة تجد المسؤول يخرج بتصريحات دائماً وأبداً تجافى وتنافى الحقيقة، وإن لم تكن كذباً على طول الخط.. وبعد ذلك يتساءلون لماذا لا يثق الشعب فى الحكومة؟ المهم أن طريقة التعامل مع الحوادث والنكبات تغيرت فى بلادنا العزيزة مصر، فأصبح المسؤول يخرج ويصرح فى أول ساعات الحدث، ويقول كلاماً يوحى لك بأنه كله تمام وتحت السيطرة، ثم يخرج ثانية لينفى ما قاله أو يخرج «مصدر مسؤول» ليقول كلاماً هو يعرف أنه غير حقيقى وبالتالى لا يستطيع أن يذكر اسمه منسوباً إليه هذا الكلام الذى قاله وصرح به، المسؤول عادة من شدة التصريحات وكثافاتها بيصرح على روحه والتغير الذى ذكرته فى طريقة التعامل مع الأحداث يعتبر «بداية طيبة ومشجعة للتغيير الذى ننشده»، وأننا نسير على الطريق «طريق اللى يروح ما يرجع». ولنأت إلى أقرب مثل على ذلك حادث السيارة التى تم تفخيخها وتفجيرها بالتحكم عن بعد أمام كنيسة السيدة العذراء فى الزيتون فالخبر الذى تمت كتابته عن الحادث وتم إعطاؤه لبعض الصحف «لاحظ تم إعطاؤه» تحدث عن ماس كهربائى - راجع «الأهرام» يوم الاثنين 11 مايو الجارى، الصفحة الأولى - وأن صاحب السيارة مسيحى الديانة وأنه لا يتهم أى شخص بإحداث الماس الكهربائى بسيارته باعتبار أن الماس الكهربائى يمكن أن يحدثه شخص ولا يحدث من تلقاء نفسه، ويقول الخبر أيضاً: «وهو ما أكده تقرير المعمل الجنائى عن سبب الحريق» لاحظ تم وصفه بالحريق «وناشدت الأجهزة الأمنية المواطنين الابتعاد عن إطلاق الشائعات حتى لا تحدث بلبلة». فى هذا الخبر تم التاكيد على أن صاحب السيارة مسيحى وهو عادة ما لا تتم كتابته فى التغطيات الصحفية لمثل هذه الحوادث إلا إذا كان الغرض منه توجيه الرأى العام فى سكة أخرى وللأسف أنها سكة خطيرة لا يجب السير فيها، إضافة إلى أنه تم التعامل مع الحادث على أنه شائعة، وتم تغليف ذلك بمؤسسة محترمة وكبيرة وهى المعمل الجنائى ونسب ذلك له ليكون للخبر مصداقية، ولكن تعالوا نقرأ ما كشفته تحقيقات النيابة، وهو ما يكذِّب كل ما فات وما تم نشره فى «المصرى اليوم» فى اليوم التالى يقول الخبر: «كشفت تحقيقات نيابة الزيتون عن مفاجآت فى حادث انفجار سيارة أمام كنيسة العذراء بمنطقة الزيتون، مساء أمس الأول، تبين من المعاينة أن مجهولين وضعوا عبوتين ناسفتين فى سيارتين، وأن العبوة الأولى انفجرت، أما العبوة الثانية فقد تمكن رجال الإدارة العامة للحماية المدنية من إبطال مفعولها بمعرفتهم، وتبين أنها كانت مزودة بهاتف محمول يستخدم فى عملية التفجير عن بعد». وماذا قالت المصادر الأمنية بعد المعلومات التى أكدتها النيابة.. قالت «إن المعاينة الأولية كشفت أن الانفجار الأول تسبب فى تطاير أجزاء من السيارة، وتبين من الفحص أن الحادث وقع نتيجة انفجار عبوة محلية الصنع. وتحرر محضر بالواقعة، وأثناء فحص المكان باستخدام الكلاب البوليسية، عثرت أجهزة الأمن على عبوة ثانية وضعها مجهولون داخل سيارة «128» كانت تقف بالقرب من السيارة الأولى، وتمكن رجال الإدارة العامة للحماية المدنية من إبطال مفعول العبوة الثانية، وتم التحفظ على محتوياتها، وتبين أنها كانت متصلة بهاتف محمول لاستخدامه فى عملية التفجير» لاحظ التناقض الواضح فى الكلام. وماذا قال أيضاً بطرس ميشيل بطرس، «45 سنة»، المحامى مالك السيارة، قال: «إنه أوقف سيارته أمام الكنيسة بعد أن نقل ابنه إلى الدرس، ودخل الأب بعدها الكنيسة وفوجئ بصوت الانفجار فخرج مسرعاً»، وهو عكس ما تم نسبه إليه أو استنطاقه به. المثير للسخرية أن هناك من تحدث عن أن متشددين مسيحيين وراء تدبير الحادث لإظهار أن الأقباط مضطهدون فى مصر، وأن الكنيسة تنفى ذلك وفى هذه الجزئية أود أن أقول إنه لم يتم يوماً ضبط تنظيم مسيحى مسلح أو اشترك مسيحيون فى اغتيال شخصيات حكومية أو مسؤولين أو أن هناك حزباً باسم الكنيسة. ياسادة، الأمر خطير. والأمور ليست تحت السيطرة، كما يعتقد البعض، ومصر دخلت فى منطقة تفخيخ السيارات والتفجير عن بعد، ومعنى ذلك أن هناك أفراداً مدربين بعناية وبمهارة شديدة وبعلم غزير ويفهمون فى التكنولوجيا المتطورة، وبدلاً من بث روايات من عينة تلك الأخبار حافظوا على أمن البلد. المختصرالمفيد كَمَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ عُرْيَانًا يَرْجعُ ذَاهِبًا كَمَا جَاءَ. [email protected]