لي صديق دائماً ما ينصحني أن أبحث عن الإيجابية أول كما يقولها بالأنجليزية ( search for positivity ): و بحثت كثيراً حولي و لم أجدها، لم أجدها في أطفال نائمة تحت الكباري، لم أجدها في شوارع مليئة بأناس تقتلها الهموم .. لم أجدها في أنبوبة بوتجاز وصلت لل 50 جنيه، لم أجدها في كيلو لحمة وصل لل 80 جنيه (و ده لو كانت عليها القيمة و تتاكل مش كلها دود)، لم أجدها في كهرباء تنقطع، لم أجدها في مباني تخصخص دون إراداتنا، لم أجدها في آثار تبكي ألما من الإهمال، لم أجدها في إنتخابات غير نزيهة (لو كملت يمكن تقفل مقالي و ترمي نفسك من البلكونة). و جلست أبحث في الانترنت (اللي مفروض أنه مجاني) عن معنى كلمة إيجابية باللغتين الإنجليزية و العربية (يمكن يختلف من بلاد برا لهنا). ووجدته بالإنجليزية يعني (هي تجميع الصفات التي يتمتع بها الإنسان للبحث عن الأفضل بيقين و تأكيد و جزم مطلق). والغريب أنني لم أجد معنى محدد لتعريف هذه الكلمة باللغة العربية غير أنها عكس كلمة السلبية (و المفروض يعني إنها حاجة كويسة) و صدمت لذلك.... و جلست أفكر و قررت أنني أختلف مع صديقي في مفهومه لكلمة الإيجابية، فالإيجابية ليست شيء نبحث عنه انه شيء موجود بداخل كل شخص فينا ... و لكن لسبب - قصدي الأهل و ما تعلمناه في المدارس - أو لآخر - بصوا حواليكوا - قتلت فينا الإيجابية. وأبدأ معكم من الطفولة، فقد تربينا على أن إبداء الرأي هو شيء غير مقبول وعيب (وطي صوتك وأنت بتتكلم، أنت كمان حتناقشني، وأمشي على أوضتك، وأمشي علي فصلك والليلة دي و طبعا عارفين بتكلم عن إيه). و كبرنا و لدينا دكتور في الجامعة يقول لك (ممنوع تناقش و ممنوع تسأل لأن هو الدكتور وهو اللي عارف و فاهم كل حاجة)، ولو أوتيت بالشجاعة لإبداء رأيك و ناقشت (يبقي هات كارنيهك وأمشي اطلع بره و عوضك علي الله في السنة دي و مش بعيد اللي بعدها كمان)، وإن أكرمك الله وكبحت جماح لسانك ولم تناقش ولم تسأل فشيء من الإتنين : لو كنت شاب ودخلت الجيش بتتعلم (تمام يا فندم، تحت أمر حضرتك، علم وينفذ). ولو كنتي فتاة ستتعلمي (لازم تكوني بنت مطيعة، عشان بالتالي تكوني زوجة مطيعة، وطبعا مش هننسي حاضر يا سي السيد علشان تعرفي تتجوزي). وبالتالي كبرنا لنصبح مواطنين مطأطأين الرأس علشان الحال يمشي، وكلوا داخليا معترض ولكن لسبب مش لآخر خايفين نتكلم، برضه علشان غلط عليك.. و جلست أتكلم مع أمي في أنني أتمني أن أفعل شيء و أكون حد وأصبح إنسانة إيجابية، فجاء ردها (يا بنتي المهندس ابنه مهندس، و الدكتور الجامعي ابنه دكتور جامعي، و الطبيب ابنه طبيب، و المستشار ابنه وكيل نيابة و الوزير ابنه وزير و حتى الرئيس ..... يعني مفيش فايدة.) وصحت بداخلي الايجابية واعترضت قائلة (ليه يا ماما دي كده إقطاعية، هو إحنا مش أخدنا في كتب التاريخ إن الثورة قامت عشان تقضي علي الإقطاعية؟، و لا ايه ما تقتليش فينا الإيجابية) و قالت أمي (و هتيجي منين الإيجابية). وجلست أفكر من أين لنا الإيجابية؟ و من أين لنا التغيير؟ فالتغيير يبدأ من الفرد ذاته (بأنه يحاول يعمل حاجة) والإيجابية موجودة في داخل كل فرد فينا ولكنها كالزرعة يجب أن تسقيها وتهتم بها حتي تكبر، والإيجابية هي اتحاد صفات في داخلك لتعرف كيف تغير الواقع السلبي اللذي تعيشه، و من هنا يجب أن أنوه ان كل فرد فينا إذا أراد التغيير في الواقع الذي نعيشه يجب أن نتحد وأن نبحث عن الإيجابية بداخلنا، وإذا أردت التغيير فيجب أولا ان تصرح بأنك تريد هذا التغيير حتى يحدث. فلا تخاف و لا تمشي علي أوضتك و لا تروح علي فصلك و لا تحضر كارنيهك. فقط قف و قل.... أنا متعب و أريد التغيير... و من هنا قد تأتي الإيجابية. ببكي على حالك يا مصر في كل يوم بشوف جمالك يختفي ببكي على حالك يا مصر في كل يوم بشوف عيالك تنطفي ببكي على حالك يا مصر و انتي سايبه ولادك كلٌ بهمه يحتفي نهال علي ماهر