الأكاديمية الطبية العسكرية توقع اتفاقا لتبادل الخبرات مع الجامعة المصرية الصينية    وفد من جامعة بنها يزور جامعة سكاريا بتركيا لبحث التعاون الأكاديمي – صور    وزير التعليم العالي يعقد اجتماعًا مع رؤساء الجامعات الأهلية    طب قصر العيني تستقبل وفد سفارة غينيا لدعم برنامج التعليم باللغة الفرنسية    أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة الفيوم    رفع كفاءة الشوارع الداخلية بكفر صقر في الشرقية    السيسي يوجه بتكثيف جهود جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة المتجددة    إزالة 10 حالات تعد على الأراضي الزراعية بالإسكندرية- صور    وزير البترول يتفقد تجهيز سفينة التغييز "Energos Power" قبل تحركها إلى "العين السخنة"    وزير الإسكان: دفع الأعمال بالمشروعات الجاري تنفيذها في الوادي الجديد    حماس: المجازر مستمرة قرب نقاط التحكم الأمريكي الصهيوني بالمساعدات    باكستان تستأنف الرحلات الجوية بعد إعادة فتح المجال الجوي الخليجي    المفوضية الأوروبية ترحب بالإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    ماذا أصاب لاعب بالميراس عند رؤية ميسي؟    الأهلي يقترب من إعلان صفقة جديدة.. الغندور يكشف التفاصيل    إخماد حريق تروسيكل محمل بأنابيب بوتاجاز في الدقهلية    كدمات ومنع التنفس، نص تقرير الطب الشرعي لمصرع 3 أطفال على يد والدتهم بالشروق    37 حققوا الدرجة النهائية.. أسماء أوائل الشهادة الإعدادية بالأقصر    "هيدرو وحشيش وشابو".. إحباط ترويج 38 كيلو مخدرات في 3 محافظات    تواريخ إنتاج مستقبلية.. ضبط آلاف المنتجات المغشوشة في بني سويف    انطلاق ليالي عرض "الملك وأنا" على مسرح البالون الأحد المقبل    انطلاق عرض برنامج "هي وبس" ل رضوى الشربيني على dmc الليلة    شيرين رضا تنشر فيديو من أحدث ظهور لها.. والجمهور: "كليوباترا"    لتعزيز الوعى الأثرى ودمج ذوي الهمم.. الآثار تطلق النسخة الثانية من برنامج المدرسة الصيفية "اكتشف"    هل القرض حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    أسباب طقطقة المفاصل ومخاطرها وطرق علاجها    وزير الصحة: مصر ملتزمة بتنفيذ توصيات أعمال اللجنة التوجيهية الإقليمية (RESCO)    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 153 مخالفة عدم التزام بقرار الغلق للمحلات    نائب: 30 يونيو شاهدة على لحظة فاصلة في تاريخ الوطن    رئيس الأركان الإسرائيلي: سنهاجم إيران بقوة ردًا على انتهاك وقف إطلاق النار    معهد التخطيط القومي ينظم المؤتمر الدولي السنوي حول «الابتكار والتنمية المستدامة»    محافظة كفر الشيخ تبحث الاستعانة بخبرات الجامعة في إقامة عدة مشروعات    اتحاد الكرة يبدأ التحرك لاختيار مدير فني جديد لمنتخب الكرة النسائية    فرقة بورسعيد تعرض «اليد السوداء» على مسرح السامر بالعجوزة    الأهلي يتلقى عرضين لرحيل وسام أبو علي    انتهاء اختبار مادة اللغة الأجنبية الثانية لطلاب الثانوية العامة النظام القديم    حملات أمنية لضبط تجار المخدرات والأسلحة النارية غير المرخصة بأسيوط وأسوان ودمياط    سحب 906 رخص لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    قافلة طبية للكشف على نزلاء مستشفى الصحة النفسية في الخانكة    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية في محافظة قنا ضمن زيارة ميدانية    رئيس الوزراء اللبناني يؤكد وقوف بلاده إلى جانب البحرين ودول الخليج كافة    البطريركان أفرام الثاني ويوحنا العاشر يزوران جرحى تفجير كنيسة مار إلياس بدمشق    بالفيديو.. أستاذ علوم سياسية يكشف أسباب عدم التدخل الروسي في الحرب الإيرانية الإسرائيلية    منتخب مصر لكرة اليد يواجه ألمانيا في بطولة العالم للشباب 2025    الشحات يكشف كواليس الفرصة الضائعة: ترددت لحظة.. ولو رجع الزمن كنت خلصت على طول    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    ليلة الرعب والخيبة | ترامب يخدع.. إيران تضرب.. بغداد تحترق.. الأهلي يودع المونديال    انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية التجارة بجامعة قناة السويس    فانس: قضينا على البرنامج النووي الإيراني ونأمل ألا تعيد طهران تطويره    آخرهم الأهلي.. 11 ناديا ودعوا بطولة كأس العالم للأندية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة    ذاكرة الكتب| التاريخ الأسود ل إسرائيل في اغتيال علماء الذرة العرب.. سميرة موسى نموذجًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى الكشف عن جذر «الحنين»
نشر في المصري اليوم يوم 27 - 09 - 2009

هب أن بيتك القديم خانك وسمح أن يسكنه آخرون. هب أنك تسللت إليه بعد أن كدت تُجنّ من فرط الحنين، هب أنك خططت أن تقضى الليل مستيقظا مع أشباحك القديمة، هب أن الكرى هاجمك وأنت فيه، وحينما استيقظت وجدت مفاجأة مذهلة، شيئا لا يمكن أن تصدق أبدا أنه ممكن الحدوث.
لاستخدام المعاجم أصول: عند الكشف عن أصل كلمة، يجب أن تردها أولا إلى الماضى. المشكلة أن التواصل مع الماضى لعبة خطرة، ربما تنقلب جدا ولا تعود أبدا من عالمه البعيد. أنت تظن أن الزمن يتدفق فى اتجاه واحد، كمجرى نهر، وتغفل التيارات المعاكسة، تحمل زهرة فى الاتجاه الآخر، ذكرى قديمة، نغمة عابرة، أغنية مألوفة، طعم البنبون النادلر والسكر النبات.
تصور ماذا يحدث لو استيقظت من نومك فوجدت أنوار الماضى تغمرك، وهواء الليل يحملك إلى بيتك القديم. تسير فى الطرقات كالحالم، كالضائع بين عالمى الوهم والحقيقة، كالمستيقظ من النوم لتوه. بيت طفولتك تحتله الآن شركة كمبيوتر. تسترق نظرات إلى الشرفة المظلمة، ثم تخطر ببالك فكرة جنونية: لماذا لا تدخل بيتك القديم؟
المفتاح فى جيبك، احتفظت به كأيقونة مقدسة، لم يطاوعك قلبك أن تلقى به، وبماضيك كله فى سلة المهملات. البناية مظلمة، والباب مُوصَد. جرب أن تديره ببطء. أحيانا ينسى الحارس إغلاقه. تدير المقبض، تشعر بملمسه الخشن، وكأن يدك لم تفارقه قط، تعالجه بحكمة، ببطء، بحب، بفهم، بحنين، بذكريات مشتركة بينك وبينه، يذكر ملمس يدك بلا ريب، منذ أن كنت مراهقا يعود متأخرا، تتسحب على أطراف أقدامك، محاذرا أن تحدث ضجة توقظ أمك، فتبادرك بوصلة تأنيب.
أنت الآن فى مدخل البناية، الدرج غارق فى الظلام، لكنك تعرفه كراحة يدك. عشر سلالم بالضبط تسلمك إلى الباب القديم. الجرس مدفون فى الحائط كجرح غائر، وتود أن تضغط عليه وتسمع اللحن القديم. الماضى ينتفض من مكمنه برجفة البعث. لاحظ أنك الآن تخالف القانون، وتعبث بأملاك لم تعد تخصك، وبيت لم تعد تملكه. تصور!!. بيتك لم يعد بيتك. غرفتك لم تعد غرفتك، سريرك ليس سريرك. أنت لم تعد أنت. لماذا نعطى بيوتنا كل شىء ثم نترك كل شىء!، نغادرها ونرحل، تستنزف مشاعرنا الجميلة، نترك جزءا منا ونرحل ناقصين.
البيت شركة كمبيوتر لا يسكنه أحد، ودخولك مغامرة محسوبة إذا تسللت فى هدوء لا يوقظ الجيران. المفتاح يعالج القفل، وقلبك يوشك أن ينخلع. المستحيل يحدث والمفتاح يدور، هل غفل أصحابه الجدد عن تغيير القفل، أم أن البيت يشاركك المؤامرة ويدعوك إلى الرجوع؟
لا شىء ميت فى هذا الكون، باطن الذرات يضج بالحياة، والجزيئات تتحرك وإن تظاهرت بالسكون. لماذا تفترض أن البيت لا يشعر بالحنين إليك، لأيامك القديمة؟، المفتاح دار لأن الأرض تدور، والقمر يدور، والإلكترونات تدور، والكون بأسره يدور.
ها أنت ذا فى بيتك القديم. أول ما تطالعه الردهة المعتمة ثم الصالة الواسعة. السكون السائد قناع يخفى الشوق الزائد. تتسلل إلى غرفتك القديمة، تتحاور مع أشباحك، وحينما يتسلل أول ضوء ستنهى مغامرتك السرية وتغادر البيت قبل أن يحضر السكان الجدد.
والذى حدث بعدها لا يمكن تدوينه كله، هل نمت بالفعل أم لم تنم؟ هل نام قلبك؟ هل نامت عيناك؟ ماذا شاهدت فى البيت الخالى؟ وأى أسرار أقسمت ألا تبوح بها؟ هل عادت أشباح الماضى؟ أم عرفت كيف تخترق الزمان وركبت الموجة المعاكسة؟. كان الأمر سهلا جدا حتى تعجبت لماذا لم تفعله من قبل ولماذا لا يمارسه الجميع!.
 حينما انقضى الليل، وتسرب شعاع الشمس من خلف النافذة الموصدة سمعت أصواتاً تتردد فى الصالة المجاورة!. فتحت الباب فشاهدت ما كنت تتوقع أن تشاهده: الوجوه القديمة التى غابت بالموت أو الزمن: أمك التى ذهبت، أخاك الذى رحل. وجه أخيك الأكبر ينعم بالصبا، شلال الشعر الحريرى على كتفى شقيقتك. لم يتغير شىء. وحتى وجهك القديم- الذى كدت أن تنساه- شاهدته فى المرآة العتيقة المكسورة.
تاريخ الجريدة المطوية يعود لعام تسعة وسبعين!! فهل عدت ثلاثين عاما إلى الوراء، أم أن أيامك لم تمر أصلا؟. هل اخترقت الزمن إلى الوراء أم إلى الأمام؟، أسئلة يمكن أن تبحث فيما بعد عن إجابتها، فأمك تدعوك إلى الإفطار، والبيت يضج بالحركة، والمعجم مفتوح أمامك على جذر الحنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.