شهد اليوم الأخير من الانتخابات على منصب مدير عام اليونسكو صراعا شرسا بين مرشحى مصر وبلغاريا للحصول على الأصوات التى تؤهلهما للفوز، بعد تعادل المرشحين فى الجولة الرابعة، وحصول كل منهما على 29 صوتا فى الجولة الرابعة مساء أمس الأول، ويحتاج المرشح للفوز إلى الحصول على الأغلبية البسيطة، من أصوات أعضاء المجلس التنفيذى لليونسكو. وأجرى الوفد المصرى فى باريس لقاءات مكثفة طوال أمس مع أعضاء المجلس التنفيذى للمنظمة، وعددهم 58 عضوا، من أجل الحصول على أصواتهم لدعم المرشح المصرى فاروق حسنى، وزير الثقافة، فى الجولة الخامسة المقرر عقدها مساء أمس، فى الوقت الذى كشفت فيها مصادر دبلوماسية عن محاولات أوروبية أمريكية لحث الدول على عدم التصويت لحسنى. وقال مصدر مقرب من الوفد المصرى فى باريس إن اليوم الأخير «شهد صراعا شديدا على الأصوات ومحاولة من كل مرشح فى الحصول على النسبة التى تؤهله للفوز»، مشيرا إلى أن الوفد المصرى أجرى اتصالات مع كل الدول الأعضاء فى المنظمة لضمان الأصوات الحالية، والحصول على أصوات جديدة، واصفا الجولة الخامسة بأنها «الأقوى والأشرس»، وأن الوفد المصرى يتعامل معها وكأنها الجولة الأولى من السباق. وأضاف المصدر «لم يكن أحد يتخيل أن تتكاتف الدول الكبرى فى العالم، فى أمريكا وأوروبا ضد المرشح المصرى بهذا الشكل»، مشيرا إلى أن الانسحابات المتتالية قبل الجولة الرابعة تم ترتيبها لضمان فوز المرشحة البلغارية أرينا بوكوفا فى هذه الجولة، لكن حسنى نجح فى الحصول على أربعة أصوات إضافية ليتعادل مع بوكوفا. وأكد المصدر استمرار الحملات الأوروبية والأمريكية الشرسة طوال أمس، لمنع بعض الدول من التصويت لحسنى. وحول الدول التى أعطت أصواتها للمرشح قال المصدر «لا يمكن معرفة ذلك بشكل مؤكد، لأن التصويت سرى، وهناك دول تعطى وعودا بدعم المرشح المصرى، ثم تعطى صوتها لمرشح آخر»، مشيرا إلى أنه حاول فى إحدى المرات إحصاء عدد الدول التى وعدت بدعم حسنى، والدول التى وعدت بدعم مرشح آخر فوجد أن عددها 150 دولة وليس 58 دولة. وأضاف «بالتأكيد الدول العربية والأفريقية كانت القاعدة الصلبة والقوة الضاربة التى اعتمد عليها حسنى، وإن لم يكن قد حصل على جميع الأصوات الأفريقية وعددها 13 صوتا، مشيرا إلى «صعوبة» الحصول على جميع الأصوات الأفريقية لتنوعها واختلافها من دولة لأخرى. وتابع إن من بين الدول المؤيدة لحسنى والتى ظلت صامدة معه منذ الجولة الأولى دول مثل إسبانيا واليونان وربما إيطاليا، وفى أمريكا اللاتينية هناك البرازيل وتشيلى وكوبا، والهند من آسيا، وربما هناك 4 دول أخرى قد تكون تايلاند وماليزيا والصين وباكستان. وكشفت مصادر دبلوماسية أوروبية مطلعة عن أن الجانب الأمريكى الأوروبى أجرى اتصالات مكثفة مع أربع دول أوروبية مساندة لمصر، وكذلك بعض الدول الأفريقية التى اختارت أن تصوت لصالح حسنى «لحثها على الامتناع عن التصويت، وليس التصويت لصالح مرشحة بلغاريا». وكشفت المصادر عن وجود إغراءات مالية خلال اليومين الماضيين لإسقاط المرشح المصرى، أو منع التصويت له. وبحسب المصادر فإن «الوفد الأمريكى وبعض الوفود الأوروبية تحاول إقناع الدول الأخرى بأنهم لا يريدون الدخول فى مهاترات مرة أخرى تؤدى إلى تسييس المنظمة التى تهدف للعمل الثقافى والتعليمى، وهو ما جعلها تمر بأسوأ فترة فى تاريخها من قبل، عندما هاجم مديرها السابق السنغالى أحمد مختار ابو، إسرائيل بشدة، وهو ما أدى إلى انسحاب واشنطن من المنظمة لمدة 19 عاما». وأشارت المصادر إلى أن أوروبا تتبع طريقة أخرى مع الدول العربية والاسلامية والأفريقية، وهى التركيز على ضرورة اختيار شخص يعلم الكثير عن اليونسكو، وهو ما لا يتوفر سوى فى المرشحة البلغارية على حد قولهم» التى عملت كسفيرة لبلادها فى اليونسكو، وكذلك مفوض فوق العادة بالمجلس التنفيذى فى المنظمة الدولية، وممثلة الرئيس البلغارى لمجموعة الدول الأفريقية والأوروبية الناطقة بالفرنسية. وردا على التهديدات الأمريكية بقطع التمويل فى حال فوز حسنى، قال مصدر دبلوماسى عربى إن بعض الدول الغنية فى المجموعة العربية «وعدت بتغطية العجز فى الميزانية لو حدث ذلك، ولكن بشرط ضمان عمل المنظمة بشكل حيادى ومستقل يضمن حماية جميع الحقوق وتطبيق القرارات المتعلقة بالقدس». وقالت الدكتورة شادية قناوى، رئيس وفد مصر الدائم لدى منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو»، إن الجانب المصرى عمل حتى بداية الجولة الخامسة على إعادة التأكيد على كل من دعم حسنى وعلى من يمكن أن يدعمه فى الانتخابات. وأشارت قناوى، إلى أن الوفد المصرى تلقى إشارات من دول نامية وعربية ولاتينية صديقة عديدة بأن هناك اهتماما على أعلى مستوى رسمى من رؤساء الدول من أجل التعاون مع مصر، وقالت: «طلبنا منهم بالفعل التدخل لدى دول معينة لإقناعهم بتحويل أصواتها إلى حسنى». ووصفت قناوى الجولة الرابعة مساء أمس الأول بأنها كانت «الأصعب»، لأن مصر أصبحت فى مواجهة مرشحة حاصلة على تأييد من مجموعة دول أمريكا وكندا وأوروبا الغربية، وكذلك من مجموعة دول أوروبا الشرقية، وأيضا دول متفرقة من مجموعة أمريكا اللاتينية وكذلك بعض الدول المتفرقة من مجموعة آسيا ومن مجموعة أفريقيا، حيث لم تحصل مصر على تأييد بعض الدول الأفريقية من البداية وإنما فقط على تأييد خمس دول أفريقية. وقالت إن «الوفد المصرى يتابع العمل بجد فى ظل حملات وضغوط مكثفة يصعب وصفها، تستخدم فيها جميع الأساليب، ضد المرشح المصرى، وهو أمر غير معهود فى العمل الدبلوماسى، على حد قولها». ورفضت السفيرة الإفصاح عن طبيعة هذه الأساليب، وقالت «لا نريد التحدث عنها فى الوقت الحالى نظرا لصعوبة الموقف ورغبتنا فى ضمان عدم خسارة أى صوت، ونحن لا نعلم ما ستؤول إليه الأمور، نحن نحاول بشكل مكثف ونلتقى بأعضاء الوفد أكثر من مرة». وأضافت إن الدول العربية بالكامل أعطت أصواتها لمصر وأيضا مجموعة كبيرة من الدول الآسيوية، مشيرة إلى أن هناك أربع دول أساسية من أوروبا الغربية أيضا تدعم مصر. وعقب انتهاء الجولة الرابعة مساء أمس الأول عقد الوفد المصرى اجتماعا مع المجموعة العربية بالمنظمة لتوزيع الأدوار قبل الجولة الحاسمة. وقال السفير السعودى لدى اليونسكو زياد الدريس ل«المصرى اليوم»: «نشعر بالفخر لأننا كسبنا شيئاً مهماً جدا وهو العمل كمجموعة واحدة، استطعنا من خلالها ضمان عدم خسارة المرشح المصرى، رغم الحملة الشرسة التى يتعرض لها»، مشيرا إلى أنه تم خلال اجتماع المجموعة العربية تكليف السعودية بالاتصال ب 3 دول بآسيا، وأربع فى أمريكا اللاتينية، واثنين فى أوروبا للتحرك من أجل منع فقدان هذه الأصوات، فى حين تتولى بقية الدول العربية الأخرى، مثل الكويت ولبنان والمغرب، تأمين أصوات مجموعات أخرى من أعضاء المنظمة. وشدد السفير السعودى على أن «الاجتماع ركز على شىء واحد، وهو ضمان عدم امتناع أى دولة صوتت للمرشح العربى، عن التصويت له، فى المقام الأول لأن امتناع أى دولة عن التصويت يعنى الخسارة».