أسعار الدواجن والبيض والكتاكيت اليوم الجمعة    ملك بريطانيا يدعو الرئيس السيسي لزيارة لندن    جيش الاحتلال: ألحقنا أضرارًا جسيمة بالمنشآت النووية الإيرانية    ألونسو: فينيسيوس صنع الفارق.. وسعيد بتأهل الريال في الصدارة    وسام أبو علي يقترب من الرحيل عن الأهلي مقابل عرض ضخم    ميسي لا يُقصى وراموس لا يشيخ.. 15 رقمًا قياسيًا تحققت بعد انتهاء دور المجموعات في كأس العالم للأندية 2025    ارتفاع عدد ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية إلى 8 وفيات    تحقيقات موسعة حول مصرع 3 وإصابة 10 آخرين في حادث تصادم بالجيزة    الموساد بلسان إيراني: كان فعلا "أقرب إلينا من آذاننا"    أوروبا تُصعّد لهجتها.. دعوة لوقف النار في غزة ومراجعة العلاقة مع إسرائيل    مرموش ضد بونو مجددًا.. مواجهة مرتقبة في مونديال الأندية    عادل إمام يتصدر تريند "جوجل".. تفاصيل    المستشار الألماني يدعو لإبرام صفقة سريعا مع ترامب بشأن الرسوم الجمركية    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة    السيطرة على حريق هائل في مصنع زيوت بالقناطر الخيرية    ضبط المتهم بالتخلص من شقيقه ونجله وإصابة جارهما في قنا    "ياحراق اللجان".. شقيق رامي ربيعة يثير الجدل بهذا المنشور بعد خروج العين من المونديال    بيع فستان للأميرة ديانا في مزاد علني بمبلغ خيالي (صور)    "لازم واحد يمشي".. رضا عبدالعال يوجّه طلب خاص لإدارة الأهلى بشأن زيزو وتريزيجيه    أشرف إمام: حمزة المثلوثي زملكاوي وخرج من الباب الكبير    محافظ الجيزة يعتمد تنسيق القبول بالثانوية العامة الأحد المقبل    حوار| رئيس اتحاد نقابات عمال الجيزة: الاقتصاد شهد تحسنًا بعد ثورة 30 يونيو    شروط التسجيل لاختبارات القدرات بالثانوية العامة 2025    سطو مسلح على منزل براد بيت بلوس أنجلوس أثناء تواجده بالخارج    أطعمة ومشروبات لمواجهة التوتر والنسيان والقلق خلال الامتحانات    حريق ضخم في منطقة استوديو أذربيجان فيلم السينمائي في باكو    سعر الدولار اليوم الجمعة 27-6-2025 ينخفض لأدنى مستوياته عالميًا منذ مارس 2022    يكسر رقم أبو تريكة.. سالم الدوسري هداف العرب في تاريخ كأس العالم للأندية (فيديو)    بكام طن الشعير؟ أسعار الأرز اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا 2025؟ أعلى عائد شهادات في البنوك اليوم    قمة الاتحاد الأوروبي تفشل في إقرار الحزمة ال18 من العقوبات ضد روسيا    حنان مطاوع تروي كواليس «Happy Birthday»: صورنا 8 ساعات في النيل وتناولنا أقراص بلهارسيا    «البنت حبيبة أبوها».. أحمد زاهر يوجه رسالة مؤثرة لابنته ملك في عيد ميلادها    دعاء أول جمعة فى العام الهجرى الجديد 1447 ه لحياة طيبة ورزق واسع    فضل شهر محرم وحكم الصيام به.. الأزهر يوضح    مصطفى بكري: 30 يونيو انتفاضة أمة وليس مجرد ثورة شعبية    بالصور.. نقيب المحامين يفتتح قاعة أفراح نادي المحامين بالفيوم    ملف يلا كورة.. جلسة الخطيب وريبييرو.. فوز مرموش وربيعة.. وتجديد عقد رونالدو    الورداني: النبي لم يهاجر هروبًا بل خرج لحماية قومه وحفظ السلم المجتمعي    وزير قطاع الأعمال يعقد لقاءات مع مؤسسات تمويل وشركات أمريكية كبرى على هامش قمة الأعمال الأمريكية الأفريقية بأنجولا    من مصر إلى فرانكفورت.. مستشفى الناس يقدّم للعالم مستقبل علاج العيوب القلبية للأطفال    "القومي للمرأة" يهنئ الدكتورة سلافة جويلى بتعيينها مديرًا تنفيذيًا للأكاديمية الوطنية للتدريب    لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    إصابة سيدتين ونفوق 15 رأس ماشية وأغنام في حريق بقنا    هل التهنئة بالعام الهجري الجديد بدعة؟.. الإفتاء توضح    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 9 مساجد في 8 محافظات    بحضور مي فاروق وزوجها.. مصطفى قمر يتألق في حفلة الهرم بأجمل أغنياته    طريقة عمل كفتة الأرز في المنزل بمكونات بسيطة    صحة دمياط تقدم خدمات طبية ل 1112 مواطنًا بعزبة جابر مركز الزرقا    متحدث البترول: إمداد الغاز لكل القطاعات الصناعية والمنزلية بانتظام    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    مصرية من أوائل ثانوية الكويت ل«المصري اليوم»: توقعت هذه النتيجة وحلمي طب بشري    ترامب: خفض الفائدة بنقطة واحدة سيوفر لنا 300 مليار دولار سنويا    فيديو متداول لفتاة تُظهر حركات هستيرية.. أعراض وطرق الوقاية من «داء الكلب»    إصابة 12 شخصا إثر سقوط سيارة ميكروباص فى أحد المصارف بدمياط    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معارك فكرية .. كتابة التاريخ
نشر في المصري اليوم يوم 17 - 09 - 2009

هناك الكثير من الكتب التى وثقت للمعارك الأدبية والفكرية غير أن كتاب الباحث والكاتب أنور الجندى يظل الأهم، حيث جمع بين الطابع السردى لهذه المعارك مرفقة بنصوص مقالات المعارك وهو جهد بحثى خارق أوقف عليه الكاتب حياته وكانت معركة «كتابة التاريخ» واحدة من المعارك التى سجلها الجندى فى كتابه بعد أن أثار طه حسين جدلاً واسع النطاق عندما اعتمد على كتاب «الأغانى للأصفهانى» فى تصوير الحياة العقلية للقرن الثانى الهجرى مما أسبغ على هذا العصر، صورة من المجون،
وقد نظر طه حسين إلى هذا العصر ممثلاً فى أبى نواس ومن على شاكلته من شعراء عصره فحكم على العصر كله بأنه عصر شك ومجون وإسراف وترف وقال الدكتور طه: إن هذا العصر الذى انحلت فيه الدولة الأموية وقامت فيه الدولة العباسية قد كان عصر شك ومجون وقال إن هؤلاء الشعراء كانوا يمثلون عصرهم حقاً وكانوا أشد تمثيلاً وأصدق لطبيعته من الفقهاء والمحدِّثين وأصحاب الكلام، وأن هؤلاء العلماء على ارتفاع أقدارهم ورفعة منزلتهم، لم يأمنوا أن يكون من بينهم من شك كما شك الشعراء،
وقد لقيت نظرة طه حسين هذه هجوماً وسجالاً عنيفاً، وكان أبرز من قاموا بالهجوم ضد هذا الرأى رفيق العظم وإبراهيم المازنى وفى هجومه قال رفيق العظم لطه حسين: أنت قلت أيضاً إن الرشيد والمأمون ذهبا من الشك والاستمتاع باللذائذ فى ذلك العصر مذهب أبى نواس وأمثاله من شعراء المجون، وقد نسبت طائفة من الشعر والأخبار المنسوبة إليهم واستنتجتم منها ذلك الحكم الذى يعوزه الكثير من التمحيص، ونحن هنا لن ننشر السجال بين طه حسين وخصومه فى رأيه وإنما ننشر نصى رفيق العظم والمازنى فى هجومهما على آراء طه حسين.
طه حسين: اقرأوا جيداً
لايزال العالم الجليل وكثير من العلماء المعروفين فى الشرق يسبغون على التاريخ الإسلامى صفة من الجلال والتقديس الدينى تحول بين العقل وبين النظر إليه نظراً يعتمد على النقد والبحث العلمى الصحيح. فهم يؤمنون بمجد القدماء من العرب وجلال خطرهم وتقديس مكانتهم.
أنا أزعم أن القرن الثانى للهجرة كان عصر شك ومجون وأزعم أن كل شىء فى هذا العصر يؤيدنى فى هذا الرأى.
أنا أزعم وأعتقد أنى قادر على إثبات ما أزعم أن القرن الثانى للهجرة قد كان عصر لهو ولعب، وقد كان عصر شك ومجون. وأزعم أن كل شىء فى هذا العصر يؤيدنى فى هذا الرأى. وحسبى أن ألفت الأستاذ رفيق بك إلى أن هذا القرن قد بدأ بخلافة الوليد بن يزيد وختم بخلافة الأمين ابن الرشيد وأحب أن يقارن بين هذين الخليفتين ثم ألفت الأستاذ إلى بشار ومطيع وأبى النواس والرقاشى والعباس بن الأحنف ومسلم بن الوليد وغيرهم ولا أريد أن أذكر الفقهاء وأصحاب الكلام مخافة أن يغضب المتحرجون.
رفيق العظم: إنه تاريخ بعيون الانحلال
مما يلفت النظر ويستدعى التمحيص والحذر فى ذلك الحديث حكمكم أن أبا نواس ومن فى طبقته أو على شاكلته من الشعراء كانوا مثالاً صادقاً للعصر الذى عاشوا فيه.
وأن الرشيد والمأمون ذهبا من الشك والاستمتاع باللذائذ فى ذلك العصر مذهب أبى نواس وأضرابه من شعراء المجون. وقد سردتم طائفة من الشعر والأخبار المنسوبة إليهم واستنتجتم منها ذلك الحكم الذى يحتاج إلى تمحيص كثير. ولا نريد أن نذهب بعيداً فى مذاهب الشك التى ذهب إليها الأستاذ وإنما يكفى أن ننبهه بما نقول وهو العليم بما عاناه رواة الحديث ونقلة الأخبار النبوية فى تحميض تلك الأخبار وتنظيفها من شوائب الوضع المكذوب.
 نقرأ فى كتب التاريخ أخباراً نسبها شيع العباسيين إلى خلفاء بنى أمية وأخباراً نسبها شيع آل على إلى خلفاء بنى العباس هى أحط ما ينسب إلى خلفاء أو ملوك أو سمهم ماشئت، كانوا فى مثل مرتبتهم من العزة والمنعة وبسطة الجاه والملك، وكان من المحال أن يكونوا من انحطاط الأخلاق والسيرة فى المنزلة التى أنزلهم إليها الوضاعون ويدوم لهم طويلاً ذلك الملك العريض والشهرة الذائعة فى التاريخ.
الحقيقة التى ينبغى أن تقال إن التنازع السياسى بين الشيع الإسلامية أدخل من روايات بعض الأخبار بين شوائب فى التاريخ الإسلامى ليست منه فى شىء فإنما هى من وضع المتزلفين لبيوت الإمارة والملك أو المتشيعين لبعض المذاهب السياسية أو الدينية.
ولا أظننى مخطئاً إذا قلت إن ما نقل من هذا القبيل عن أبى نواس وأضرابه من شعراء ذلك العصر، ويسميه الدكتور طه حسين عصر الشك والمجون ويتخذه دليلاً على حكمه على أهل ذلك العصر إنما هو تلفيق قصصى يراد به أحد أمرين: إما تشويه سمعة بعض الخلفاء العباسيين كالرشيد والمأمون.
وإما سد اتهمات العامة إلى أمثال تلك القصص المخزية والروايات الملفقة. على أنه لو صح شىء منه لما كان لنا أن نتخذه دليلاً على شيوع الفحش والفجور والشك بين أهل ذلك العصر لأنه مجون لا يجوز أن يتعدى الماجن مهما تكال إلى النيل من سواه باسم المجون.
المازنى: العباسيون ليسوا منحلين
لقد لفتنى من الدكتور فى كتابه حديث الأربعاء وهو مما وضع «قصص تمثيلية» وهى ملخصة، أن له ولعاً بتعقيب الزناة والفساق والفجور. وقد ينكر القارئ أن أدخل القصص التمثيلية فى هذا الحساب. ويقول إنها ليست له، وها هو حديث الأربعاء: ماذا فيه؟ فيه كلام كثير عن العصر العباسى وللعصر العباسى وجوه شتى، وفى وسعك أن تكتب عنه من عدة وجهات. وأن نتناول فلسفته أو علمه أو شعره وجده أو هزله.
 ولكن الدكتور طه يدع كل جانب سوى الهزل والمجون ويروح يزعم أنه عصر مجون ودعارة وإباحة متغلغلة إلى كل فرع من فروع الحياة فلماذا بل قل لماذا لا يرى فى غير الماجنين والخليعين صورة منه.
 ولست أفترى عليه فإنه القائل فى الصفحة السابعة والعشرين من كتابه «ادرس هذا العصر درساً جيداً واقرأ بنوع خاص شعر الشعراء وما كان يجرى فى مجامعهم من حديث تدهشك ظاهرة غريبة هى ظاهرة الإباحة والإسراف فى حرية الفكر وكثرة الازدراء لكل قديم سواء أكان هذا القديم ديناً أم خلقاً أم سياسة أم أدباً فقد ظهرت الزندقة وانتشرت انتشاراً فاحشاً، وظهر ازدراء الأمة العربية نفسها وتفضيل الأمة الفارسة عليها.
وكانت مجالس الشعراء والكتاب والوزراء مظهراً لهذا كله. وليس يعنينا أن تكون النهضة السياسية الفارسية. وحرصها على الانتقام من العرب والاستئثار دونهم بالسلطان مصدر هذا التغيير وإنما الذى يعنينا أن هذا التغيير قد وجد وقوى حتى ظهر فى الشعر ظهوراً جعل إنكاره مستحيلاً.
ولم يكف الدكتور طه أن يعمد إلى طائفة معينة من شعراء العباسيين وأن يرسم من سيرتهم صورة يزعمها صورة العصر بل هو ينكر أن غير هؤلاء من العلماء أو الشعراء يمثل العصر العباسى وقال أن هؤلاء الشعراء كانوا يمثلون عصرهم حقاً وكانوا أشد تمثيلاً وأصدق لحياته تصويراً من الفقهاء والمحدثين وأصحاب الكلام وأن هؤلاء العلماء على ارتفاع أقدارهم العلمية ومنازلهم الاجتماعية والسياسية وعلى أن كثيراً منهم كان ورعاً مخلصاً طيب السيرة لم يأمنوا أن يكون من بينهم من شك كما شك الشعراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.