1 يا مثبت العقل فى الرأس يارب. أصبح لا يمر عليك يوم رمضانى دون أن تقرأ فى صفحة رمضانية سؤالا أو طلب إحاطة عن حكم الرفث فى نهار رمضان، أو تشاهد من يستفتى شيخا فضائيا عن حكم القبلة فى نهار رمضان، بل وربما سمعت مثلى فتوى إذاعية تجيب سائلا عن حكم من جامع زوجته فى نهار رمضان ناسيا (إزاى ناسيا ما تعرفش، وإذا كان هو قد نسى فكيف تنسى هى أيضا، برضه ما تعرفش). للمرة الألف فى عمرى القصير قرأت فى الصفحة الدينية فى صحيفة قومية موضوعا أكل جزءا لا بأس به من الصفحة يستطلع فيه قارئ عن حكم الإسلام فى قبلة الصائم لزوجته، لم أشغل بالى طويلا بالتساؤل عن هذا القارئ الذى قطّعه الشوق لزوجته بحيث لم يعد «يستطيع» معها صبرا، فقد لفت انتباهى أكثر رد الشيخ الأزهرى الكريم الذى برغم أنه قال إن الرسول «صلى الله عليه وسلم» أباح القبلة للصائم وأنه «صلى الله عليه وسلم» كان يباشر زوجته وهو صائم طبقا للحديث الصحيح، وأن المحرم هو المعاشرة لا المباشرة، لكنه لم يترك القارئ المشتاق لزوجته يهنأ كثيرا بهذا الرأى فذكّره قبل أن يهرع لهرى زوجته تقبيلا قائلا «القبلة حلال فقط لمن يملك القدرة على ضبط نفسه، وأنه إذا كان الأقدمون يجدون مشقة فى ضبط أنفسهم فما بالك بنا نحن ضعاف الإيمان الذين لا نمتلك القدرة على ضبط أنفسنا لذلك علينا أن نقفل الأبواب التى ينفذ منها الشيطان إلينا ونمتنع عن تقبيل زوجاتنا»، أقسم بالله أن هذا ما نشر بالنص، وهو فضلا عن تأكيده على المصيبة التى نعيشها كمسلمين مع الكثير ممن يتخذون مواقع الإفتاء، يكشف أساسا أن مولانا يمتلك مفهوما قديما جدا عن القبلة، ربما كانت آخر مرة قبّل فيها زوجته عند نجاح ابنهما البكرى فى الجامعة، وإلا لكان قد سمح للقارئ المشتاق أن يقبل زوجته لكى يشجعها على سبك الأكل وطبخه بنفس حلوة، وألا يضيق عليه ما وسعه الله عز وجل. فى نفس اليوم شاهدت برنامج فتاوى شهيراً فى إحدى القنوات الفضائية، أعتقد أنه يصنف خطئا كبرنامج فتاوى بينما هو ليس سوى برنامج استشارات جنسية من الدرجة تريبل إكس، كان ثمانية من المتصلين قد سألوا عن حكم قبلة الصائم وحكم جماع الصائم وحكم مباشرة الصائم وحكم مداعبة الصائم، حتى شعرت أن المذيع والشيخ قد شعرا بالتقصير تجاه زوجتيهما من فرط ما تلقياه من أسئلة فى هذا الموضوع، ما زاد وغطّى أن متصلة كريمة اتصلت وحياة غلاوتك لتقول إن خطيبها يلامسها وينزل منها سائل خفيف فهل ذلك يوجب الغسل، سألها الشيخ هل يحدث ذلك فى نهار رمضان فانكسفت وأغلقت الخط، ليقول له المذيع «مش معقول ده بيحصل فى نهار رمضان، أكيد بيحصل بعد الفطار»، بعدها داهمهما اتصال من مشاهدة كريمة، يبدو أنها من كثرة ما سمعته من أسئلة تخص ما تحت الحزام نسيت أنها تتصل ببرنامج فتوى، حيث طفقت تسأل بصوت كان فى حد ذاته يتنافى مع آداب الشهر الفضيل «من ساعة ما اتجوزت جوزى للأسف ما فيش أى علاقة زوجية تقريبا»، تدخل المذيع النابه بسؤال مصيرى «تلات سنين ومافيش دخول خالص.. معقولة؟»، هنأه الشيخ أنه خطف السؤال من على بقه، أجابت المتصلة «لا حصل دخول عند دكتورة.. ومن ساعتها بقى لنا تلات سنين ما فيش علاقة زوجية خالص.. أصله بياخد مخدرات وبودرة. فى العلاقة بيبقى تعبان ولازم بياخد فياجرا.. وقفت جنبه ودخلته مستشفى وعالجته. ومع ذلك دائما تعبان ورافض يروح للدكتور»، لم يتركها المذيع تكمل ودون أن ينتظر رأى الشيخ قال لها إن من حقها أن تطلب الطلاق خوفا على نفسها من الفتنة، لكنها صعبت عليه المسألة عندما قالت «بصراحة هو حنين قوى معايا.. وعشان كده أنا وقفت جنبه.. لكن أنا عايزه أخلف وعشان كده عملنا تحليل للسائل المنوى طلع بيخلف بس أنا عايزه أسأل مش اللى أنا فيه ده حرام لأنى خايفه أضعف وعايزه أعرف رأى الشرع». تلومنى لأننى أتكلم معك كلاما كهذا وأنت صائم، فما بالك لو سمعته مثلى على الهواء مباشرة وأنت صائم.، لعلك عندها ستفعل مثلما فعله صديق لى، اتصل بى بعد أن انتهت السائلة الخائفة من سؤالها ليسألنى هل أمتلك رقم تليفون برنامج الفتاوى، فقلت له مداعبا «إيه عندك مشكلة مماثلة؟»، قال لى «لا بس كنت عايز اسأل فضيلة الشيخ هل الاستماع إلى صوت السائلة الكريمة ينقض وضوء الصائم؟». * يستقبل الكاتب بلال فضل تعليقاتكم على مقالاته عبر بريده الإلكترونى الخاص. [email protected]