تواصل «المصرى اليوم» عرض سلسلة طويلة من الجرائم التى جمعها الكاتب الأمريكى كليفورد إيرفنج بين دفتى مجلد ضخم يضم «الجرائم الخمسمائة وواحد الأسوأ والأشهر فى العالم». استعرض الكاتب الجريمة بأسلوب شائق ومشوق، ألقى من خلاله الضوء على تفاصيلها وزمانها ومكانها. اغتيال روزفلت أصعب من قتل «ثور هائج» أرادت المصادفة أن يلقى الحارس الشخصى الذى اختارته «الوكالة الأمريكية الخاصة» لحماية الرئيس الأمريكى السابق «ويليام مكينلى» حتفه بالاغتيال، ليكون بمثابة رد على عدم تمكنه من حماية حياة «مكينلى» من الاغتيال عام 1901. لم يكن ثيودور روزفلت، مجرد حارس شخصى لرئيس أمريكى سابق، إلا أنه كانت لديه رغبة فى الوصول إلى رئاسة الولاياتالمتحدة بعد «مكينلى» وربما لولا سباقه على الرئاسة الأمريكية لما تعرض لثلاث محاولات اغتيال، قضت الأخيرة فيها على حياته. وقد كان اغتيال روزفلت أصعب من محاولة «قتل ثور هائج»- حسب تعبيره. كان مرشح الحزب الديمقراطى يبلغ من عمره حينها 53 عاماً، عندما قرر «جون نيبوموك شرانك» إطلاق الرصاص عليه أثناء مغادرته مكتبه فى خريف 1912، وهو فى طريقه لإلقاء خطاب حملته الانتخابية بإحدى الكنائس بولاية ويسكونسن. صوب «شرانك» - الذى أصيب ب«الجنون» بعد ذلك - طلقة من مسدس شرطى عيار 38 بوصة على صدر روزفلت من مسافة لا تقل عن مترين، لتمزق الرصاصة معطف الرئيس الأمريكى المرشح للرئاسة، وتخترق نظارته المعدنية وأوراق خطابه التى بلغت50 ورقة، والتى كانت داخل معطفه لتستقر الرصاصة فى صدره. ورغم نقل روزفلت إلى سيارته بعد الحادث، والدماء تتدفق من جرحه، فإنه أصر على إلقاء خطابه الذى استغرق نحو ساعة و10 دقائق، قائلاً خلال الخطاب بهمس: «أصدقائى، لا أعلم مدى تفهمكم لحديثى الذى ألقيته، إلا أنه تمت إصابتى منذ قليل»، معترفاً بأن «الأمر تطلب وقتاً لقتله أكثر من الوقت الذى يمكن فيه القضاء على ثور هائج». ومع توقف روزفلت عن الكلام، تم نقله إلى طوارئ مستشفى «جون ستون» حيث أخضعه الأطباء لفحص الأشعة لتحديد مدى الضرر الذى أحدثته الطلقة. وصباح يوم 15 أكتوبر عام 1912 نقل روزفلت بالقطار إلى مستشفى الرحمة بشيكاغو، ليبقى به حتى 21 أكتوبر، محاولاً استكمال حملته الانتخابية، التى انتهت بفوز المرشح الجمهورى أندرو ويلسون. وفى13 نوفمبر 1912 أقرت المحكمة «جنون» شرانك الذى حاول اغتيال روزفلت، وتم إرساله إلى مصحة أسلوم، وخلال محاكمة شرانك قال إنه راوده حلم فى 15 سبتمبر 1901 عقب اغتيال الرئيس مكينلى بيوم، ظهر فيه شبح الرئيس متهماً روزفلت بقتله. منذ تلك اللحظة، تنامت كراهية «شرانك» لروزفلت وبدأ يشعر بمسؤوليته تجاه الرئيس السابق، حتى راوده حلم آخر الليلة السابقة لمحاولة اغتيال «ثيودور»، طلب فيه «مكينلى» أن ينتقم له من روزفلت، ليتعقب شرانك، على مدار ثلاثة أسابيع - «روزفلت» خلال جولات حملته الانتخابية فى تسع ولايات فى انتظار فرصة سانحة لقتله. فى 6 يناير 1919، توفى روزفلت فى «أوستر باى» بنيويورك بعد أن ظل على قيد الحياة ما يزيد على ثلاثة شهور حاملاً فى صدره تلك الطلقة التى رفض الأطباء حينها نزعها من صدره، إذ إنها اخترقت بالفعل جسده، وأضحى اللجوء للجراحة فى حالته نوعاً من المجازفة الطبية. حينما علم «شرانك» بموت «روزفلت» عبّر عن أسفه، ليموت فى 15 سبتمبر 1943 بالمستشفى الرئيسى بولاية ويسكونسن، أى بعد 42 سنة من اليوم الذى راوده الحلم فيه، حيث قاده إلى محاولة الاغتيال الوحيدة التى تم ارتكابها ضد رئيس سابق.