التعليم العالي تنظم برنامجًا تدريبيًا لرفع كفاءة مراكز خدمة الطلاب ذوي الإعاقة    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس بالذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو    بحد أدنى 225 درجة.. محافظ الجيزة يعتمد تنسيق القبول بمدارس الثانوية العامة    سعر الذهب اليوم في مصر ينخفض بحلول التعاملات المسائية الأحد    انخفاض كبير في أسعار الدواجن بالأسواق.. فما الأسباب؟    كامل الوزير: ضبط 900 مخالفة سرعة على الدائري الإقليمي في 4 ساعات    مسؤول روسي: لقاء بوتين وترامب قد يتم في أي لحظة    إسرائيل تزعم تفكيك أكبر شبكة تابعة لحماس في الضفة الغربية    تشكيل مباراة إنتر ميامي وباريس في كأس العالم للأندية    المصري يعلن الاقتراب بشدة من ضم لاعب الأهلي    تفاصيل القبض على بلوجر بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء    وأنت رايح المصيف.. إليك تحويلات مرورية بكورنيش الإسكندرية| تعرف عليها (صور)    وفاة والدة الفنان هشام إسماعيل.. تعرف على موعد ومكان الجنازة    أيمن سليم يدافع عن شيرين عبد الوهاب بعد انتقادات حفل "موازين"    رسم وغناء وتمثيل.. اكتشف موهبة ابنك داخل مركز الإبداع بالبحيرة- صور    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى العلمين ويُشيد بانتظام الفرق الطبية    بدون أدوية - 5 علاجات طبيعية لإدارة التهاب القولون التقرحي    رئيس الوزراء يصدر القرار رسميا.. الخميس 3 يوليو موعد إجازة 30 يونيو    إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالبحيرة    إحالة عاطل للمحاكمة بتهمة سرقة مبلغ مالى من مكان عمله    الاتحاد الأردنى لكرة السلة ينشر بيانًا لتوضيح قرار الانسحاب ضد إسرائيل    كل ما تريد معرفته عن العروض الخارجية لضم لاعبي الأهلي فى ميركاتو الصيف    الكرملين: روسيا لا يمكن دفعها إلى طاولة المفاوضات بالضغط أو بالقوة    بدء تصوير فيلم ابن مين فيهم ل ليلى علوى وبيومي فؤاد    تامر حسني يدعم سارة وفيق برسالة مؤثرة بعد نجاح فيلمها: "أهلك أهلي ومبروك الرقم الاستثنائي"    محافظ الشرقية يفاجئ قرية بردين ويتابع تنفيذ أعمال توسعة طريق العصلوجى    محافظ قنا يتابع أعمال تطوير حمام السباحة الأوليمبي ويتفقد امتحانات الثانوية العامة    في يومه العالمي.. كل ما تريد معرفته عن التمثيل الغذائي وكيف يستمر طوال اليوم حتى مع النوم.. أبرز الاضطرابات والأمراض المرتبطة بها وأسبابها.. اعرف تأثير المواد والسموم والأدوية.. وأشهر الاضطرابات الأيضية    "ارتبط اسمه بالأهلي والزمالك".. نادي شلاسك فروتسواف البولندي يعلن مغادرة نجمه لمعسكره دون إذن    في ذكرى ثورة 30 يونيو.. فتحت الباب أمام تحولات سياسية وحزبية جديدة    نجاح زراعة منظم دائم لضربات القلب لإنهاء معاناة مريض من اضطراب كهربي خطير    السيسي يشهد أداء اليمين القانونية لرؤساء الهيئات القضائية الجدد    عاصفة رعدية تؤخر سفر بايرن ميونخ إلى ميامي لمواجهة فلامنجو    محافظ المنوفية يستقبل مفتى الجمهورية لتقديم واجب العزاء فى شهداء حادث الإقليمي    حادث جديد على الطريق الإقليمي بالمنوفية: إصابة مجندين في انقلاب سيارة أمن مركزي    ضبط 95 مخالفة تموينية في حملات موسعة على الأسواق والمخابز بالمنيا    ضبط سائق ميكروباص تحرش بطالبة في مدينة 6 أكتوبر    "رياضة النواب": ثورة 30 يونيو منحت الشباب اهتمام غير مسبوق وستظل علامة مضيئة في تاريخ مصر    انتخابات مجلس الشيوخ| الهيئة الوطنية تعلن التفاصيل "الثلاثاء المقبل"    لتبادل الخبرات.. رئيس سلامة الغذاء يستقبل سفير اليابان بالقاهرة    ريبيرو يجهز مصطفى شوبير لحراسة مرمى الأهلي في الموسم الجديد    محافظ أسيوط يفتتح قاعة اجتماعات مجلس المحافظين بالديوان العام للمحافظة    عمرو أديب يهاجم رئيس الوزراء بعد حادث المنوفية: عرفت تنام ازاي؟    الثلاثاء.. رامي جمال يستعد لطرح ألبوم "محسبتهاش"    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    إسرائيل تعلن اغتيال المسؤول عن الصواريخ المضادة للدروع بحزب الله    وزير الكهرباء يزور مجموعة شركات هواوي الصينية لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة    التضامن: حصر شامل لتحديد واقع الحضانات والوقوف على الفجوات والتحديات    «الصحة» : دعم الرعاية الحرجة والعاجلة ب 713 حضانة وسرير رعاية مركزة    الأزهر للفتوى يوضح معني قول النبي" الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ"    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    أفضل الأدعية لطلب الرزق مع شروق الشمس    ما أفضل صدقة جارية على روح المتوفي.. الإفتاء تجيب    هل يجوز الخروج من المنزل دون الاغتسال من الجنابة؟.. دار الإفتاء توضح    «لسة اللقب ماتحسمش».. مدرب بيراميدز يتشبث بأمل حصد الدوري المصري    5 أبراج «ناجحون في الإدارة»: مجتهدون يحبون المبادرة ويمتلكون رؤية ثاقبة    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    الزمالك يهدد ثنائي الفريق ب التسويق الإجباري لتفادي أزمة زيزو.. خالد الغندور يكشف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل هو فساد إدارة أم إدارة فساد؟
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 08 - 2009

لم يعد الفساد للركب، مثلما سبق أن صرح الدكتور زكريا عزمى، بل تجاوز الركب إلى الأمعاء، فالصدور، فالأفواه، فالأنوف، فالعقول، حتى صرنا نأكل فساداً، ونشرب فساداً، ونتنفس فساداً، ونتحدث فساداً، ونشاهد فساداً، ونربى فساداً، ونتعلم فساداً، ونبذر فساداً فوق أخصب تربة لزراعته، لتطرح لنا أنواعاً مختلفة من فساد طويل ومتوسط وقصير التيلة، فساد عادة وفساد لوكس، فساد ظاهر وفساد خفى، فساد للصغار وآخر للكبار، على كل لون وعلى عينك يا تاجر.
ويشير التقرير الصادر عام 2007 عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، إلى أنه لم تسلم أى محافظة مصرية من الفساد الإدارى، وهو ما أكده آخر كتاب أصدرته مؤسسة «ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان» بعنوان: «الخطر الكامن: الفساد فى مصر حقائق وأرقام» وركز فى فصوله على استفحال الإهمال فى جميع قطاعات الحكومة، الصحة - المحليات - قطاع التعليم - الإعلام إلخ،
وقد سبق أن أصدرت منظمة الشفافية الدولية تقريرها السنوى الذى احتلت فيه مصر المركز 72 ضمن قائمة الفسادا العالمى، وكذلك أوضحت تقارير التنمية البشرية أن هناك فساداً متغلغلاً فى إدارات مصر المحلية بسبب اختراق الحزب الوطنى لها، وشيوع إهدار المال العام فيها، الذى بلغ حجمه فى سنة من السنوات 690 مليون جنيه.
وعندما يصبح الفساد قاعدة، ستسقط النخبة من علياء الاهتمامات المسؤولة، إلى حضيض المكاسب غير المشروعة، وتتحول من كونها حاملة لهموم الوطن، إلى هموم جاثمة فوق صدر الوطن، وسيعتاد العامة الفرجة، وتوصيف المشكلات، ولطم الخدود، والاستمتاع بالفضائح، بدلاً من محاسبة مرتكبيها، وبين الانتهازيين والمغلوب على أمرهم، ترضى الأغلبية العيش وسط أكوام القمامة، وتدفع 9 جنيهات ثمناً للاختناق برائحتها، لتقبض طبقة النصف فى المائة الثمن، وتبنى لنفسها جنة عرضها أطراف القاهرة والساحل الشمالى وطريق مصر الإسكندرية وشرم الشيخ ودهب، بين الانتهازيين والمغلوب على أمرهم، يخطئ الكبار ولا يعتذرون، أو يفكرون فى الاستقالة، ولو زادت حوادث الطرق، وغرقت عبارة السلام، وسقطت صخرة الدويقة على البسطاء، واحترق قصر ثقافة بنى سويف، ومجلس الشورى، والمسرح القومى، ولو احترقت مصر كلها.
بين الانتهازيين والمغلوب على أمرهم تفتح الملفات دون أن تغلق، وتكتب الصحافة لمن لا يسمع ولا يمنع، وقد أثيرت فى الفترة الأخيرة مجموعة من قضايا الفساد، كانت كل واحدة منها كفيلة بإقالة حكومة بالكامل، لكن أمام العقول التى لم تعد تستوعب إلا الخسارة، بقيت الحكومة، وبقيت ملفات الفساد مفتوحة للجدل، ومغلقة أمام الحسم.
كنت أشاهد الأستاذ مجدى الجلاد وهو يتحدث ذات يوم فى إحدى القنوات الفضائية حول ملف تصدير الغاز لإسرائيل ومدى ما يشكله هذا الملف من خطورة على أمننا القومى، وتحدث الرجل وفسر، وكشف ما كشف، وعرى بعض المتورطين، حتى إننى تصورت من كثرة خطورة ما سمعت، أن الدنيا ستنقلب، وأن كل من أبرم هذه الصفقة ستتم محاسبته فوراً، وأن الرأى العام سيقوم ولن يقعد، وبالفعل، قام الرأى العام لكنه قعد على حديدة أى على مفيش، ورغم القضايا التى رفعت من أجل وقف تصديره لإسرائيل،
فقد أبت حكومتنا إلا أن تدعم أولاد العم سام، وعارضت الأحكام الصادرة ضدهم، وحسمت الأمر لصالحهم فى نهاية الأمر. قيل الكثير عن صفقات البيع المشبوهة لمصانع الأسمنت والبنك المصرى الأمريكى وبنك الإسكندرية وشركة عمر أفندى والمراجل البخارية وبعض الموانى و.. و..، ومع ذلك سارت القافلة، وتمت عمليات البيع برداً وسلاماً على المستفيدين، وقلنا آمين بعد أن قرأنا الفاتحة على روح شركات القطاع العام.
قيل الكثير عن الأقماح الفاسدة وأسماك الباسا المحملة بالإشعاع واللحوم منتهية الصلاحية واللبن المخلوط بالفورمالين وألعاب الأطفال المسرطنة ومخازن الأدوية المخدرة والمنشطات الجنسية المحذورة ونفايات المصانع التى تلقى بالأطنان فى مياه النيل العظيم ورى الأراضى الزراعية ببعض مياه الصرف الصحى، وخلط بقيتها بالمياه الحلوة كى يشربها الناس، ولا حول ولا قوة إلا بالتصريحات النارية المتفائلة التى لا تغنى ولا تزيدنا إلا مرضاً، أبلغ النائب العام عن مخالفات ارتكبها وزير الإسكان السابق محمد إبراهيم سليمان عندما أعطى للوزراء والأهل والأحباء من مال الدولة وممتلكات الناس، أراضى وشققا وفللاً وقصوراً بأسعار لا تقبل المنافسة،
كما رفعت قضايا كثيرة ضد ابن وزير التخطيط لاستغلاله نفوذ والده، وقيامه بعمليات قرصنة على جيوب بعض أثرياء القوم، لصالح ريان مدينة نصر، وفى النهاية تم تعيين محمد إبراهيم سليمان رئيساً لإحدى شركات البترول الكبرى بعد منحه عدة نياشين، وهرب ابن الوزير مرفوع الرأس، وليشرب المصريون جميعاً من البحر.
ياااه، ما كل هذا الفساد؟ إنه الفساد الطاغى، الذى فتح عيون المستعمرين الجدد على ما ليس من حقهم، وأعمى أهل البلد عن حقهم، إنه الفساد الطاغى الذى تعودناه، واعتمدناه متحدثاً رسمياً باسمنا فى صورة بقشيش وهبة وعطية ورشوة وواسطة ومحسوبية حتى قلبت كل الأوضاع، وتقهقرت الطاقات الحقيقية مضطرة، وتركت الصدارة لمجموعة من محدودى الفكر، وقليلى الثقافة والخبرة والحياء. وبمجرد تحكم الأنصاف فى حياة أى أمة، فإن الفساد مكانه ومكانته، ولرعاته الأمر والنهى، والجرأة على ما ليس من حقهم، وللعامة الفتات والدعاء للسلطان على موائده خوفاً من سيفه، وعلى الأمة السلام لأن ما تعانيه لم يعد مجرد فساد فى الإدارة وإنما إدارة فساد.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.