بالأرقام.. نتيجة انتخابات نقابة أطباء أسوان    أسعار الفراخ بأسواق مطروح اليوم السبت 10-10-2025.. الكيلو ب 70 جنيها    محافظ كفر الشيخ يوجّه بتغيير خط مياه الشرب بقرية الرغامة إلى بلاستيك    «المشاط» تبحث مع المفوض الأوروبى للبيئة جهود تنفيذ آلية تعديل حدود الكربون    "المصريين الأحرار": تقرير"ستاندرد آند بورز" شهادة ثقة لتصنيف مصر الائتماني    قريبًا.. مصر تستقبل التوقيت الشتوي لعام 2025.. هل مستعد لتغيير الساعة؟    عاجل- أسطول طائرات أمريكية عملاقة يصل إسرائيل استعدادًا لزيارة ترامب المرتقبة    ويتكوف وقائد القوات الأمريكية يزوران جنود الاحتلال فى غزة.. صور    أستاذ علوم سياسية: القمة المرتقبة محطة فارقة في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي    عاجل- الدفاع المدني في غزة: 9500 مواطن ما زالوا في عداد المفقودين    معهد فلسطين: اتفاق شرم الشيخ يعكس انتصار الدبلوماسية العربية ومرحلة جديدة من الواقعية الدولية    إصابة فى الفخذ تجبر كوناتي على مغادرة معسكر فرنسا    ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في المكسيك إلى 27 قتيلا    آخر مباريات تصفيات كأس العالم.. مصر بالقميص التقليدي في مواجهة غينيا بيساو    الرباعة سارة سمير بعد التتويج بثلاث فضيات ببطولة العالم: دايمًا فخورة إني بمثل مصر    يلا شووووت تعرف على القنوات الناقلة لمباراة عمان والإمارات في تصفيات كأس العالم 2026    العرفاوي: لا ندافع فقط في غزل المحلة.. ونلعب كل مباراة من أجل الفوز    قائمة الخطيب تواصل جولاتها الانتخابية في الأهلي    انخفاض في درجات الحرارة غدا وفرص سقوط أمطار والعظمى بالعاصمة 28 درجة    مصرع شخصين فى حادث تصادم أتوبيس وسيارة بطريق أبوسمبل    إحالة قاتلة زوجها وأطفاله ال 6 فى المنيا لفضيلة المفتى    فيديو متداول يرصد اعتداء سائق على آخر بسبب أولوية المرور فى الإسكندرية    ضبط عصابة دولية لجلب وتهريب المخدرات بحوزتهم مضبوطات قيمتها 127 مليون جنيه    الجالى: فوز العنانى باليونسكو يجسد قوة مصر الناعمة ويعبر عن الجمهورية الجديدة    لحظة عقد قران إيناس الدغيدي.. وزغرودة من بوسي شلبي وهالة صدقي (صور)    تكريم يحيى الفخرانى وسلمى الشماع ويوسف عمر فى مهرجان أفلام الطلبة.. غدا    إيهاب فهمي: تشرفت بأن تحمل الدورة الثالثة لمهرجان الطفل العربي اسمي| فيديو    في أفضل حالاتهم.. 5 أبراج راحتها في الشتاء    100 ألف دولار لكل فائز.. فتح باب الترشح لجائزة الإيسيسكو حمدان لتطوير المنشآت التربوية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    منها وجبات اقتصادية.. 7 أطعمة تدعم الذاكرة وصحة المخ    حان وقت تغيير ساعتك.. كيف تواجه تحديات التوقيت الشتوي؟    ما إنفلونزا المعدة؟.. الأعراض وطرق الوقاية من العدوى الفيروسية الأكثر شيوعًا    مطالبة بإلزام الاحتلال تعويض عمال فلسطين.. «العمل العربية»: إعادة إعمار غزّة أولويةٌ ملحّة (تفاصيل)    «التضامن» تبحث مع مدير مشروع تكافؤ الفرص «EOSD» بالوكالة الألمانية دعم مشروعات الحماية الاجتماعية    هدوء في اليوم ال4 للترشح لانتخابات مجلس النواب 2025 بالمنيا    «حظر جوي وعملاء ل الموساد داخل الملعب».. توترات سياسية تزين مباراة النرويج وإسرائيل    تقارير: نجم ريال مدريد مهدد بالغياب عن مباراة برشلونة    اكتشاف قلعة عسكرية جديدة من عصر الدولة الحديثة على طريق حورس الحربي بسيناء    إحالة أوراق عامل ونجله لمفتي الجمهورية لقتلهما شابا في قنا    ضبط 6 آلاف كيس عصير مجهول المصدر ومخازن دقيق وسجائر مهربة خلال حملة تموينية بالغربية    ضبط تشكيل عصابي يتزعمه زوجين بتهمة سرقة المنازل غير المأهولة بالعاشر من رمضان    موعد مباراة الزمالك وديكيداها الصومالي بالكونفدالية    فرق عمل لمتابعة أداء المستشفيات الحكومية والتعليمية والطوارئ في الشرقية    انتخابات النواب: رقمنة كاملة لبيانات المرشحين وبث مباشر لمتابعة تلقى الأوراق    7 معلومات لا تعرفها عن جون لودج مغنى فرقة ذا مودى بلوز بعد وفاته    عاجل- رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات التنموية بمحافظة القليوبية    الأزهر للفتوى: حرق قش الأرز حرام لما فيه من إفساد في الأرض وإضرار بالنفس والبيئة    الرعاية الصحية: تعزيز منظومة الأمان الدوائي ركيزة أساسية للارتقاء بالجودة    وكيل وزارة الزراعة بالقليوبية يتفقد عددا من أماكن تجميع قش الأرز    رئيس جامعة السويس: إدراج الجامعات في تصنيف التايمز العالمي يعكس تطور التعليم    «القومي للطفولة والأمومة»: تمكين الفتيات في التعليم والصحة استثمار في مستقبل الوطن    أسعار الدولار اليوم السبت 11 أكتوبر 2025.. وصل لكام؟    الجمعية المصرية للأدباء والفنانين تحتفل بذكرى نصر أكتوبر في حدث استثنائي    تعرف على فضل صلاة الفجر حاضر    30 دقيقة تأخر على خط «القاهرة - الإسكندرية».. السبت 11 أكتوبر 2025    فتاوى.. بلوجر إشاعة الفاحشة    فتاوى.. عدة الطلاق أم الوفاة؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر رمضانية عن إكرام.. والمُفتى.. والأقباط
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 08 - 2009

مع شهر رمضان الكريم، أفضّل حديثاً أخفّ على قرّاء هذا المقال الأسبوعى.. ومن ذلك التواصل مع القرّاء والأصدقاء، ومُتابعة ما يصلنى من أخبار الوطن الحبيب.
وأبدأ بزميل عزيز، لم أسمع منه أو عنه من عشر سنوات، وهو د. إكرام يوسف، أحد خُبراء الإدارة الأوائل فى مصر والعالم العربى. وقد أرسل لى إلكترونياً نقداً لاذعاً على مقال الأسبوع الماضى «مُبارك وائتلاف المنظمات المصرية فى المهجر...» (21/8/2009). فهو لم يعجبه لا المقال، ولا فكرة أن يقوم المصريون فى الخارج بأى نشاط يخص الداخل المصرى. وأخيراً، فقد استخف بكاتب المقال (أى أنا سعد الدين إبراهيم)، وحقّر من شأنى تحقيراً شديداً. وهذا شىء نادر، حيث إن مُعظم القرّاء ينوّهون ويمدحون. وحتى من يختلف وينقد، فإنه يفعل ذلك بشكل مُهذب وغير مُسىء لمشاعر الكاتب.
وللأمانة، فإن رسالة إكرام يوسف لم تزعجنى بقدر ما أثارت شوقى لمعرفة ما إذا كان صاحب الرسالة هو نفسه الشخص الذى عرفته قبل ثلاثين عاماً. فهو لم يُشر من قريب أو بعيد بما يوحى بهذه المعرفة الشخصية، ولذلك حرصت على الرد على صاحب الرسالة الإلكترونية الغاضبة أسأله إن كان هو نفس الشخص الذى أعرفه، ولم أسمع عنه أو منه طوال سنوات، ورد الرجل بسرعة، مؤكداً أنه ما زال حياً يُرزق، وأنه تجاوز الثانية والثمانين من عُمره، وفقد زوجته بعد مرض طويل استغرق ستة عشر عاماً، وأن ولده الأوحد مُهندس معمارى شهير، يجوب العالم شرقاً وغرباً، ولا يراه والده كثيراً.
وبعد هذه العُجالة عن أخباره الشخصية، عاد د. إكرام يوسف لسيرته الأولى فى الهجوم والسُخرية علىّ. ولا أدرى لماذا لم أشعر بغضب مُقابل. وليس هناك من تفسير لهذا التسامح من جانبى، غير استعادة المأثور الشعبى الذى يقول «إن ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب». وضاعف من تسامحى تعاطف إنسانى لزميل فقد شريكة عُمره، وهجره ابنه الوحيد.
كذلك اتضح من رسالته الثانية أنه يُتابع كل ما أكتبه، ويأخذ منه موقفاً نقدياً شديداً. من ذلك أنه استرجع ما كتبته عن باراك أوباما طيلة العامين الأخيرين. وأكثر من ذلك ذكّرنى بخلاف علنى فى أحد مؤتمرات الإدارة بأحد منتجعات البحر الأحمر قبل عشرين عاماً، حول مشروع الاتحاد العربى المُقترح وقتها بين مصر والعراق والأردن واليمن. بل ورجع بالذاكرة إلى أكثر من خمس وثلاثين سنة،
حينما تزاملنا فى مُهمة استشارية بجنوب السودان، فى أعقاب توقيع اتفاقية أديس أبابا (1972)، التى أوقفت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، وحادث السيارة الذى تسبب هو فيه، وكدت بسببه أفقد أصابع يدى اليُمنى. والذى جعل زميلا آخر هو د. عاطف عبيد (الذى أصبح رئيساً لوزراء مصر فيما بعد) يُطلق عليه اسم «إجرام» يوسف! فتحية إلى هذا الزميل المُشاكس، وأطال الله فى عُمره.
■ وتحية إلى مُفتى الديار المصرية
رغم وضوح النص القرآنى الكريم، «لكم دينكم ولى دين»، والنص الآخر «فمن شاء فيلؤمن ومن شاء فليكفر»، والنص الثالث «لا إكراه فى الدين»، إلا أن بعض المسلمين المُعاصرين يتزمتون، لدرجة المرض النفسى الهستيرى إذا غيّر مسلم أو مسلمة من دينه أو دينها إلى دين آخر. وهو ما لمسناه مؤخراً حينما غيّرت المُحامية نجلاء الإمام ديانتها من الإسلام إلى المسيحية. لذلك أتت فتوى د. على جُمعة مُفتى الديار المصرية فى أوانها لتؤكد ما أقرّه الله سبحانه وتعالى، وسطره الرسول صلى الله عليه وسلم، فى مُحكم قرآنه.
وحسناً فعل د. على جُمعة ذلك فى مقال ظهر له مؤخراً فى صحيفة «الواشنطن بوست» الأمريكية، الأكثر انتشاراً والأقوى تأثيراً فى الرأى العام الأمريكى. وهو بذلك يدفع عن الإسلام بعض ما لحق به من تشويه على أيدى الجهلة والمتطرفين من أبنائه.
وكما يقول أحد أعلام الفكر الإسلامى المُستنير، وهو الأستاذ جمال البنا، إن «الحُرية» هى القيمة المركزية فى الإسلام. فقد أعطى الله سُبحانه وتعالى للإنسان هذه الحُرية فى كل شؤون الدنيا، ومنها العقيدة، حتى فيما يخص «الألوهية»، فمن شاء أن يؤمن فيلؤمن، ومن شاء أن يكفر فليكفر. لذلك جاءت فتوى د. على جُمعة، لا لتأسيس جديد، ولكن لإجلاء مبدأ أصيل من أصول الدين.
■ الُحُب عبر سيناء
فى نفس الأسبوع الذى نشر فيه د. على جُمعة فتواه حول حُرية تغيير الدين، نشر الصحفى اللامع إبراهيم عيسى رسالة فتاة مصرية مسلمة تعرضت لمُعاملة بشعة من ضُباط أمن مصريين مسلمين، أثناء عودتها من رحلة سياحية فى أحد مُنتجعات سيناء.
وكان سبب ذلك هو سفرها فى نفس سيارة أحد أصدقائها من الأقباط المصريين. وبدأت مهزلة المهانة والتعذيب، عندما توقفت سيارة الأصدقاء عند حاجز تفتيش أمنى طلب الضابط المسؤول فيه من رُكاب السيارة إبراز رخص القيادة، وبطاقات الهوية.
وعندما استنتج من فحص الأسماء وخانة الديانة، أن الفتاة مسلمة وزميلها السائق مسيحى، بدأ مسلسلاً من الأسئلة الشخصية الحرجة من قبيل أين كانا يُقيمان، وكم ليلة قضياها معاً فى ذلك المُنتجع؟ ثم طلب منهما، أن ينزلا من السيارة، واصطحبهما إلى مكتب رئيسه، وهو ضابط شرطة آخر أعلى رتبة.
وسألهما الضابط الأعلى رتبة نفس الأسئلة الشخصية السمجة. ثم طلب من الشاب (المسيحى) أن ينتظر خارج المكتب، وانهال على صديقته (المسلمة) توبيخاً وتأنيباً، لمُصادقتها (وهى المسلمة) لذلك الشاب (وهو مسيحى)، وعما إذا كانت أسرتها تعلم بهذه «الصداقة الآثمة»؟!.
وعبثاً ذهبت احتجاجات الفتاة، بأنها مواطنة راشدة، عُمرها ثلاثين سنة، وقد كفّت أسرتها عن التدخل فى حياتها وشؤونها الخاصة، بما فى ذلك اختيار أصدقائها، وأن والديها وأخواتها لا يسألون عن ديانة أصدقائها وزملائها ورؤسائها!. وبعد عدة ساعات من التعطيل والتوبيخ والتحذير، غادرت الفتاة المسلمة وصديقها المسيحى مكتب شرطة جنوب سيناء، تودعهما نظرات غضب هؤلاء الضُباط الغيورين على «دينهم» من هذه «الصداقة الآثمة»!.
طبعاً، ما كان للكاتب إبراهيم عيسى ولا ليّ أن أخوض فى هذا الموضوع إلا لأنه ناقوس خطر، ضمن مئات نواقيس الخطر التى تُنبه إلى ما يُهدد وحدة المجتمع المصرى، ويُمزق نسيجه الوطنى. فحينما يصل التزمت والتعصب والتمييز إلى الجهاز الأمنى، فإن تلك تكون مُصيبة المصائب، فهذا الجهاز هو المُكلف بحفظ النظام العام، وبُمراقبة تنفيذ القانون، فلو تعرض مواطن عادى (مسلماً كان أو غير مسلم) لهذه الفتاة وتدخل فى شؤونها الخاصة، فإن المفترض أن تلجأ لجهاز الشرطة ليحميها من هذا التدخل، لأنه مثل أى اعتداء على كيانها الجسدى والمعنوى.. فلمن تلجأ هذه المواطنة لحماية هذه الحقوق؟
إن تسرب التعصب الدينى إلى أجهزة الأمن قد يكون فى بداياته. وحسناً فعلت هذه الفتاة الشجاعة فى اللجوء إلى محكمة الرأى العام، مُمثلة فى هذه الحالة بصحيفة الدستور، ورئيس تحريرها، لكى تتحول إلى قضية رأى عام.
وإنى وغيرى ممن قرأوا عن تلك الواقعة، نتوقع من وزير الداخلية أن يُصدر بياناً، إما للرد على هذه الادعاءات أو التحقيق فيها، أو إصدار أوامر صريحة للإقلاع عن تلك المُمارسات التمييزية المبنية على ديانة أى مواطن، فالقاعدة الأخلاقية والدستورية والقانونية، هى أن المواطنين أمام القانون سواء. ولعل الضابطين اللذين تعرضا للفتاة المسلمة وصديقها المسيحى، يُراجعان نفسهما، ويُجيبان فى أعماقهما وأمام ضميرهما على السؤال التالى:
«هل لو كانت الفتاة مسيحية، وكان صديقها مسلما، فهل كانا سيُعاملانهما بنفس الطريقة؟».
إن الإجابة الأمينة على هذا السؤال للضابطين، بل ولكل من يقرأ هذا المقال، هى التى تكشف إلى أى مدى كانت تلك المُعاملة هى الاستثناء، وليست القاعدة. وفى النهاية ما زلت أتطلع إلى بيان من وزارة الداخلية، وإلى إجابات القرّاء.. وعلى الله قصد السبيل، ورمضان كريم.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.