تواصل «المصرى اليوم» عرض سلسلة طويلة من الجرائم التى جمعها الكاتب الأمريكى كليفورد إيرفنج بين دفتى مجلد ضخم يضم ال«الجرائم الخمسمائة وواحد الأسوأ والأشهر فى العالم». استعرض الكاتب الجريمة بأسلوب شائق ومشوق، ألقى من خلاله الضوء على تفاصيلها وزمانها ومكانها. شاتتيرتون.. شاعر صنعه «التزوير» «سيعيش اسمى لأكثر من 300 عام». قالها «الصغير» توماس شاتتيرتون بكل ثقة فى أنه سيصبح شاعراً شهيراً، رغم أنه لم يكن سريع التعلم فى مدرسته، وعدم ظهور علامات النضوج الأدبى لديه إلا متأخراً. «شاتتيرتون» الشاعر الإنجليزى الذى احتضنت ميلاده الأدبى مدرسة «بيل ستريت» ببريستول وصفت حياته بأنها «قصيرة جدا»، واعتاد الكثيرون إطلاق لقب «الشاعر المزور» عليه، ولهذا اللقب قصة واقعية شهيرة جدا فى أوساط الأدب الإنجليزى. شاعرنا تمثلت جهوده الشعرية الأولى فى أعمال محدودة التأثير مثل «ارتداد الرغبة» و«ترانيم عيد الميلاد»، و«براعة شخص»، وظل على هذا الحال من الضعف الأدبى حتى تغيرت حياته بعثوره مصادفة على صندوق من مخطوطات يدويه لأبيه. وكانت هذه المخطوطات بمثابه «الكنز الأدبى» الذى حصل عليه «شاتتيرتون»، لأنها عبارة عن كتابات شديدة الإبداع ل«توماس رولى» وهو كاهن وشاعر ومتخصص فى الأثريات والفنون فى الفترة من 1400 إلى 1470 قبل الميلاد. ومع الحصول على هذا الكنز «الثمين» بدأ شاتتيرتون فى الاستيلاء على أعمال عمالقة الأدب وكتاب السير الذاتية فى «بريستول» واستفاد أيضا من كون صديقه «ويليام كانينجى» هو عمدة المدينة، الأمر الذى سهل له كثيرا عمليات السرقة. وبدأ فى إنتاج نماذج من أعمال الكاهن «رولى» باسمه عام 1764 متخذا له لقب «رجل العجائب»، فكان توماس رولى - من وجهة نظر شاتتيرتون - كاهناً علمانياً اكتسب جدارته من كتابة السير الذاتية، وشعره لايزال وافراً ويمثل فخراً للبابوية والكنيسة. وهكذا أصبح «شاتتيرتون» يطمح إلى مزيد من الشهرة بالمزيد من التزوير، ورغم غضبه من وصف الكثيرين له ب«المزور» إلا أنه لم يتوقف عن كتابة المزيد من «الرولينية» وما كانت تحتويه من خطابات سياسية وهجاء للنبلاء والأبطال. وبحلول عام 1770 كان «توماس» امتلك ما يكفيه من المال من مبيعات «أعماله المزورة» ليسافر إلى لندن فى 24 أبريل للعمل هناك ككاتب، إلا أنه نسى مفكرة «رولى» فى بريستول، مما جعله لا يستطيع أن يكتب بعد ذلك حتى عاد إلى مدينته الأصلية مرة أخرى فى يوليو من ذات العام. توفى توماس ليلة 24 أغسطس 1770 على إثر إعطائه جرعة مفرطة من الزرنيخ والأفيون، وعلى الرغم من الاعتقاد الذى ساد لسنوات طويلة بأن توماس، ذلك الصبى ذا ال 17 عاماً انتحر، إلا أن الأبحاث الأخيرة أظهرت بوضوح أن موته كان «عرضياً لإعطائه جرعة مخدرة للتخلص من أمراض تناسلية أصابته».