سافرت كثيراً إلى عدد كبير من دول العالم فى أمريكا وأوروبا وأفريقيا وآسيا، ووطئت قدماى العديد من المطارات وأنواعاً مختلفة من الطائرات بدءاً من «الفرست كلاس» أو الدرجة الأولى، مروراً بالدرجة السياحية - العادية، وانتهاء بطائرات البترول حيث تفرض علينا المهنة مختلف الظروف، وطبيعى جداً أن أسافر من مطار القاهرة سواء الصالة الأولى أو الثانية.. سنوات طويلة ونحن نعانى من تصرفات لا تليق بسمعة هذا البلد، حيث لا خدمات، وبعض العمال والموظفين يتسولون عبر عرض مساعدتهم عليك، حيث لا يوجد شىء يمكن أن يساعدوك فيه، والكثير من الأشياء التى لا تخطر على بال بشر، ولكن لن أستطرد فى سرد السلبيات التى أصبحت إيجابيات، لم أصدق عينى أنها موجودة فى مصر حيث شاءت الظروف أن أسافر يوم الأحد قبل الماضى إلى سنغافورة عبر صالة السفر رقم 3، وقد أصبت، بدهشة بالغة وحالة من الاستغراب لاتزال تسيطر على شخصى حتى الآن، وسؤال يسيطر على ذهنى ويتردد فى أذنى هل أنا فى مطار القاهرة؟ هل هذا الإنجاز موجود فى مصر.. الحقيقة والواقع يقولان ذلك.. فور أن تطأ قدمك صالة السفر تجد مكاناً غاية فى النظافة.. موظفون يسعون إليك لمساعدتك وهم سعداء ويبتسمون.. الابتسامة تلك التى افتقدناها جميعاً.. فدائماً من يقدم لك الخدمة يعتبرك «عبداً» وهو «السيد» الذى يمنّ عليك بذلك ولا يتعامل معك على أن هذا حقك الذى من المفروض أن يقدمه لك وواجبات وظيفته التى يحصل على راتبه عن أدائها. المهم أن الصالة رقم 3 فى مطار القاهرة نموذج مشرف لكل مصرى يفخر ببلده حيث كل شىء يتم وفق «سيستم»، وأن كل هذا السيستم والمجهود وراءه رجل لابد أن أنحنى له وأرفع القبعة للمجهود الذى بذله لكى يحدث على أرض الواقع، إنه الفريق أحمد شفيق وزير الطيران الذى صنع فى فترة وجيزة معجزة بكل المقاييس. هل تدركون حجم إعجابى بهذا الإنجاز؟ إنه يفوق الوصف وبخاصة أنكم تعلمون أن الصحفيين لهم عيون ناقدة أو كما يقولون «لا يعجبهم العجب».. ولكن إذا عُرف السبب زال العجب وجاء الإعجاب.. الإعجاب لأن صالة 3 أو المطار الجديد نقلنا إلى مصاف دول العالم الأول فى مجال الطيران المدنى فكان لزاماً أن أحيى الرجل على حبه لبلده الذى ترجمه من خلال منصبه إلى مشروع نفتخر به. وكان لزاماً أيضاً أن نشيد بمجهوده وتجربته التى أتمنى أن تحذو بعض الوزارات الفاشلة وبعض الوزراء متواضعى الأداء حذوه. وأخيراً أتمنى من «الرجل» أن يطور من أداء بعض أطقم الضيافة على طائرات الشركة الوطنية، وأن يأتى بعناصر بشرية لا تتعامل مع المواطنين المصريين على أنهم خلقوا من طينة غير الطينة التى خلقوا منها.. تحية واجبة لرجل صنع ما كنت أظن أنه المستحيل. المختصر المفيد من فضلة القلب يتكلم اللسان. [email protected]