فى الشهر الماضى، قبض الكونستابل أدريان أندروود، على شحاذة تتسول ب «رزالة» شديدة معترضة المارة فى مدينة ليستر فى أمسية السبت، الليلة التى يخرج فيها الإنجليز إلى السينما والمسرح والديسكوهات. التسول ممنوع قانونا فى بريطانيا، لكن البوليس غالبا ما يتجاهل الشحاتين، خاصة الذين يعرف عسكرى الدورية وجوههم كمساكين مشردين عاطلين؛ لكن الأمر اختلف مع الشحاذة الحسناء. الشاويش لاحظ أنها ليست من مجموعة المشردين الذين اعتاد رؤيتهم فى المكان، كما أن ملابسها وأسلوبها فى «الشحاتة» ليست من موضة «شحاتين» المدينة. اتضح أن المقبوض عليها شحاذة فالصو-مزيفة، والحقيقة أنها مساعدة محاسب تعمل من التاسعة حتى الخامسة مساء، براتب شهرى يعادل 16 ألف جنيه مصرى (هو متواضع بمقاييس مستوى المعيشة الإنجليزية) بعد الضرائب. اعترفت المدموزيل للنيابة بأنها تعمل «شحاتة» بعد ساعات العمل، أي الشحاتة «اوفر تايم» ثلاثة أيام فى الأسبوع للادخار لعمل ديكور جديد ومطبخ انسيابى لشقة اشترتها حديثا بالتقسيط وتريد أن ترتفع بديكورها إلى مستوى يليق باجتذاب ابن الحلال؛ خاصة أن حالة الكساد الاقتصادى أدت إلى نقصان شديد فى عدد العرسان فى سوق الزواج. أما عدد الشحاذين والشحاذات المقبوض عليهم فى شهر يوليو وحده فى قسم ليستر، وليسوا من المشردين، وإنما أفندية ومدموزيلات دفعتهم الأزمة الاقتصادية للتسول فيزيد على العشرين. وإلى جانب أن «الشحاتة» ممنوعة قانونا كنشاط اجتماعى غير مرغوب فيه، فإن مفتشى مصلحة الضرائب يهتمون أيضا ب «الشحاتين» من نوع المدموزيل التى تريد عمل ديكور جديد للشقة، لأنهم يحصلون على دخل من وراء ظهر مفتش الضرائب، فبعضهم يحصل على 200 جنيه استرلينى (1930 جنيها مصريا) فى ليلة الجمعة أو السبت، ولذا فقد لبست قضية تهرب من الضرائب إلى جانب التسول ومضايقة المارة. وأزمة الكساد الاقتصادى وارتفاع أسعار البنزين والمأكولات، مع إغلاق الكثير من الشركات والأعمال أبوابها وتسريح العاملين بسبب رفض البنوك منح قروض استثمارية، دفعت بالكثيرين إلى البحث عن دخول إضافية بأى طريقة. ويقول مصدر من الخارجية البريطانية إن الظاهرة امتدت للسلك الدبلوماسى، فقنصل بلد صغير يعمل حارسا ليليا فى اوتيل، بينما ضبط نائب سفير بلد أفريقية يعمل فى المساء فى مطعم للسمك بعد مصادرة البنك عمارة شقق مفروشة، كان سعادة السفير اشتراها بالتقسيط ويؤجرها، لكن عجز السكان عن دفع الإيجار أدى لعجزه عن دفع الأقساط فى مواعيدها ومصادرة البنك للشقق، فتحول صاحب العمارة إلى جرسون للسمك المقلى. وزير الزراعة والبيئة والتموين جاء بفكرة جديدة لمواجهة ارتفاع الأسعار، مقترحا من ميكروفون ال «بى.بى.سى»، تجاهل ربات البيوت تاريخ انتهاء مدة الصلاحية على علب البلوبيف والتونا وكرتونات البيض وأكياس الخضراوات فى ثلاجات السوبر ماركت، وتقليد جدته «بشم اللحوم والفاكهة وتحسس الخضراوات» لمعرفة الصابح من البايت. وعادة ما تخفض المحال أسعار المأكولات فى اليوم الأخير من انتهاء مدة الصلاحية، بينما تظل صالحة للأكل عدة أيام حسب فتوى السيد الوزير. وربما تفقس المحال لعبة الوزير وتقلع عن العادة، لتحرجه مع ربات البيوت. أما فكرة زوجتى لمواجهة الأزمة الاقتصادية فتلخصت فى قضاء الإجازة فى خيمة تعسكر فيها والولدان - وحماتى وكلبها المدلل طبعا - فى جزيرة جنوبانجلترا بدلا من السفر للخارج (رغم أن تكلفة إصلاح اتوموبيل موديل 1979 وثمن بنزين الرحلة والخيمة وأدوات المعسكر أغلى من تذاكر الطائرة)، وزيادة فى التوفير رأت الهانم تقليل الحمولة ببقائى فى حر لندن أعمل بمجهود الحمار والبغل معا، وربما «الشحاتة» إذا أتيحت الفرصة.