ما الذى يمكن أن يفعله الشاب أحمد التكرورى؟ تخرج فى الجامعة، وعاش عاطلاً مثل ملايين الشباب، وعندما أحس باليأس قرر أن يريح بلده منه وألا يصبح عبئاً عليه، فطرق كل الأبواب حتى سافر إلى أمريكا منذ 9 سنوات، عمل وكافح واستثمر وأحب فتزوج، كانت زوجته أمريكية من أصل مكسيكى، عاشت معه على الحلوة والمرة، أعجبها سلوكه وتدينه فالتزمت دينياً دون إجراءات رسمية، أنجبا ابنتهما الأولى منذ 6 سنوات. أحس أحمد بصعوبة الحصول على الجنسية الأمريكية بسبب التعنت فى الإجراءات، فعرض على زوجته العودة إلى مصر، بلده الحبيب، الوضع تغير وأصبح معه «قرشين» يعمل بهما مشروعاً.. بلده أولى به، مصر جميلة، «قاسية شوية بناسها، فيها ناس بيحكموها لكن مش بيحبوها، باعوا أرضها، لوثوا زرعها، عكروا أفراح أهلها، لكن برضه بتفضل مصر جميلة وحنينة». أحمد رجع وبنى وأسس وعاش، ومنذ عام ونصف العام حملت زوجته مرة ثانية وأنجبت طفلاً منذ شهور قليلة، وحضرت والدتها وشقيقها وعاشا معها أسابيع ثم سافرا سعيدين ممتنين لأحمد وأسرته آمنين على ابنتهم. زوجة أحمد طلبت منه أن يسافرا إلى الولاياتالمتحدة لأنها غابت عنها أكثر من عامين، فطلب منها إمهاله شهوراً حتى يستعد مالياً لذلك وينظم أعماله، فوافقت. الأسبوع الماضى، خرج أحمد إلى عمله، اتصلت به زوجته تسأله: «ماذا تحب أن تأكل يا حبيبى؟»، بعد العمل عاد إلى بيته فلم يجد زوجته ولا ولديه، أصابه الجنون، خشى أن يكون قد أصابهم مكروه، خرج إلى الشارع يبحث عنهم فى كل مكان فلم يجد لهم أثراً، انتابه الشك عندما اكتشف غياب كل أشياء طفليه وملابس زوجته ومجوهراتها، فى الصباح اتصل بالسفارة الأمريكية ليبلغهم باختفاء زوجته وطفليه فلم يجد استجابة، سارع إلى شركة المحمول «فهاتف زوجته باسمه»، أتى بآخر مكالماتها فاكتشف أنها كانت للسفارة الأمريكية، اتصل بهم وقال لهم هذه المعلومات فأغلقوا الهاتف فى وجهه، وبعدها بقليل اتصلوا به وأخبروه بأن مسؤولاً فى السفارة يريد مقابلته، وحددوا له موعداً لمساعدته فى العثور على أسرته. فى الموعد المحدد ذهب أحمد ومعه والدته، وجد خبراً باسمه فى مدخل السفارة، سمحوا له بالدخول ورفضوا والدته التى انتظرت فى الغرفة الخارجية، دخل أحمد إلى ساحة السفارة ليجد ثلاثة من المارينز فى استقباله، وبدون مقدمات، وبعد أن امتدت أياديهم إلى أسلحتهم، أحس أحمد بالخطر فالتزم الهدوء، ليفاجأ بأحدهم يضربه فى وجهه، وآخر يلقى به على الأرض فى محاولة لتقييده بالكلابشات، قاوم أحمد واستغاث فلم يغثه أحد، وقبل أن يستخدموا معه العصا الكهربائية، أخبرهم بأنه مريض بالقلب، وأن محاميه وأسرته بالخارج، تكهرب الجو مع صراخ أحمد وعويل أمه التى تعرضت هى الأخرى للضرب والإهانة، فسمحوا لأحمد بالهرب من بين أيديهم ممزق الملابس، مصاباً بكدمات وجروح فى روحه قبل جسده.كان فى الشارع رجال أمن مصريون هالهم ما حدث لأحمد، سمعوا منه، وبدأ رحلة من تحرير المحاضر والاستدعاءات فى أجهزة أمنية مختلفة، أحمد لم يستخرج جواز سفر أمريكياً لابنه الصغير حتى الآن وليس من حق السفارة استخراجه إلا بموافقة أحمد، ولكن فى مصر كل شىء جاهز وليست المرة الأولى التى «تتفتون» فيها السفارة الأمريكية وغيرها من السفارات على مصريين. أحمد يحكى باكياً إحساسه بالمهانة والذل، ولكنه يرفض الاستسلام، هو يريد الحفاظ على كرامته، كرامة مصر، ويريد ابنيه، وهذا حقه، فهل هناك أمل فى أن يحافظ المسؤولون فى الخارجية والرئاسة على كرامة المصريين التى أهدرت فى الداخل والخارج، وأصبحنا ملطشة لكل من هب ودب؟!.. لمن نصرخ: أغيثونا! [email protected]