قدم أحمد جمعة شحاتة، محامى محمود سيد عيساوى، المتهم بقتل «هبة ونادين» 10 أسباب إلى محكمة النقض، لإلغاء حكم الإعدام شنقًا الصادر بحق موكله، مشيرًا إلى وجود أخطاء فى الحكم منها أنه بُنى على تحريات باطلة وأقوال متضاربة، متهمًا محكمة الجنايات بأنها أخلت بحقه فى كشف الحقيقة، وطالب فى نهاية مذكرته بإلغاء حكم الإعدام وإعادة محاكمة المتهم من جديد أمام دائرة جنايات أخرى. دفع المحامى فيما يتعلق بالقصور فى التسبيب والخطأ فى الإسناد ببطلان إذن النيابة العامة الصادر بتاريخ 2 ديسمبر 2008 المحرر بمعرفة اللواء أحمد عبدالعال، مدير إدارة البحث الجنائى بمديرية أمن 6 أكتوبر بضبط وتفتيش شخص ومسكن وملحقات «محمود سيد عبدالحفيظ عيساوى» لعدم جدية التحريات وانعدامها وبطلان ما تلاه من إجراءات. وقد استند الدفاع إلى محضر تحقيقات النيابة العامة مع العميد جمال عبدالبارى الذى قال إنه لم يفتش مسكن المتهم عند القبض عليه، مشيرًا إلى أنه لا يعقل أن تكون هناك تحريات جدية على متهم بارتكاب جناية قتل وسرقة، ويصدر إذن من النيابة بتفتيش مسكنه ويتم القبض عليه فى مسكنه ولا يتم تفتيشه مما يؤكد عدم جديدة التحريات وانعدامها. وردت المحكمة فى حيثيات الحكم على هذا الدفع بأن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل فيها الأمر إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذا كان ذلك وكان الثابت من مطالعة محضر التحريات أنه تضمن تحديد شخص المتهم تحديدًا نافيًا للجهالة وسنه ومحل إقامته والجرم المسند إليه والأسباب الداعية إلى إصدار الإذن بالقبض والتفتيش، وقد اقتنعت النيابة العامة بجدية هذه التحريات وأحالت عليها ثقة منها لما ارتأته من الدلائل والأمارات التى علمها رجال الضبطية القضائية من تحريات واستدلالات أن جريمة قد وقعت من المتهم وتطلب الإذن بضبطه وتفتيشه، مؤكدة أن هذا ما يكفى من الأسباب التى استندت إليها النيابة العامة وعولت عليها عندما أصدرت إذن التفتيش وتقرها المحكمة فيما ذهبت إليه من اتخاذها تلك التحريات لإصدار الإذن بالضبط والتفتيش ثقة من المحكمة فى كفاية تلك التحريات مما يكون الإذن قد صدر محمولاً على تحريات كافية وفى سياج من الشرعية الإجرائية بمنأى عن البطلان ويضحى الدفع على غير جادة من الصواب متعينًا رفضه. وقال الدفاع إنه كان يتعين على المحكمة أن ترد على العناصر التى أثبتها الدفاع تأييدًا لدفعه بعدم جدية التحريات، لأنه لا يصح فى العقل والمنطق والبداهة أن يرد الحكم على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات استنادًا إلى اقتناع النيابة العامة بعدم وجود تحريات فى المحضر باطمئنانها إلى جدية تلك التحريات لاقتناع النيابة العامة بجديدة تلك التحريات حيثما أصدرت إذنها خاصة أن مصدر الإذن وكيل أول نيابة الحوادث وائل صبرى الذى قرر عند سؤاله للعميد جمال عبدالبارى بعدم وجود تحريات فى محضر اللواء أحمد عبدالعال الذى صدر بناء عليه إذن النيابة العامة. وأضاف الدفاع أنه من المستقر عليه فى قضاء النقض أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التى استند إليها فى إدانة المتهم وبيان مؤداها بيانًا كافيًا يتضح منه مدى تأييده واقعة الدعوى كما اقتنعت بها المحكمة، مؤكدًا أنه يجب بناء الأحكام على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها وأن تكون لها مآخذ صحيحة فى أوراق الدعوى والتحقيقات حقيقة وفعلاً، فلا اعتداد بدليل يذهب الحكم إلى قيامه على الصورة التى أوردها ويبين أنه فى واقع الحال أن الأوراق والتحقيقات وما جاء بها يخالف هذه الصورة. وأوضح الدفاع أنه بالاطلاع على حيثيات الحكم قالت المحكمة إنه استقر فى يقينها أن الشاهدة هبة جبالى الطبيبة الشرعية شهدت فى تحقيقات النيابة العامة وأمام المحكمة بأنه قد تم أخذ عينة دماء من المتهم بمعرفة الإدارة المركزية للمعامل الطبية بتاريخ 4 ديسمبر 2008 وقد ثبت من نتيجة الفحوص الطبية المعملية التى أجريت أن البصمة الوراثية للحامض النووى المستخلص من التلوثات الدموية المأخوذة من مسح سلاح ويد السكين المضبوطة تتطابق مع جميع العوامل الوراثية مع البصمة للحامض النووى المستخلص من أظافر المجنى عليها الثانية كما تطابقت فى جميع العوامل الوراثية مع عينات الدماء الخاصة بها وكذا الخاصة بالمتهم». ثم عاد ودلل على الأدلة المأخوذة من تقارير الصفة التشريحية وتقارير الطب الشرعى والفحوص المعملية حيث جاء بالحكم أنه ثبت بالفحص المعملى أن البصمة الوراثية للحامض النووى المستخلص من التلوثات الدموية المأخوذة من مسح سلاح ويد السكين المضبوطة تتطابق مع جميع العوامل الوراثية للحامض النووى المستخلص من أظافر المجنى عليها الثانية «هبة العقاد» ومن عينة دماء المتهم»، وبالاطلاع على تقرير الطب الشرعى تبين أنه جاء فيه بمقارنة البصمة الوراثية المستخلصة من العينات السابق ذكرها وجد أن البصمة الوراثية للحامض النووى المستخلص من التلوثات الدموية الآدمية المأخوذة من سلاح ويد السكين بالحرز رقم (1) تتطابق فى جميع المواقع الوراثية للحامض النووى المستخلص من أظافر المتوفاة «هبة العقاد» كما تتطبق مع البصمة الوراثية للحامض النووى المستخلص من عينة الدماء على شاش الخاصة بالمتوفاة نفسها، وكان الدفاع قد دفع فى محضر جلسات المحاكمة بتلفيق الاتهام ببطلان الدليل المستمد من الدماء التى وجدت على فرع الشجرة لأنه ثابت أن المتهم ليس به إصابة واحدة يمكن أن يتساقط منها الدماء لأنه لو كان ذلك لترك أثراً على السكين المعثور عليها. وقرر الدفاع أنه بالكشف الطبى على المتهم بمعرفة الطب الشرعى أثبت الطبيب أن هناك وخزاً إبرياً بذراع المتهم وأن المتهم قرر بعد أنه تم أخذ عينة دم من ذراعه أن الدماء التى على فرع الشجرة تم وضعها من هذه الدماء المأخوذ من المتهم لأن لمتهم ليست به أى إصابات، وثابت من أقوال الشاهد محمد ضرغام أن المباحث عادت وأخذت ملابس للمتهم من منزله، ودلل الدفاع على تلفيق الاتهام بأدلة من واقع أوراق الدعوى، وأن الدماء التى جاءت على فرع الشجرة وتلك التى على الفانلة الداخلية للطاعن كما جاء بتقرير الطب الشرعى هى نتيجة الدماء التى أخذت من الطاعن بمعرفة رجال الشرطة عقب القبض عليه، ودليل ذلك ما جاء بتقرير الطب الشرعى، حيث أثبت الدكتور أيمن حسين محمد قمر، الطبيب الشرعى أنه بتوقيع الكشف الطبى على المتهم لبيان ما به من إصابات وسببها وتاريخ وكيفية حدوثها والأداة المستخدمة فى إحداثها وعما إذا كانت الإصابة التى فى يده اليمنى تتزامن مع تاريخ الحادث من عدمه وعما إذا كانت تحدث من جراء استعمال السكين المضبوطة فى الاعتداء على المجنى عليهما من عدمه، وقرر أنه بمناظرة المتهم تبين وجود وخز إبرى بباطن المرفق الأيمن، ويلاحظ أن الوريد بلون أزرق، ولم يثبت الطب الشرعى أن هذا الوخز الإبرى هو نتيجة أخذ عينة من دماء المتهم بمعرفة الإدارة المركزية للمعامل الطبية الشرعية بتاريخ 4/12/2008 لإجراء أبحاث استخلاص الحامض النووى DNA وترك ذلك أثر وخز إبرى بباطن المرفق الأيمن، وأنه تم أخذ عينة أخرى من المتهم بذات التاريخ بمعرفة المعمل الجنائى، كما جاء بالحكم، فما أثبته الحكم رداً على الدفاع من أن الدماء التى وجدت على فرع الشجرة وعلى الفانلة الداخلية هى دماء موضوعة بمعرفة رجال المباحث من الدماء التى ثبت من تقرير الطب الشرعى أنها تركت أثر وخز فى ذراعه اليمنى بلون مزرق، ليس له أصل فى تقرير الطب الشرعى. ودفع المحامى بمخالفة القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، حيث ثابت من الاطلاع على محضر جلسات المحاكمة أن الدفاع صمم على الطعن بالتزوير، على محضر المعاينة التصويرية التى أجرتها النيابة العامة الخاص بالمعاينة التصويرية لتمثيل الجريمة، وقرر الدفاع أن وكيل أول نيابة حوادث جنوبالجيزة أثبت وقائع وأحداثاً وأقوالاً تخالف الحقيقة التى حدثت أمامه أثناء المعاينة التصويرية، وذلك فى محضره سالف البيان وذلك بقصد الإضرار بالمتهم، حيث لم يثبت حضور رئيس النيابة الكلية المعاينة التصويرية ولم يذكر قيامه بتوجيه المتهم بأقوال وأفعال معينة حتى يعيد المتهم ترديدها أمام المصور الجنائى والاعتراف بتلك الوقائع. كما لم يثبت الأمر الصادر منه إلى المصور الجنائى بعمل مونتاج للفيلم المصور حتى لا يظهر صوته مما يؤكد ارتكاب مخالفات جسيمة يخشى من كشفها، ولم يذكر قوله للمتهم «إنت قلت كده فى التحقيق معانا»، رغم أنه لم يثبت من التحقيقات قيام المتهم بالاعتراف قبل قيام النيابة وانتقالها للمعاينة التصويرية، ولم يقم بإثبات أسماء ضباط ورجال المباحث المرافقين للمتهم والملاحقين له أثناء حديثه مع السيد رئيس ووكيل أول النيابة للتأثير عليه وإكراهه والتحدث معه بأقوال مسموعة وغير مسموعة، وكذلك إثبات تهديده للمتهم بالإيذاء لإكراهه على الاعتراف فى قوله «هتصحصح ولا أخلى حد يصحصحك» ويرد عليه أحد ضباط المباحث المرافقين للمتهم: «إحنا نصحصحه ياباشا»، لم يقم بإثبات ما قرره للمتهم أحد رؤساء المباحث الحاضرين برفقة النيابة فى قوله «بقالى 8 ساعات، اللى تقوله تعيده قول اللى إحنا فهمناك عليه هناك وقلته لينا، ولا تزود عليه وإن افتكرت حاجة متقولهاش»، ولم يقم بإثبات مساعدة رجال المباحث للمتهم فى تسلق السور والأشجار الموجودة بمكان الحادث ولا نوع تلك الشجرة «شجرة موز» ولم يقم بإثبات وجود ضابطين من المباحث بشباك الشقة محل الحادث لمساعدة الطاعن على دخول الشقة. وقد تم عرض القرص المدمج المقدم من الدفاع فى حضور رئيس ووكيل نيابة الجيزة ولم يطعن أى منهما على هذا القرص المدمج ولا على ما جاء به من مشاهد وأصوات صادرة وعبارات واضحة صادرة منهما، إلا أن المحكمة أدانت ورفضت هذا الدفع. ومن ناحية أخرى، فإن المحكمة قالت أيضا فى رفضها لهذا الدفع إنها لم تطمئن إلى مصدره وكيفية الحصول عليه وما تضمنه من مشاهد، رغم أنه يثبت وقوع المتهم تحت وطأة الإكراه المعنوى والمادى أثناء اعترافه بالجرائم المسندة إليه، وكان الدفاع قد حصل هذا الدليل لبراءة المتهم وإثبات الإكراه الواقع عليه من الشرطة والنيابة العامة معا فى واقعة فريدة وهى اتفاق كل من رجال السلطة العامة والنيابة العامة على إكراه متهم على الاعتراف وتلقينه أقوالاً بقصد الإضرار به. استنادًا إلى اطمئنانها أن السلاح المضبوط هو الذى استعمله المتهم فى ارتكاب الحادث وهذا يتناقض مع ما جاء بتقرير الطب الشرعى والفحص المعملى من أن تلك السكين المضبوطة هى التى استعملت فى قتل المجنى عليها «هبة العقاد» فقط وأنه لو تم استعمال تلك السكين فى قتل المجنى عليها «نادين جمال الدين» فلابد أن يترك هذا الفعل آثارًا تدل عليه على السكين حتى لو تم غسلها أو مسحها. ودفع المحامى ببطلان الحكم والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال حيث دفع ببطلان الاعترافات المنسوبة إلى المتهم أمام النيابة العامة وأثناء إجراءات المعاينة التصويرية لعدم حضور محام. وبالاطلاع على التحقيقات نجد أن النيابة العامة قامت بالتحقيق وبسؤاله عما إذا كان يحضر معه أحد إجراءات التحقيق أجاب سلبًا، ثم أثبت أنه أخطر نقابة المحامين الفرعية بالجيزة لانتداد أحد المحامين فقرر له المندوب بإغلاق النقابة، ثم بدأ فى استجواب المتهم الذى اعترف بواقعة السرقة، ثم أثبت أنه حضر منذ بداية التحقيقات كل من مهند أحمد محمود وعثمان عيد ومحمد أحمد عبدالرحيم «محامون» ببطلان اعترافات الطعن بمحضر الضبط لوقوعه تحت تأثير الإكراه المادى والمعنوى دفعوا بانتفاء صلة الطاعن بواقع القتل وطلب عرض الطاعن على الطب الشرعى تمت الملحوظة، ثم عاد السيد المحقق وأثبت بعد تلك الملحوظة «هذا وقد قمنا بدعوة المتهم من خارج غرفة التحقيق ورأينا إعادة سؤاله بالآتى أجاب» الأمر الذى يعنى أن ما أثبته المحقق من حضور المحامين منذ بداية التحقيقات يتناقض مع ما أثبته من عدم حضور أى محام مع المتهم ممنذ بداية التحقيقات ثم أعاد استجواب الطاعن بعد إثبات طلبات المحامين الحاضرين ولم يثبت أن هذا الاستجواب الثانى تم فى حضورهم والدليل على عدم حضورهم هو أنه عند الانتهاء من استجوابه المرة الثانية لم يثبت أى ملاحظات للمحامين أو طلبات لهم مما يؤكد عدم حضورهم. وقال الدفاع إن القانون أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانًا كافيًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التى استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصرًا. وكان الحكم قد عرض لتوافر ظرف الارتباط بين الجريمتين دون أن يعنى بيان الأدلة على قيام رابطة السببية بين القتل والسرقة، ذلك أن ما أورده الحكم المطعون فيه من أن المتهم قد قارف فعل القتل بقصد تسهيل السرقة دلل على قيام علاقة زمنية بين قتل المجنى عليهما والسرقة ولا يعنى قيام الارتباط السببى بين القتل والسرقة- وأن ما قرره الحكم من أن المتهم قتل المجنى عليهما بقصد تسهيل السرقة مما يتعارض مع الصورة التى اعتنقها الحكم فى بيانه للواقعة من أن واقعة السرقة تمت أولاً ثم حدثت واقعة القتل. ودفع المحامى بالإخلال بحق الدفاع، حيث تبنى المحاكمات الجنائية على التحقيقات الشفوية التى تجريها المحكمة فى الجلسة وتسمع فيها الشهود ما دام سماعهم ممكنًا، وتستوفى أى نقص آخر فى إجراءات التحقيق ويكون ذلك فى مواجهة المتهم متى كان ذلك ممكنًا، ومن أهم المبادئ المترتبة على قاعدة شفوية المرافعة أمام القضاء الجنائى التزام محكمة الموضوع بأن تسمع من جديد شهود الدعوى بنفسها وأن تناقشهم فى حضور الخصوم حتى تتمكن من تحقيق الأدلة المطروحة عليها وفى النهاية تكون عقيدتها فى ضوء ما يستريح إليها ضميرها ووجدانها. ومن المستقر عليه فى قضاء النقض والفقه الجنائى أن حق الدفاع فى سماع الشاهد لا يتعلق بما أبداه فى التحقيقات الأولى، مما يطابق أو يخالف غيره من الشهود، بل بما يبديه فى جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته لإظهار وجه الحق، ولا تصح مصادرته فى ذلك، وذلك لأن الدفاع لا يستطيع أن يتنبأ سلفًا بما يدور فى وجدان القاضى عندما يخلو إلى مداولته.