الرئيس السيسي: انتقاء عناصر الأكاديمية العسكرية يتم بشكل منصف وشفاف    مصر للطيران تطلق أولى رحلاتها المباشرة بين الإسكندرية وبني غازي    إنفوجراف| تعرف على أنشطة مديريات الزراعة والطب البيطري خلال أسبوع    مياه الفيوم تطلق برنامجًا تدريبيًا مكثفًا لإعداد كوادر فنية شابة.. صور    أبو الغيط: الدول العربية موحدة في دعمها لمبدأ الصين الواحدة | فيديو    فرنسا: يجب على طهران الالتزام بضمانات عدم الانتشار النووي    صاغته أذرع (الإيباك) .. أكاديميون ومحللون: قرار تصنيف ( الإخوان) صنع في تل أبيب    سوبوسلاي يتعادل لليفربول أمام آيندهوفن    مباشر أبطال أوروبا - أرسنال (0)-(0) بايرن ميونيخ.. بداية المباراة    بعد مصرع مسنة وحفيدتها قرية الصياد تتشح بالسواد.. ننتظر 5 جثامين من ابناءها في قنا    نص أمر إحالة المتهمة بالشروع في قتل طفلتها بالجيزة للمحاكمة    محمد هاني يدعم رمضان صبحي: «شدة وتزول إن شاء الله»    انهيار متسابقة "ذا فويس" بالبكاء على الهواء.. والسبب يفاجئ الجمهور (فيديو)    مجلس جامعة القاهرة يزور "المتحف المصري الكبير"    إيهاب فهمى عن برنامج كاستنج: كل التحية للشركة المتحدة    طبيب يكشف تفاصيل إنقاذ يد عامل خراطة بعد بترها في لحظة داخل ورشة    إعلان نتائج "المعرض المحلي للعلوم والهندسة ISEF Fayoum 2026"    تكريم الفرق المصرية المشاركة فى المنتدى الأفرواسيوى للابتكار والتكنولوجيا بماليزيا    رسائل الرئيس الأبرز، تفاصيل حضور السيسي اختبارات كشف الهيئة للمُتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية    خالد أبوبكر عن واقعة مدرسة "سيدز": اعترافات المتهمين وتطابقها مع أقوال الصغار تكشف هول الجريمة    انقطاع المياه عن بعض قرى مركز ومدينة المنزلة بالدقهلية.. السبت المقبل    المؤتمر الدولي لكلية التمريض بجامعة المنصورة الأهلية يواصل فعالياته    أم مكة تستأنف على حكم حبسها في اتهامها ببث محتوى خادش    عماد زيادة بطلاً أمام مي عز الدين في مسلسل " قبل وبعد"    التيك توكر أم مكة تستأنف على حكم حبسها 6 أشهر بتهمة بث فيديوهات خادشة    كلية الحقوق بجامعة أسيوط تنظم ورشة تدريبية بعنوان "مكافحة العنف ضد المرأة"    الكاميرات ليست حلاً «2»    شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي استهدف بيت لاهيا شمال قطاع غزة    سيف الحرية.. يوسى كوهين يكشف كواليس فشل خطة التهجير.. مدير الموساد السابق: مصر رفضت الفكرة والرئيس السيسي أسقطها بالكامل.. ويكشف كواليس حرب الظل بين تل أبيب وطهران لسرقة الأرشيف النووى واستهداف العلماء فى طهران    "الألحان الخالدة" تحتفي بروائع الشريعي وهشام نزيه بأداء أوركسترالي مبهر    الإدارية العليا تقضي بعدم قبول 14 طعنًا على نتيجة انتخابات النواب بالمرحلة الأولى    كلية طب قصر العيني تنظم اليوم العلمي لقسم الأمراض الصدرية    وفد الصحة العالمية يشيد بريادة سوهاج في تنفيذ مبادرة المدارس المعززة للصحة    وزير الصحة يلتقي كبير الأطباء بمستشفى أنقرة بيلكنت سيتي    وكيل صحة بني سويف: إحلال وتجديد مستشفى سمسطا المركزي ب 2 مليار جنيه    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 عاما يفوز على تونس في بطولة شمال أفريقيا    وزير الثقافة ينعى الناقد الدكتور محمد عبد المطلب    جهاد حسام الدين: تجربتي في «كارثة طبيعية» صعبة.. ومستحيل أخلف 7 أطفال في الواقع | خاص    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    لوكاشينكو يؤكد لبوتين استعداد مينسك لاستضافة أي منصة للمفاوضات حول أوكرانيا    عُمان والبحرين يكملان عقد المتأهلين لكأس العرب 2025 في قطر    أخبار البورصة اليوم الأربعاء 26-11-2025    السكة الحديد: إنشاء خطوط جديدة كممرات لوجيستية تربط مناطق الإنتاج بالاستهلاك    الزمالك يخطط لعودة رضا هيكل لتدعيم صفوف الطائرة    صدمة في الكرة المصرية..رمضان صبحي موقوف 4 سنوات بسبب المنشطات    الحكم محمود البنا يستغيث بالرئيس السيسي على مواقع التواصل    مجلس جامعة سوهاج يوافق على التعاون مع جامعة آدمسون بالفلبين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    مران بدنى خفيف للاعبى الزمالك عقب الوصول لجنوب إفريقيا    الجدة وحفيدتها.. انتشال جثتين من أسفل أنقاض انهيار منزل بنجع حمادي    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    دوري أبطال إفريقيا.. قائمة بيراميدز في رحلة زامبيا لمواجهة باور ديناموز    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للتدريب المشترك "ميدوزا -14".. شاهد    انطلاق أعمال اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب بالجامعة العربية    «إرادة المصريين تتصدّى لمحاولات التخريب.. رسائل قوية في مواجهة حملات الإخوان للتشويه»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا تبقى من نظام عبدالناصر والسادات ومبارك؟

منذ سنوات يتردد سؤال أساسى كلما هلت ذكرى ثورة يوليو، وهو: ماذا تبقى من الثورة؟ وبعدها ينطلق من يطرح السؤال للإجابة عنه، كل حسب انتمائه السياسى، أو هواه الشخصى، ومن له رؤية مستقلة ومن قرأ ودرس وبحث فعلاً، ومن كل حصيلته قراءة بعض مقالات لهذا أو ذاك، ولم ينتبه أحد إلى أن السؤال من أساسه خاطئ، وبالتالى إجاباته سوف ينالها قدر من الخطأ، لأننا نقيم نظاماً واحداً نتج عن الثورة، بينما الواقع أن هناك ثلاثة أنظمة أفرزتها، نظام الزعيم خالد الذكر جمال عبدالناصر، ونظامى الرئيسين السادات -عليه رحمة الله- ومبارك، والأول يختلف تماماً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً عن الآخرين، اللذين يتشابهان فى الكثير.
وبالتالى فالمنطق يقول إن من الضرورى مراعاة هذا الاختلاف، حتى لا نظلم نظاماً بأن نحمله أخطاء غيره، مثلما ظلم البعض الكثير من زعامات وطنية قبل الثورة، عندما نظروا إلى مرحلتها وكأنها شىء واحد، فلم يفرقوا بين الزعيمين خالدى الذكر سعد زغلول ومصطفى النحاس، وحزب الوفد، وبين فساد وديكتاتورية القصر الملكى والملك فؤاد وابنه فاروق وأحزاب الأقليات وقياداتها العميلة للقصر، بل ظلمنا البعض من قيادات أحزاب الأقليات كانت لهم أدوار وطنية، والغريب فى الأمر أن بعض قيادات الوفد حالياً يتحدثون عن فترة ما قبل الثورة وكأنها واحدة دون أن يفرقوا بين مكوناتها، الوفد صاحب الأغلبية، والقصر، والأقليات، وحملوا أنفسهم أوزارها رغم أن الحزب كان بعيداً عنها، وأصبحت تسعدهم جداً أى هجمات ضد الثورة حتى وإن كانت تنطوى على إساءة لتاريخ حزبهم وقياداته.
ومن أعجب وأجرأ الكتابات ما أتحفتنا به الطبيبة لميس جابر التى قفزت لتكون مؤرخة لما قبل الثورة، وبعدها قدمت وثائق ومعلومات لم يسبق لمؤرخ مصرى أو أجنبى للعهدين أن عرف عنها، فمثلاً اكتشفت أن الإخوان المسلمين هم الذين اغتالوا مؤسس جماعتهم وأول مرشد لهم وهو حسن البنا، وهم الذين حاولوا اغتيال الزعيم خالد الذكر مصطفى النحاس، إذ قالت ذلك بالنص فى جريدة «روزا» فى 18 أكتوبر 2007.
أى أن كل المؤرخين كذبوا عندما أكدوا أن محاولات اغتيال النحاس من تدبير الملك فاروق بواسطة تنظيمه الحرس الحديدى، وأن صديقنا المرحوم فؤاد سراج الدين وصديقنا المرحوم إبراهيم فرج كذبا فى ذكرياتهما السياسية التى أعددتهما وصدرا فى كتابين، لا علىّ فقط، وإنما على الدنيا كلها باتهام الملك الإخوان الذين اغتالوا البنا أيضاً بقولها بالنص: «والجريمة الأخيرة هى اغتيال حسن البنا وإن كنت أظن أنها من داخل الإخوان أنفسهم بواسطة رئيس الجناح العسكرى للإخوان فى هذا الوقت».
أى أن «المحظورة» اغتالت مؤسسها وألصقت الحادث بالملك المظلوم فاروق. أما السر الآخر الذى كشفته بعد الثورة فجاء فى «الوفد» يوم الأربعاء الماضى.. وهى تتحدث عن شعار تحقيق العدالة الاجتماعية. إذ قالت بالنص: «أما العدالة الاجتماعية فقد تم تفصيلها على مقاس الضباط وعائلاتهم وقرايبهم وطبقت عليهم العدالة فعلاً لأنهم هم الشعب المقصود بالعدالة الاجتماعية وليس غيرهم».
ما هذا المستوى من الجرأة والأمانة؟! على العموم فهذا هو الجانب الفكاهى من موضوعنا.. أما الجاد منه فهو الذين يتجاهلون حقيقة أن الإطاحة بالملك فاروق، وإنهاء حكم الأسرة الملكية.. كان مطلباً شعبياً جماعياً بعد أن وصلت الأوضاع إلى طريق مسدود لأنه منذ أول وزارة منتخبة عام 1924 برئاسة الزعيم خالد الذكر سعد زغلول باشا زعيم «الوفد» الممثل للأمة، والقصر الملكى من فؤاد، إلى ابنه فاروق وبمساعدة أحزاب الأقليات العميلة له مثل «الأحرار»، و«الدستوريين»، و«السعديين»، و«الكتلة الوفدية». وتلك التى ظهرت واختفت مثل «الاتحاد» و«الشعب».. سارت الأمور كالآتى:
انتخابات حرة يفوز فيها «الوفد» باكتساح. وبعد أشهر أو عام أو اثنين يعزله الملك.. وتتم انتخابات مزورة.. أو يقاطعها «الوفد» تأتى بعملائه من أحزاب الأقليات.. لدرجة أن «الوفد» بقيادة خالد الذكر مصطفى النحاس بحث مرتين فى وزارة 42-1944 ووزارة 50-1952 خططاً لعزل الملك. وتفاصيل إحداها تسلمها المرحوم محمود سليمان غنام إلا أنه لم يصدر بها قرار لأن «الوفد» تخوف من مساندة الجيش للملك. وأنا هنا أتحدث عن شهادة فؤاد سراج الدين وإبراهيم فرج وزير الشؤون البلدية فى آخر وزارة وسكرتير عام حزب «الوفد» الجديد بعد عودته فى 4 فبراير سنة 1978.. ولأنه لم يشأ أن يقوم بعمل ضد «الدستور».
 وكانت المفاجأة أن الجيش الذى تخوف منه هو الذى أطاح بالملك، ولذلك ما إن أذيع النبأ حتى انفجر تأييد شعبى كاسح للثورة أو الحركة أو الانقلاب - اختر ما تشاء من أسماء ترضيك أو أنت مقتنع بها، وهذا الشعب هو أغلبية حزب «الوفد».. ولذلك كان من غير المتصور أن تقوم جماعة بهذه المخاطرة. وتنجح فيها وتفاجأ بالتأييد الشعبى الكاسح لها. ثم تسلم مقاليد الحكم لمن رفضوا أن يسبقوها بالعمل.. وباختصار فإن توحدا روحياً ووطنياً حدث بين الشعب والثورة.. وهذا سر شعبيتها حتى الآن .. هذا أولاً.
وثانياً: إن هذا التوحد حدث بين الأغلبية الشعبية وعبدالناصر، بعد أن تم حسم الصراع، وعزل محمد نجيب من رئاسة الجمهورية حدث بسبب تطبيق سياسات كانت مطالب هذه الأغلبية قبل الثورة.. وهى باختصار العدالة الاجتماعية التى تضمن لها حياة «كريمة» وآدمية وتؤمن لها ولأبنائها مستقبلهم، وتنتشلهم من الفقر المزرى الذى كانوا يعيشون فيه، وأفقدهم الإحساس بالكرامة..
 حدثت أخطاء كبيرة وكوارث كبيرة وصغيرة؟ نعم ولم تكن هناك ديمقراطية سياسية قائمة على التعددية الحزبية الحقيقية؟ نعم، لكن أحدًا لا يمكن أن يتسرب الشك إلى نفسه، بأن نظامه كان معبرًا عن مصالح الأغلبية الفقيرة والمتوسطة، واتخذ كل ما من شأنه لتأمينها، وهذا ما لن تنساه له الأغلبية على تعاقب الأجيال ووراثة الأحياء للأموات، يكفى عمل واحد، وهو التأمينات الاجتماعية والمعاشات، وكيف حفظ لنا ولأبنائنا حياتنا وكرامتنا، بمن فينا من يهاجمونه ويتهمونه بتخريب الإنسان المصرى. ولم يحدث فى التاريخ أن تنكر شعب لثورة أنصفته، ولزعيم عبر عن طموحاته ونفذ منها ما استطاع بإخلاص حتى وإن فشل، ومرة أخرى لا يجب طرح سؤال: ماذا تبقى من ثورة يوليو؟ وإنما: ماذا أنجزت كل من رحلة عبدالناصر والسادات ومبارك لمصر وأغلبية شعبها؟
وفى العدد القادم نستأنف الحديث عن صراعات الأجنحة داخل النظام وبين أعضاء الحرس الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.