مشاهدو «الحياة 2» على موعد مساء اليوم، مع الحلقة الأخيرة من حوار شائق، امتد ثلاثة أسابيع، بين اللواء أحمد رشدى، وزير الداخلية الأسبق، والأستاذة رولا خرسا، فى برنامج «الحياة والناس»، الذى استطاع أن يحجز لنفسه مكانًا بارزًا بين برامج المساء بخبطتين صاخبتين، إحداهما حوار اللواء رشدى، والأخرى حوار شاهيناز النجار! كانت «رولا خرسا» قد سألت الوزير رشدى، فى حلقة الخميس الماضى، عن الطريقة التى غادر بها منصبه، أثناء أحداث الأمن المركزى الشهيرة، التى اندلعت عام 1986، وكان هو وقتها وزيرًا، فقال إنه تقدم باستقالته إلى الرئيس الذى قبلها! وكان مطلوبًا منى، بعد انتهاء الحلقة، أن أقول رأيى فى الموضوع، وكان تقديرى فى اتصالى مع البرنامج، أن الوزير رشدى قد أقيل من الوزارة، ولم يستقل، ومما قلته وقتها، إن الإقالة - أولاً - لا تقلل من شأن الرجل، ولا من مكانته، وأن نظام الحكم، منذ بدء ثورة يوليو، إلى اليوم، لا يسمح لوزير ولا لخفير، بأن يستقيل هكذا، من تلقاء نفسه، وإنما يقيله هو وقتما يشاء، وليس أدل على ذلك، من تلك الواقعة الشهيرة، فى نهاية الستينيات، حين أراد المرحوم الدكتور حلمى مراد، وزير التعليم أيامها، أن يستقيل، فرفض عبدالناصر، واستبقاه إلى أقرب تعديل وزارى، فأخرجه فيه، ثم صارت قاعدة، منذ ذلك التاريخ، وربما من قبل، إلى هذه اللحظة!.. وقد تكرر المشهد كثيرًا، فيما بعد، سواء فى عهد السادات، أو مع مبارك، حين كان وزير هنا، أو آخر هناك، يبدى رغبته فى الخروج، فكان الرئيس يستبقيه إلى أقرب تعديل قادم، استيفاء للشكل، وتطبيقًا للقاعدة التى آمن بها نظام يوليو، ولايزال يمشى عليها، ولا يحيد عنها! وقد جرت العادة، على أن هناك مواقع فى الدولة، لا يجوز إقالة أصحابها، ومنها - مثلاً - شيخ الأزهر، أو محافظ البنك المركزى، أو رئيس المحكمة الدستورية العليا، أو غيرها.. ومثل هذه المواقع تلجأ الدولة معها إلى حيلة معروفة، إذا أرادت من أى واحد من شاغليها أن يغادر الموقع، قبل أوانه.. والحيلة هى أن يتقدم شاغل الموقع باستقالته فيقبلها الرئيس، ويكون هناك فى الوقت نفسه، اتفاق مسبق، بين الطرفين، يقضى بأن يتقدم «فلان» باستقالته، وأن تقبلها الدولة، ويظل الشكل «استقالة» أمام الرأى العام، حفاظًا على كرامة صاحب الموقع، وتجنبًا للانتظار حتى يأتى أقرب تعديل وزارى، ولكن يبقى أن الجميع يعرفون فيما بينهم، فى مثل هذه الحالة، أن الموضوع إقالة لحمًا ودمًا، وليس استقالة بأى حال، كما قد يبدو أمام الناس! يخرج المسؤول، فى حالة كهذه، مستقيلاً، على سبيل حفظ ماء وجهه، لا أكثر.. ولكنها تظل إقالة، حتى ولو أعقبها وسام!