سعر كرتونة البيض في بورصة الدواجن والسوق اليوم الأحد 23 نوفمبر 2025 فى المنيا    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    بعد تراجعه بنحو 6 آلاف جنيه| ننشر سعر الحديد والأسمنت اليوم الأحد 23-11-2025    وزير الري: إعداد حلول عاجلة وأخرى بعيدة المدى لحسم تحديات منظومتي الري والصرف بزمام مصرفي «خور النيل» و«حوض الغرب»    إعتماد تعديل المخطط العام لمدينتي إدفو وكلابشة بمحافظة أسوان    انطلاق فعاليات الصناعة الخضراء لتعزيز التحول البيئي بدعم 271 مليون يورو    وزير الخارجية يؤكد لنظيره الهندى دعم مصر لرئاسة بلاده مجموعة بريكس 2026    مسئولون من أمريكا وأوكرانيا وأوروبا يعقدون محادثات في جنيف بشأن مقترح ترامب للسلام    وزير فنزويلي: قمنا بالرد على جميع تهديدات واشنطن ونحن مرفوعو الرأس    دوري أبطال أفريقيا.. موعد سفر بعثة الأهلي إلى المغرب لمواجهة الجيش الملكي    حاله الطقس المتوقعه اليوم الاحد 23 نوفمبر 2025 فى المنيا    أولياء أمور مصر: كثافة التقييمات ترفع معدلات القلق بين الطلاب خلال امتحانات الشهر وتؤثر على أدائهم    اليوم.. بدء محاكمة المتهم بقتل مهندس رميًا بالرصاص في الإسكندرية    كمال أبو رية: شبعت من فكرة الزواج.. والمجاملة تفسد الفن    افتتاح الدورة ال26 لأيام قرطاج المسرحية بعرض "الملك لير" وتكريم يحيى الفخراني    بعد قليل.. احتفالية كبرى بمناسبة مرور 130 عامًا على تأسيس دار الإفتاء    أسعار الخضروات اليوم الاحد 23-11-2025 في قنا    الليلة.. الزمالك يستعد لبداية مشواره فى مجموعات الكونفدرالية أمام زيسكو    مواعيد مباريات اليوم الأحد 23 نوفمبر والقنوات الناقلة    المصري في مهمة صعبة أمام كايزر شيفز في الكونفدرالية    وزير الري: أي سدود إثيوبية جديدة بحوض النيل ستقابل بتصرف مختلف    وزيرة التنمية المحلية: انتهاء استعدادات محافظات المرحلة الثانية لانتخابات النواب 2025    وزارة الري: السد الإثيوبي يحبس المياه ثم يصرفها فجأة بكميات كبيرة ويهدد مجرى النيل الأزرق    مصرع طفل غرقا داخل ترعة بمحافظة قنا    بسبب الشبورة الكثيفة .. اطلاق مبادرة فتح منازل الاهالي للمسافرين العالقين بالطرق السريعة بمطروح    بعد قليل.. نظر محاكمة 10 متهمين بخلية لجان العمل النوعي    10 غارات إسرائيلية على خان يونس.. وتوسع عمليات النسف داخل الخط الأصفر    الاحتلال الإسرائيلى يغلق بوابة عطارة وينصب حاجزا شمال رام الله    كير ستارمر يعلق على قضية أندرو وجيفرى أبستين.. ماذا قال؟    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الاحد 23112025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 23-11-2025 في محافظة قنا    علامات مبكرة لسرطان الكبد قد ترافق فقدان الوزن المفاجئ.. تحذيرات طبية تكشف 3 تغيّرات خطيرة في الجسم    حفيدة جون كينيدي تكشف إصابتها بالسرطان وتنتقد ابن عمها روبرت كينيدي    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 23 نوفمبر    وزارة الصحة: لا توجد فيروسات مجهولة أو عالية الخطورة في مصر.. والإنفلونزا الأعلى ب 66%    وزارة الداخلية المصرية.. حضور رقمي يفرض نفسه ونجاحات ميدانية تتصدر المشهد    بصورة من الأقمار الصناعية، خبير يكشف كيف ردت مصر على إثيوبيا بقرار يعلن لأول مرة؟    استطلاع رأي: شعبية ماكرون تواصل التراجع بسبب موقفه من أوكرانيا    استشهاد 24 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة    طقس اليوم.. توقعات بسقوط أمطار فى هذه المناطق وتحذير عاجل للأرصاد    نقيب الموسيقيين يفوض «طارق مرتضى» متحدثاً إعلامياً نيابة ًعنه    السيسي يعد بإنجازات جديدة (مدينة إعلام).. ومراقبون: قرار يستدعي الحجر على إهدار الذوق العام    برواتب مجزية وتأمينات.. «العمل» تعلن 520 وظيفة متنوعة للشباب    وكيل صحة دمياط: إحالة مسئول غرف الملفات والمتغيبين للتحقيق    الصحة: علاج مريضة ب"15 مايو التخصصي" تعاني من متلازمة نادرة تصيب شخصًا واحدًا من بين كل 36 ألفًا    صوتك أمانة.. انزل وشارك فى انتخابات مجلس النواب تحت إشراف قضائى كامل    : ميريام "2"    صفحة الداخلية منصة عالمية.. كيف حققت ثاني أعلى أداء حكومي بعد البيت الأبيض؟    د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!    دولة التلاوة.. هنا في مصر يُقرأ القرآن الكريم    محافظة الجيزة تكشف تفاصيل إحلال المركبة الجديدة بديل التوك توك.. فيديو    جامعة القناة تتألق في بارالمبياد الجامعات المصرية وتحصد 9 ميداليات متنوعة    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    بث مباشر الآن.. مباراة ليفربول ونوتنغهام فورست في الجولة 12 من الدوري الإنجليزي 2026    شاهد الآن.. بث مباشر لمباراة الهلال والفتح في الدوري السعودي روشن 2025-2026    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تماثيل من عجوة
نشر في المصري اليوم يوم 28 - 06 - 2009

كنت فى الجاهلية أصنع صنماً من «عجوة» أعبده نهاراً وآكله ليلاً .. هكذا كان يصف عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - حاله قبل أن يمن الله عليه بنعمة الإسلام . وقد كان الفاروق عبقرياً عندما اختار «العجوة» كمادة لصناعة هذا الصنم .
 فالبلح الذى تصنع منه العجوة «مستوى ع الآخر»، وبالتالى فقابليته للتشكيل عالية، كما أنه يتماسك بسهولة - فى الشكل الذى تصوره فيه - بمجرد تركه فى الهواء، وحتى «الذباب» الذى يطوف حوله بالآلاف لا يستطيع أن يسلب منه إلا القليل، ليبقى التمثال ثابتاً فى مكانه حتى تمتد إليه يد الإنسان الذى سئم من عبادته طوال النهار ليأكله فى الليل .
أقول ذلك بمناسبة حالة الغضب التى سيطرت على لاعبى المنتخب القومى المصرى وجهازه الفنى وأعضاء اتحاد الكرة، بسبب «شد السلخ» عليهم بعد الهزيمة من الولايات المتحدة الأمريكية بثلاثة أهداف نظيفة، وكان قد سبق عملية «السلخ» تلك فاصل من المدح والاحتفال بالأداء المتميز الذى قدمه اللاعبون أمام كل من البرازيل وإيطاليا .
فبمجرد انتهاء مباراة أمريكا تحول الكثيرون بقدرة قادر من النهار الإيطالى الذى عبدوا فيه «تمثال العجوة» إلى الليل الأمريكى الذى قطعوا فيه هذا التمثال والتهموه وهضموه، لكن الفارق بين صنم العجوة الذى صنعه الفاروق عمر، والتماثيل المعاصرة، أن الأول لا يفرح عندما يعبد، ولا يغضب عندما يؤكل، أما الثانى فأمره مختلف، إذ بإمكانه أن ينقلب على عابديه وأن يدير لهم ظهره حتى حين ! .
والجمهور - من ناحيته - يرى أن من حقه الغضب على «اللعيبة» بحكم أنه العنصر الأهم فى صناعة نجوميتهم وبناء شهرتهم . فهو الذى يرفع صورهم فى كل مكان، ويطالب بإقامة التماثيل لبعضهم فى الميادين العامة . أما اللاعبون والمدربون والنقاد، وحتى «المدلكاتية!» فيرون - من ناحيتهم - أنهم أوتوا المجد والشهرة على علم عندهم، وأن بإمكانهم معاقبة من نالهم بسوء وأراد أن يأكلهم بعد الليل الأمريكى .
 وأبسط عقاب هنا هو التوقف عن اللعب، وقد ردد الكابتن «محمد أبو تريكة» أنه إذا لم يرد الاعتبار إلى اللاعبين الذين تم اتهامهم ظلماً بمرافقة بنات الهوى ليلة مباراة الولايات المتحدة فسوف يعتزل اللعب الدولى . وقد كان الكابتن فى منتهى الثقة فى ألم العقاب الذى يوقعه على الجمهور وهو يردد هذا الكلام، فلا أشق على نفس العابد من أن يهرب منه التمثال الذى يعبده، خصوصاً خلال ساعات النهار! .
لكن الله سلم، وتم إعادة الأمور إلى نصابها، والتماثيل إلى نصبها، حين خرجت رموز السياسة والفن والرياضة لاستقبال كتيبة الساجدين فى مطار القاهرة، وكان على رأس المستقبلين السيد جمال مبارك .
وفى لمح البصر بادرت عدسات الإعلام إلى نقل وقائع ما يحدث، وانطلقت البرامج الرياضية تغرد بإنجازات هذا الجيل من اللاعبين، وما يتمتعون به من قيم وأخلاق رفيعة، والأهم من ذلك رضاء الحكم والحكومة عنهم !، وبدأ الجميع يذكّرون ببرقية التهنئة التى أرسل بها السيد الرئيس وأشاد فيها بأداء لاعبى المنتخب أمام إيطاليا، خصوصاً الكابتن «عصام الحضرى» الذى بذل كل ما فى وسعه لحماية العرين المصرى من أية أهداف يمكن أن تدخل مرماه فى هذه المباراة، ليدخرها لمباراة الولايات المتحدة الأمريكية! .
هذا «الحارس» الذى كانت تهتف له الجماهير «ارقص يا حضرى» فى النهار أكلته الجماهير وشيعته باللعنات عندما هرب - بليل - من الأهلى للاحتراف فى نادى «سيون»، بل وأصبحت تشمت فيه كلما دخل مرماه هدف، حتى ولو كان هذا المرمى هو مرمى المنتخب المصرى، وحتى لو كان الذى يحرز فيه هو الأمريكان .
 هذا الانقلاب الذى يحدث فى حياتنا الرياضية آلاف المرات هو بالضبط ما تلخصه العبارة العبقرية لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهو يشخص حاله «صنم العجوة» الذى كان يعبده بالنهار ويأكله بالليل، وهذه الحالة تعجب الحكام والحكومات الضعيفة أشد الإعجاب، لذلك تحرص - أشد الحرص - على حماية تلك الآلهة، بل وتحاول أن تستفيد من شعبيتهم، ومن قدرتهم على نشر الهزل بين الناس، بل وتحويل الهزل إلى منتهى الجد .
ومن ير حالة الاهتمام التى تحلل بها مباريات «الكورة» سوف يلاحظ كيف يمكن أن يتحول الهزل إلى جد فى حياة شعب من الشعوب . فهناك تدقيق فى وصف كل شاردة أو واردة فى المباراة، وحالة من الاستغراق فى التحليل الفنى لأداء اللاعبين والمدربين والحكام .
 ولو كنا نهتم بتحليل أوضاعنا السياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية بنفس الدرجة من الجدية والتفصيل لاختلف حالنا كثيراً! . وبصفة عامة يعكس وصول الناس إلى هذه الحالة من التعامل الجاد مع قضايا «الكورة» عبقرية الحكومات المصرية المتعاقبة فى تشكيل «العجوة المصرية» على الصورة التى تحبها وتهواها .
فزمان كانت الحكومة حريصة على دفع الكثير من المال حتى تذاع مباريات «الكورة»، وكان البعض يقول إنها تفعل ذلك من أجل إلهاء الناس، أما الآن فالناس تدفع من «جيبها» من أجل أن «تتلهى على عينها»، وليس أدل على ذلك من اتجاه شركات التليفزيون المدفوع التى تحتكر مباريات «تماثيل الفراعنة» إلى رفع سعر الاشتراك فى خدماتها، وكذلك اتجاه المقاهى والكافيتريات إلى رفع سعر الجلوس على كرسى لمشاهدة المباراة - غير المشاريب - إلى عشرة جنيهات فى بعض التقديرات . هل هناك عبقرية أكثر من ذلك ؟
فبدلاً من أن تصرف الحكومة على «إلهاء» الشعب أصبح الشعب ينفق من «قوته» على «دهولة» نفسه . والشعب الطيب لا يستوعب أن هذه «الدهولة» التى يعيش فيها تتحول إلى سيول من الأموال عبر الإعلانات والاشتراكات، والاتصالات، يصب نصيب منها فى جيوب آلهة «العجوة» التى صنعها بيديه، وسالت الملايين فى جيوبها عندما عبدها الجمهور نهاراً، ثم غضبت أشد الغضب عندما حاول أن يأكلها ليلاً! .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.