كشفت دراسة بحثية حديثة أن الإسلام كان سباقاً في تأمين المسلمين وجميع البشر من الأمراض والأوبئة. وأن الإسلام كان له موقفه الواضح علي مر العصور في معالجة ظهور الأوبئة ومع مرور الأيام تبين بالدراسات الطبية والتحاليل العلمية مثالية الأمر الألهي في التعامل مع الموقف وتشير الدراسة التي أعدها الباحث والمحاضر أحمد علي سليمان المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية إلي كيفية علاج هذه الأمراض من خلال منهج الإسلام الشامل في التعاطي مع هذه الآفات والأوبئة وقالت الدراسة إن الإسلام منذ ظهوره كان موقفه واضحاً وضوح الشمس إزاء الخنزير حيث حرم أكل لحمه تحريماً جازماً.. وتشاء إرادة الله تعالي أن يُظهر العلم الحديث أخطار تناول لحوم هذا الحيوان وقالت الدراسة أن الطب الوقائي في الإسلام يقوم علي الأسلوب الإيماني في ايجاد المجتمع الصحي وهو أسلوب يرتكز علي ربط التعاليم الصحية بعقيدة المسلم والاستفادة من تأثير الإيمان والتزام الناس بالإسلام في اتباع الأوامر الصحية كما يقول صالح نعمان في منهج البحث في علم العقيدة في ضوء التطور العلمي المعاصر، ولقد اهتم الإسلام بايجاد البيئة الصحية المثالية وجعلها جزءاً من تعاليمه الرئىسية فكان أول ما نزل من القرآن يدعو للعلم وثاني ما نزل يدعو للنظافة فقال في الأول »اقرأ باسم ربك الذي خلق« »العلق: 1« وقال في الثانية »وثيابك فطهر« »المدثر:4« وكانت بذلك أمة الإسلام منذ ولادتها أمة نظافة قبل معرفة الجراثيم والميكروبات وما تسببه من أمراض خطيرة وأوبئة بأربعة عشر قرناً إذ إن أغلب الأمراض الخطيرة سببها الأساسي انحدار مستوي النظافة أو عدمها المسمي في لغة الشرع بالنجاسة. وجاء في السنة الشريفة أحاديث كثيرة تبين أهمية الطهارة وترغب فيها منها قول النبي »صلي الله عليه وسلم« »الطهور شطر الإيمان« »رواه مسلم«، وتأكيداً علي دور الطهارة والنظافة في الصحة العامة حث رسول الله »صلي الله عليه وسلم« علي المداومة علي حالة الطهارة حتي خارج أوقات الصلاة حيث يقول لأنس بن مالك رضي الله عنه: »يا بني إن استطعت ألا تبيت إلا علي وضوء فافعل فإنه من أتاه الموت وهو علي وضوء أعطي الشهادة« »رواه الطبراني في المعجم الصغير«. وتشير الدراسة إلي أن الإسلام كان سباقاً لفكرة الحجر الصحي وهنا تظهر عظمة الرسول »صلي الله عليه وسلم« وتفرده وابتكاره لفكرة الحجر الصحي قبل أن تعرفه الحضارة الحديثة وقد أراد النبي »صلي الله عليه وسلم« من ذلك حصراً للوباء في أضيق نطاق وقد جاء هذا الحجر الصحي بأمر رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوي ومن ثم يستجيب المؤمن لهذا النداء بدافع العقيدة والإيمان، بعكس الحجر في الثقافات الأخري الذي قد يتفلت منه الكثيرون بالجاه والمال والسلطان. فعن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال »إذا سمعتم به أي بالطاعون بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه« »رواه البخاري«، وقال صلي الله عليه وسلم »إذا وقع الطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع وأنتم بها فلا تخرجوا منها« »رواه أحمد«، وهكذا منع الإسلام الدخول في الأماكن التي ظهر بها الوباء، كمن أراد الدخول إلي دار فرأي بها مثلاً حريقاً تعذر طفؤه، فعدل عن دخولها لئلا يصيبه. وهذا ما فعله سيدنا عمر بن الخطاب حينما ذهب إلي الشام وعلم قبل دخولها أن هناك طاعوناً فاستشار أصحابه في الرجوع واستقر الرأي علي العودة بمن معه بُعداً بهم عن مواطن الخطر.. فقال أبو عبيدة بن الجراح أنفر من قدر الله يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة. نعم نفر من قدر الله إلي قدر الله. أرأيت لو كان لك واديان أحدهما مخصب والآخر مجدب أليس إن رعيت المخصب رعيته بقدر الله؟ وفي الوقت نفسه منع الإسلام الخروج من الأماكن التي ظهر فيها الوباء وهذا ما حدث حينما حدث طاعون عمواس بالشام حيث أرسل الخليفة عمر بن الخطاب إلي أمين الأمة أبي عبيدة بن الجراح بكتاب يقول فيه »إني بدت لي إليك حاجة لا غني لي عنك فيها، فإن أتاك كتابي ليلاً فإني أعزم عليك ألا تصبح حتي تركب إلي وإن أتاك نهاراً فإني أعزم عليك ألا تمسي حتي تركب إلي« فلما أخذ أبو عبيدة كتاب الفاروق عمر قال: قد علمت حاجة أمير المؤمنين إلي فهو يريد أن يستبقي من ليس بباق.