إذا كان المنتخب قد خسر أمام أمريكا، فخسارته ليست نهاية العالم.. وإذا لم يذهب فاروق حسنى، إلى اليونسكو فى أكتوبر المقبل، لا قدر الله، فعدم ذهابه لن يكون نهاية الكون!.. ويجب أن نخوض المعركة، سواء كانت فى الكرة، أو فى اليونسكو، أو فى غيرهما، ونحن على ثقة كاملة فى أنفسنا، سواء كسبنا أو خسرنا، فلايزال بيننا، إلى اليوم، مَنْ يصور موضوع اليونسكو، على أننا لن يكون لنا وجود بعده، ولا للوزير، إذا لم نحصل على هذا المنصب. وما يتعين علينا أن نذكره، أن فاروق حسنى، كوزير، يملك سرًا يعيش عليه، وهذا السر يتمثل فى شيئين لا ثالث لهما: عينه.. ثم خياله! وسواء كان هذا السر عائدًا إلى طبيعته، أو نشأته فى الإسكندرية التى احتضنت ثقافات العالم، أو عمله فى باريس ثم روما حيث الفن يتجسد فى كل ركن، وفى كل إتجاه، ففى الحالات كلها، يبقى أن عينه هذه، قد مكنته من أن يرى أشياء، لم يستطع سابقوه فى منصبه أن يروها، ثم إن خياله كان يسعف عينه فى كل مرة، فتتحول هذه الأشياء، إلى مناطق موحية للفن، وبالفن.. وقد حدث هذا مرارًا، من أول شارع المعز، الذى أصبح متحفًا مفتوحًا، وأصبح غذاء متاحًا للعين، فى أى لحظة، ومرورًا بأوبرا دمنهور، التى صارت بقعة تشع بالنور فى المكان، وانتهاء بالمتحف الكبير، على سفح الهرم.. وليست هذه النماذج الثلاثة، إلا أمثلة، تشير إلى عشرات أخرى وراءها. وليس مهمًا أن يكون قد بقى فى المنصب عشرين عامًا، أو أكثر، أو أقل، ولكن الأهم ماذا ترك من ورائه، حين يأتى يوم نسأل فيه عن حصيلة المشوار.. وإذا كانت خياراته فى رجاله من حوله، قد صادفت سوء حظ، فى بعض الأحيان، فكل مكان وارد أن يكون فيه لصوص لا يجوز أن يفلتوا من العقاب، ولكن لا ينبغى أن ننسى على الجانب الآخر، أن اختياراته هى التى جاءت برجال فى وزن زاهى حواس، أو جابر عصفور، أو فوزى فهمى إلى مواقعهم.. وغيرهم كثيرون! فاروق حسنى، بطبيعته، رجل حالم، وعنده أحلام كبيرة لبلده، ولاتزال أحلامه حية، وممتدة، وممتلئة بما يريده أن يكون، وراغبة فى أن تبنى أكثر من كيان، وهو فوق كل هذا، صاحب عقل مستنير ما أحوجنا إليه، فى مواجهة ظلام يطل علينا فى أكثر من مكان، وكان وجوده فى الخارج، لعدة سنوات، فرصة يتعلم فيها هذا العقل، كيف أن الفن له قيمة عظيمة فى الحياة، وأنه علاج يمنح مناعة ضد التعصب بكل ألوانه! زمان.. كان إسماعيل سراج الدين مرشحًا لليونسكو، ولكن التوفيق لم يحالفه، فخسرته اليونسكو، ولكن فاز به بلده، وكان الفوز من جانب البلد، متجسدًا على أفضل ما يكون، ولايزال، فى مكتبة الإسكندرية التى نفاخر بها عواصم العالم.. ولو خان الحظ فاروق حسنى فى اليونسكو فسوف يفوز به بلده أيضًا، وسوف يفوز به 80 مليونا فى هذا الوطن.. ولو حالفه الحظ فسوف يفوز به العالم.. وفى الحالتين فإن «الحلم» هو الفائز، سواء بقى فى القاهرة، أو غادر إلى باريس!