جدل حول تقرير الخارجية الأمريكية عن الاتجار بالبشر: مصر «الرسمية» ترفضه.. والمنظمات المدنية تؤيده

تباينت ردود الأفعال الرسمية ومنظمات المجتمع المدنى تجاه تقرير الخارجية الأمريكية عن الاتجار بالبشر، الذى صدر الأربعاء الماضى، فبينما انتقدت وزارة الخارجية المصرية التقرير، رافضة أن «تنصب أى دولة نفسها حكماً على أوضاع البشر فى الدول الأخرى»، بحسب ما صرح به أمس الأول السفير حسام زكى، المتحدث الرسمى باسم الوزارة، فقد أيّد ناشطان حقوقيان يعبران عن وجهة نظر المنظمات المدنية، التقرير، مؤكدين أن ما ورد فيه من معلومات «سليم بنسبة كبيرة».
كان التقرير الأمريكى ذكر أن مصر مازالت مصدراً ووسيطاً ومقصداً للاتجار بالنساء والأطفاء بفرض العمالة الإجبارية والاستغلال الجنسى، مشيراً إلى أن أطفال الشوارع فى مصر يقدر عددهم بمليون طفل من الجنسين. ووضع التقرير مصر ضمن قائمة الدول تحت المراقبة للعام الرابع على التوالى.
واتفق ناشطان حقوقيان على صدق التقرير الأمريكى، وأكد نجاد البرعى، رئيس مجلس إدارة مؤسسة تنمية الديمقراطية أن المعلومات الواردة فى التقرير جاءت سليمة بنسبة كبيرة. وقال البرعى: «التقرير رصد حالات الاتجار بالبشر فى مصر، وهى حقيقية، وسبق أن شكونا منها فى المجتمع،
حيث يأتى الخليجيون ويتزوجون من بنات لا يتجاوز عمر الواحدة منهن ال20 عاماً مقابل مبالغ مادية عالية، وهو ما توافق عليه الكثير من الأسر خاصة فى الريف»، مرجعاً ذلك إلى حالة الفقر المدقع الذى يعانى منه الكثير من الناس خاصة فى القرى.
ورفض البرعى قول التقرير إن مصر تحولت إلى معبر للاتجار الجنسى فى النساء، مشيراً إلى أن هذا الكلام لا يمكن أن ينطبق على مصر، وإنما ينطبق على عدد من دول الاتحاد الأوروبى.
وأوضح أن استمرار وضع مصر فى قائمة الدول تحت المراقبة للعام الرابع على التوالى، يعنى أن هناك جهوداً مبذولة من قبل الحكومة فى مجال مكافحة الاتجار بالبشر، إلا أن هذه الجهود لم تثمر عن توقف هذا الأمر.
وحول الانتقادات التى وجهتها وزارة الخارجية للتقرير، أشار البرعى إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة أكدت أنه من حق أى دولة أن تنتقد أوضاع حقوق الإنسان والاتجار بالبشر فى الولايات المتحدة، وتوجيه اللوم للإدارة الأمريكية،
لذلك يصبح من حق واشنطن أن تصدر تقارير تتناول أوضاع حقوق الإنسان فى أى بلد، لافتاً إلى أن الخارجية المصرية اعتادت تكذيب كل ما يأتى فى هذه التقارير، وتعتقد أن الوضع الداخلى لحقوق الإنسان فى أبهى صوره.
من جهته، أوضح حافظ أبوسعدة، الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن غالبية التقارير التى تصدر تكون أرقامها صحيحة، مشيراً إلى أن السياحة الجنسية انتشرت فى مصر خلال الفترة الأخيرة بدرجة كبيرة خاصة فى بعض المناطق التى اشتهرت بذلك.
وقال أبوسعدة إن مصر أصبحت تستقبل الوافدات للسياحة الجنسية من روسيا وغيرها من الدول، مستطرداً: «لكن التعامل مع هذا الموضوع له حساسية خاصة، نظراً لأنه يتم على عدد من المستويات، بحيث لا تتسبب أى إجراءات يتم اتخاذها فى التأثير على معدلات تدفق الحركة السياحية فى مصر».
ورفض أبوسعدة اتهام الخارجية المصرية للتقرير بأنه غير مستند إلى المعايير الدولية، مشيراً إلى أن التقرير يختلف بالطبع عن التقارير التى تصدرها الأمم المتحدة، إلا أنه لم يأت إلا بالواقع الذى نعيش فيه، مطالباً بضرورة أن «نعترف بالمشكلات التى تواجهنا لكى نتمكن من حلها».