ولدت الصحافة المصرية كصحافة خاصة، لكنها لم تكن تعرف مصطلح «المستقلة» إذ كانت تعبر عن توجهات سياسية مختلفة. وبمرور الوقت صارت صوت الأحزاب، وعندما تأممت الصحافة وألغيت الأحزاب صارت الصحف حكومية ذات خطاب أحادى تقتصر وظيفتها ورسالتها على تجميل وجه النظام. ومع عودة الأحزاب بصحفها أصبح المشهد الإعلامى المكتوب منقسماً إلى وجهين، الأول رسمى والثانى معارض. وفى منتصف تسعينيات القرن الماضى ظهرت الصحف الخاصة على استحياء بالتحايل على الإجراءات، إذ كانت تحصل على تراخيص قبرصية وأكثرها كان موصوماً بأنه صحف بير السلم إذ كانت تخاطب الغرائز وتتاجر فى فضائح ملفقة إلى أن بدأت تلوح فى الأفق تجارب فردية متفرقة لصحف خاصة مثل «الدستور» فى تجربتها الأولى، لكنها أغلقت بعدما اجترأت على بعض التابوهات السياسية وكانت أقرب إلى الصحافة المعارضة ثم ظهرت «الأسبوع» التى أسسها مصطفى بكرى. وتحققت الانفراجة الحقيقية بصدور مجموعة من الصحف الخاصة، التى أثرت المشهد الصحفى غير أن بعضاً من هذه الصحف تبنى الخطاب المعارض وبعضها الآخر تبنى الخطاب الحكومى. وفى هذه الأجواء كان مشروع إصدار «المصرى اليوم» يسعى إلى تحقيق معادلة تقديم صحيفة مستقلة تعتمد على المعايير المهنية. وكان العدد التجريبى الزيرو برئاسة تحرير الراحل مجدى مهنا، أحد المشاركين الأوائل فى تأسيس الجريدة، غير أن المشروع ظل متوقفا، حتى صدر العدد التجريبى الثانى فى 24 مايو 2004، وعلى الصفحة الأخيرة كان مقال أنور الهوارى، رئيس التحرير، آنذاك بعنوان «مأزق صحيفة أم مأزق أمة؟» توقع فيه نجاح «المصرى اليوم» فى ظل تعطش المواطن للكلمة الحرة. صدر العدد الأول فى مثل هذا اليوم 7 يونيو من 2004 وأصبحت «المصرى اليوم» مدرسة للصحافة المستقلة، وقدمت وجوها شابة نابغة، وفتحت صفحاتها للرأى والرأى الآخر وحققت العشرات من الانفرادات المشفوعة بالقرائن، وحظيت باحترام كل التيارات ليس فى مصر فقط، بل فى العالم العربى وبالأخص مع تأسيس موقع إلكترونى للصحيفة.