من ضاحية «ميت عقبة» هبت على الوطن، نسمة ديمقراطية أثلجت الصدر وأنعشت النفس المعتلة.. هناك جرت انتخابات غير مسبوقة.. تنافست خلالها ثلاث قوائم، تضم كل منها شخصيات محترمة.. عرض كل منهم رؤيته وبرامجه، فى مناخ شديد التحضر.. تابعهم الإعلام بتحيز واضح، لهذا الطرف أو ذاك.. وزعم كل منحاز أنه موضوعى ومحايد!! لكن الناخب الذى يفترض فيه الانحياز -وهذا حقه- ظهر أكثر حيدة وموضوعية.. لأنه لم ينفعل أو يصرخ، كما صرخ أولئك من الذين يمارسون «الحياد الأسود»!! «الحياد الإعلامى الأسود» منهج يمكنك أن تضبط صاحبه متلبساً بارتكابه مع قليل من الجهد.. فأصحابه يعتقدون أن المتلقى يرفل فى ثوب البلاهة.. والحقيقة عكس ذلك تماماً.. والدليل الناصع على ذلك، يتمثل فى إقبال لم نعهده على أعضاء نادى الزمالك العريق.. وإن قال أحدهم إن الإعلام هو الذى حرك أولئك كناخبين.. فهو لا يرى لكونه يرتدى نظارة «الحياد الأسود»!! وبغض النظر عن النتيجة.. فالفائز هو كل عضو زملكاوى اندفع ليعلن اختياره، للذى يعتقد أنه الأصلح والأكثر قدرة على القيادة.. كما أن هذا القطاع يمثل نموذجاً لمصر المتحضرة القادرة على ممارسة الديمقراطية، دون وصاية ولا تزييف من «مرشد المحظورة» ولا هذا الأمين العام للحزب الوطنى.. والمثير أن نادى الزمالك الذى يمثل جزءاً صغيراً فى دائرة «الدقى والعجوزة» الانتخابية شارك فى انتخاباته أكثر من أربعة أضعاف الذين يدلون بأصواتهم فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى.. أى أن هناك ساقطين فى انتخابات الزمالك، لديهم دعم جماهيرى حقيقى -أصوات- يفوق ما وصل به نواب إلى البرلمان.. وتلك مفارقة تؤكد أن المصريين قادرون على ممارسة الديمقراطية بكل مسؤولية، وأن الذين يزعمون أننا نعيش «أزهى عصور الديمقراطية» معهم كل الحق.. لو كانت مصر على حال نادى الزمالك، وباقى الأندية والاتحادات الرياضية.. أما الزهو بأزهى عصور الديمقراطية، على طريقة «الريادة الإعلامية» التى كان يرددها أحدنا.. فهى «ريالة ديمقراطية» تعكس حالة البلاهة التى ينعم بها ذاك القادر على قلب الكذب إلى حقيقة.. معتقداً أننا نصدقه، كما اعتقد كل من مارس -ويمارس- الحياد الإعلامى الأسود!! [email protected]