كل مَنْ تابع قضية مقتل المطربة سوزان تميم فى المحكمة توقع صدور حكم الإعدام ضد محسن السكرى، والعقوبة نفسها أو أقل قليلاً «المؤبد» على المتهم الثانى رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى.. هذا ما توقعه الكثيرون بمن فيهم زميلنا الصحفى المتميز «يسرى البدرى»، الذى حضر جميع جلسات المحاكمة.. لكن يبدو أن الوحيد الذى لم يتوقع الحكم كان المحامى الشهير فريد الديب، ويبدو أنه عكس ذلك على هشام طلعت وأسرته، لدرجة أنهم جهّزوا احتفالات ما بعد البراءة.. لذا فقد خرج «الديب» فى برنامج «البيت بيتك» يعيد مرافعته ويتناول شخص المستشار المحمدى قنصوة، متهماً إياه بانتهاء الحيدة والنقاء والشفافية، وهى اتهامات أثارت استياء كل من شاهدها أو سمعها، لأن «الديب» الذى يعتبر بلا شك من ألمع المحامين فى مصر، وأعتقد أنه يتقاضى الملايين سواء بالجنيه المصرى أو الدولار الأمريكى فى مثل هذه القضايا، كما أنه من رجال القضاء السابقين يعلم أنه لا يمكن التشكيك فى علاقة قاض بمحام، لأن القضاة تربطهم بالمحامين حتماً علاقة زمالة فى الدراسة وعمل، وبالتالى فلا يعيب القاضى أن يكون أصدقاؤه من المحامين، فما بالنا أن المحامى الذى تحدث عنه «الديب»، مدع بالحق المدنى، وليس محامى المجنى عليهم.. كما أن المحامى الشهير ذكر هذه الواقعة أثناء الجلسات ورد عليه المستشار قنصوة بأنه لا يعرف هذا المحامى، ولا يجد حرجاً فى نظر الدعوى.. وكان بإمكان «الديب» أثناء نظر القضية، إذا امتلك أدلة إثبات العلاقة، أن يتخذ الإجراءات القانونية من خلال رد هيئة المحكمة، وفى هذه الحالة سيعرض الأمر على دائرة أخرى من دوائر المحكمة للنظر فى مدى سلامتها، فإذا تبين لها مجرد التشكيك فى تواصل هذه الحيدة حالت بين القاضى ونظر الدعوى.. أما وأن الديب لم يفعل ذلك وظل يدافع عن موكله حتى صدر الحكم فى غير صالحه، فكان لا يجب أن يشكك فى حيدة «القاضى»، خاصة أن «الديب» من رجال القضاء السابقين ويعلم خطورة هذا الأمر. وإذا كان المحامى الشهير لم يتخذ هذا الإجراء أثناء المحاكمة، رغم قناعته به، فإنه يكون قد أخل إخلالاً جسيماً فى حق موكله.. أما وقد أثاره بعد صدور القرار فظنى أن شبهة الكيد والانتقام واضحة وجلية، ويصبح دفاع الديب فى برنامج «البيت بيتك» دفاعاً عن نفسه وسمعته ومهنيته وليس دفاعاً عن هشام طلعت مصطفى. ■ لو كانت هذه الانتهاكات قد جرت فى إحدى الفضائيات الخاصة لقامت الدنيا كلها لتتحدث عن هيبة القضاء وميثاق الشرف الإعلامى وقانون البث الفضائى، ويمكن أن يصل الأمر إلى اتهامات مثل تكدير السلم العام وهدم السلام الاجتماعى، أما وأنها تمت داخل التليفزيون المصرى العريق، فلم يتحدث أحد عن زواج المال من السلطة، أو إدارة المرافق العامة بنظام العزب الخاصة!