مع اقتراب موعد غلق باب الترشيح على منصب مدير عام منظمة «اليونسكو» يوم 31 مايو الجارى، تزايد الهجوم من جانب الكتاب الموالين لإسرائيل على فاروق حسنى، وزير الثقافة، مرشح مصر لهذا المنصب الدولى، على الرغم من وجود «صفقة» بين القاهرة وتل أبيب توقف بموجبها الأخيرة حملتها الرسمية ضد حسنى، ولكن يبدو أن إيقاف الحملة الرسمية لا يعنى وقف هجوم الكتاب الموالين لها على وزير الثقافة. نشر 3 كتاب، هم: الفيلسوف برنارد ليفى، وأستاذ التاريخ الحديث كلاود لانزمان، وإيلى فايزل، الحاصل على نوبل للسلام عام 1986، مقالاً فى صحيفة لوموند الفرنسية هاجموا فيه حسنى بسبب رفضه التطبيع الثقافى مع إسرائيل، معتمدين على بعض التصريحات التى نشرت فى الصحف فى هذا الصدد، ومن بينها تصريحاته حول حرق الكتب الإسرائيلية، ولم يقف الأمر عند انتقاده فحسب، بل امتد لمطالبة الرئيس حسنى مبارك بسحب ترشيحه. ما جاء فى الصحيفة الفرنسية وغيره مما يمكن وصفة ب»الحملة المدروسة» للنيل من مرشح مصر، قوبل بانتقادات واسعة من عدد من الكتاب والمثقفين المصريين، مطالبين بدعم ترشيح حسنى، فى الانتخابات المقرر عقدها فى أكتوبر المقبل، وتجاوز أى خلافات شخصية معه، خاصة أنه بات الآن مرشحاً باسم مصر والعرب. قال الناقد الدكتور صلاح فضل: «من الطبيعى إن يهاجم كتاب عنصريون يدينون بالصهيونية أى ممثل للثقافة العربية، خاصة إذا كان بحجم حسنى، الذى امتص روح الصمود من مثقفى مصر، واستجاب لنداء ضمائرهم وقاوم بمهارة فائقة ضرورات منصبه كوزير رسمى فى بلد عقد معاهدة صلح مع عدوه» مشيراً إلى أن وزير الثقافة كان «صوتاً مخلصا فى كتيبة المثقفين المصريين، والذين لا تدفعهم أى عصبية ضد اليهود ولا ضد أى دين سماوى مقدس، ولا أى عداء للسامية لأنهم، ببساطة، ساميون». ودعا فضل كل المثقفين العرب إلى تجاوز خلافاتهم وتحفظاتهم على حسنى كشخص، لينهضوا على المستوى العالمى لنصرته كرمز فى معركة اليونسكو لأنه «مثقف فنان وليس مجرد موظف بيروقراطى فى جهاز إدارى، وهو رمز للثقافة المصرية التى تعد فى تقدير كل العارفين من أبناء الأمم الأخرى فى طليعة الثقافات الإنسانية تاريخياً، معتبرا العداء لحسنى «عداء لمصر والثقافة الإنسانية كلها». وقال محمد سلماوى، رئيس اتحاد الكتاب العرب والمصريين، إن المقال الذى نشرته صحيفة لوموند أثار استياء عدد من المثقفين الفرنسيين، ودفعهم إلى إعداد بيان مضاد، من المقرر أن ينشر فى نفس الصحيفة (لوموند) خلال الأيام المقبلة. وأضاف سلماوى: «الكُتّاب الثلاثة معروفون بولائهم وانتمائهم لإسرائيل، كما أن المقال كان مليئاً بالمغالطات والمعلومات الخاطئة، حتى فى عدد السنين التى قضاها حسنى وزيرا للثقافة، إضافة إلى أنه يركز على انتقادات الوزير لإسرائيل، ولم يرد به أى شىء خاص باليونسكو، التى من المفترض أنه كتب دفاعا عنها». وحول موقف الولاياتالمتحدة المناهض لترشيح حسنى، قال سلماوى إن موقفها ليس بهذه الأهمية، فهى لا تملك حق الفيتو، لكنها صوت له نفوذ ويمكن أن تمارس ضغوطا على بعض الدول، مشيراً إلى أن مرحلة الرأى العام «تنتهى بإغلاق باب الترشيح، ليبدأ وقت العمل السياسى، وفى هذه المرحلة يجب أن تتحرك الدولة حفاظا على مصر ومكانتها، للحيلولة دون التعرض لمصر بهذا الشكل غير المقبول من جانب اسرائيل». وأكد الدكتور جابر عصفور، رئيس المركز القومى للترجمة، دعم مثقفى مصر للوزير، مشيرا إلى أن الاتهامات الاسرائيلية له «ملفقة والمقصود منها منع وصول مرشح عربى لليونسكو، كجزء من العداء الإسرائيلى التاريخى للعرب رغم كل ما تدعيه عن نصرتها للسلام». وقال عصفور إن إسرائيل تتعلل بحجج واهية ليس لها أساس، وتقول إن حسنى دعا لحرق الكتب، وهو من أكثر الناس احتراما للكتب، بدليل كم الإصدارات فى عهده والحرية المتاحة للكتاب والمبدعين، «وانفتاحه على كل الثقافات بما فى ذلك الإسرائيلية قياسا على مبدأ اعرف عدوك». وأضاف أن إسرائيل تحاول التأثير على الولاياتالمتحدة التى تدفع 20% من ميزانية المنظمة، معرباً عن اعتقاده بأن واشنطن «لن تستجيب» لها فى ظل الإدارة الأمريكيةالجديدة التى تحاول تصحيح صورة الولاياتالمتحدة». بينما قالت الكاتبة الصحفية صافيناز كاظم إن المقال «خير دعاية لحسنى»، موضحة أن بعض الأصوات فى الداخل كانت تعارض ترشيحه باعتباره ليس خير من يمثل مصر ودورها الحضارى فى اليونسكو، وأنه قد يخضع للابتزازات الإسرائيلية، وهذا لا يدعم فرحتنا بوجود مصرى فى هذا المكان، وهذا المقال يعد دعاية تنفى هذه التوجسات والمخاوف المصرية تجاه وزير الثقافة.