تخيلنا أن المجلات الأسبوعية قد ماتت ودفنت وأخذنا عزاءها فى عمر مكرم ونقابة الصحفيين، كانت روز اليوسف فى عصرالأساتذة صلاح حافظ وفتحى غانم، ثم فى عصر صانع النجوم الأستاذ عادل حمودة، ومعها نصف الدنيا، فى زمن سناء البيسى - آخر تجربة ناجحة لمجلة أسبوعية استطاعت تحقيق جماهيرية كاسحة من خلال مدرسة صحفية متميزة، كنت قد افتقدت بعدها إحساس اللهفة والاشتياق لاقتناء مجلة وانتظار منتصف الليل حتى أنزل إلى الشارع وأشترى العدد من على الرصيف وألتهمه على سريرى حتى الفجر، كنت لا أحتمل انتظار مشرق الشمس حتى أشتريها مع القراء، فمن المؤكد أن هناك خبطة صحفية أو سبقاً إعلامياً أو تحليلاً فنياً أو قراءة سياسية مختلفة فى روزا أو ملفاً دسماً وثائقياً فى نصف الدنيا، لذلك كانت روز اليوسف ونصف الدنيا هما الوجبة الدسمة الأسبوعية التى تغنينا سعراتها الحرارية الفكرية المتمردة عن عزومات المجلات الخليجية، وتشبعنا فيتاميناتها أسبوعاً كاملاً. انتظرنا طويلاً حتى جاء الصحفى المعلم حمدى رزق ليرأس تحرير مجلة المصور و ليمنحنا نفس الإحساس والعبق القديم لروز اليوسف، الزمن غير الزمن، والظروف مختلفة، الصحف اليومية المستقلة مكتسحة وجريئة وتتابع عبر طبعاتها المختلفة الأخبار الطازجة الخارجة تواً من فرن الأحداث الملتهبة، وهى لم تكتف فقط بمتابعة الأحداث ولكنها أحياناً تصنع الأحداث وتلقى حجراً فى البحيرة الراكدة، الفضائيات وبرامج التوك شو خلقت حراكاً إعلامياً غير مسبوق، مواقع ومنتديات النت تتابع وتعلق أولاً بأول وتتعقب الأخبار ثانية بثانية، هنا التميز ليس رفاهية أو ترفاً، ولكنه شرط ضرورى للحياة، فى هذا المناخ قبل حمدى رزق التحدى ولم يخذلنا وخرجت مجلة «المصور» بزيها الجديد وكسبت السباق وكسبت معه ثقتنا واحترامنا . هذه ليست تهنئة لحمدى رزق ولكنها محاولة لاستعراض تجربة ناجحة وللتأكيد على أنه لا يوجد مستحيل، وأنه لايوجد شىء اسمه انقراض كتاب بسبب إنترنت، أو مجلة بسبب جرنال يومى، أو برنامج تليفزيونى أسبوعى بسبب توك شو يومى، ولكن هناك شيئاً واحداً فقط اسمه الجدية والمصداقية والتميز، هذا مايمنح مشروعك قبلة الحياة وأوكسجين الاستمرار والتجدد، الرؤية الواضحة، وأن يكون لديك قضية هى شفرة النجاح وباسوورد الإبداع فى مجلة المصور، التنوير وفضح مخططات الدجل السياسى باسم الدين وتحت شعار المصحف والسيف، الهم المصرى أولاً، استعراض الموضوع بطريقة رأسية لا أفقية، من جذور الأرض لا من حشائش السطح، الملف الكامل الوافى بديلاً عن اللقطات السريعة، التنوع البعيد عن العشوائية ووحدة المنهج البعيدة عن الصوت الواحد ومنهج البرافدا وزمن أحمد سعيد، كل هذا كان مفتاح نجاح حمدى رزق وعصاه السحرية، وهو ماجعلنا نقول إن المجلات الأسبوعية لا تموت، ولكنها العقول الكسولة هى التى تفنى وتموت .