يعض الحزن بنواجذه علينا هذه الأيام.. أعتذر، لن أستطيع أن أكتب فى الهم العام.. لن أكتب عن هشام طلعت مصطفى وسوزان تميم، وما إذا كان يستحق الإعدام أم لا! لن أكتب عن القمح أو أوباما، أو المجهول الذى حرق وجه أيمن نور بمبيد حشرى! أو القبض على مرتكبى حادث الحسين.. أو صراعات المحامين على نقيب لهم.. تبدو كل الصراعات.. كل الخلافات.. كل القضايا تافهة.. صغيرة.. أمام حزنها. أكتب لها.. هذه المرة.. هذه الفراشة الهادئة.. التى طالما كانت بعيدة عن الأضواء.. رفضت أن تكون تحت النور.. رفضت أن تتعقبها الأضواء.. قررت أن تكون هى أم لأسرة صغيرة، همها الأول هو أولادها.. وحلمها الأول كان أولادها.. وجاء اختبارها الأهم فى أحدهما.. كان اختيارها منذ البداية أن تعيش حياتها.. بعيداً عن قصر الرئاسة.. وقيوده وتقاليده.. لكنها أبداً لم تكسر قواعده.. لم نسمع عنها أبداً حكاية أو شائعة.. كانت فقط تحلم أن تكون سعيدة.. لكن القدر سرق فرحتها الأولى بكل قسوة.. ونحن بقضاء الله راضون. سألت صديقة لى عاشت نفس الظروف: بماذا ندعو لها؟! قالت: بالرضا.. وأردفت: أن يغمس الله عليها الرضا بالقضاء.. أن تصل إلى قناعة بأن ما حدث لها ليس عقاباً من الله.. لكنه نعمة، باب فتح لها إلى الجنة.. فهذا الطفل سيأخذ بيدها إلى الجنة. الرضا – قالت صديقتى – هو الثلج الوحيد الذى يمكن أن يهدئ من لوعة نارها.. سيبقى جزءًا منها هناك.. لن يعود، لكن الرضا سيساعدها.. وكيف لها أن تصل إلى هذا الرضا: إنه الله.. الإقتراب من الله كثيراً.. فلا ملاذ لها غيره ولا ملجأ لنا إلا هو. لماذا أنا ؟! لابد أنها تسأل.. ولا إجابة لدى أحد سوى أنه ابتلاء.. اختبار.. لماذا السؤال ياعزيزتى إذا كنا لا نملك إجابة؟ أحزانها تخلع قلبى.. ليس لأنها زوجة ابن الرئيس.. لكن لأنها أم.. ربما يقول البعض.. آلاف الأمهات يفقدن أبناءهم.. ولكل هؤلاء تنخلع قلوبنا. لا أستطيع أن أقول لها لا تحزنى.. فسأبدو ساذجة.. بل احزنى.. دموعك تحرقنا جميعاً.. لكنك يجب أن تنهضى.. فهناك ابن آخر يحتاجك.. يحتاج صلابتك.. يحتاج حضنك.. يحتاج أمانك. أعتذر لكل القراء الذين انتظروا أن أكتب عن مشكلاتهم أو الشأن العام.. حاولت.. لم أقدر.. لم يطاوعنى القلم.. لا أقدر.. فأحزانها التى نشعر بها جميعا كأمهات تحرقنا. هيدى.. أمسك الله على قلبك بكثير من الرضا.. هكذا أدعو لك مع كل صلاة. [email protected]